الدولة التي تعادي العلم لن تقوم لها قائمة، وهذا ما كان فطوال الثلاثين عاما الماضية كانت الدولة تبدو وكأنها تعادي العلم والعلماء وتقصي كل كفاءة. سنوات طويلة تابعت فيها المعرض الدولي للاختراعات الذي تنظمه المنظمة العالمية للملكية الفكرية في جنيف، ولم أر ولا مرة واحدة مخترعا مصريا يشارك في هذا المعرض الذي يعد الأهم علي مستوي العالم لأنه يمثل بوابة يجب ان يمر الاختراع عبرها من مرحلة الفكرة الي مرحلة التصنيع التجاري والانتشار. والغريب ان ثلاثة مصريين شاركوا في المعرض الذي اقيم هذا الاسبوع، بل ان الشركات العالمية تهافتت علي اختراع لأستاذين في جامعة حلوان هما المهندس محمد السيد والدكتور طارق البهجوري ويخص اختبارات الغاز الطبيعي وبدأت صياغة التعاقدات للتسويق عالميا كما لفت الانظار جهاز ابتكره استاذ طب الاطفال بجامعة القاهرة الدكتور وائل لطفي ويخص التخدير في العمود الفقري. قد تكون هذه المشاركة بعد سقوط النظام السابق من قبيل المصادفة، اا لابد ان اصحابها قد اعدوا لها منذ زمن. لكن الاكيد ان هذه المشاركة ايضا ومن قبيل الفأل الحسن تشير لنا علي طريق جديد يجب ان تسير فيه مصر بعد ان خاصمته سنين طويلة. لكن الطريق يبدو ممهدا الآن للحصول علي المساعدة في هذا الشأن بعد الصورة الرائعة التي اعطتها مصر عن نفسها في ميدان التحرير في كل مكان، هناك تعاطف مع مصر ومع شبابها. وهناك رغبة حقيقية من المجتمع الدولي لتقديم المساعدة الي مصر وهذه المساعدة ليست من قبيل الصدقة او الاحسان وانما من قبيل ادراكهم لأهمية الدور الذي تلعبه مصر في منطقتها بل وفي العالم كله، وان اي قلاقل في مصر حتما وبالضرورة سوف تنتقل الي محيطها الاقليمي والعالمي. والكرة الآن في ملعب الحكومة المصرية برئاسة الدكتور عصام شرف والذي نعلم انه يقدر قيمة العلم والذي ربما لهذا السبب خرج سريعا من الحكومة في العهد السابق. لكن الان عليه ان يطبق ما يؤمن به وان يقدم الدعم لشباب المخترعين المصريين سواء المادي والمعنوي بما يفتح الطريق امامهم للوصول الي المعارض العالمية ومنها الي الاسواق العالمية.