علي مدار أكثر من أربع ساعات تابعت وسائل الإعلام العالمية، رحلة تمثال بسماتيَك الأول الذي اكتشف مؤخرا في منطقة سوق الخميس بالمطرية علي يد بعثة أثرية ألمانية.. وتم نقله من المطرية إلي المتحف المصري بالتحرير.. نقلت الفضائيات والمواقع مراحل النقل لحظة بلحظة. استلزم نقل التمثال استعدادات خاصة، وتجهيزات تليق بملك لم تتوافر إلا لدي القوات المسلحة التي أتاحت كافة التسهيلات والدعم اللوجيستي لتأمين تحميل التمثال من موقع الكشف، مرورا بالشوارع والكباري التي مر بها موكب تمثال الفرعون المصري.. وحبس العالم أنفاسه أثناء الكشف، وحبسها مرة أخري أثناء نقل التمثال، وها هو يحبسها مرة أخري عندما أعلن د. خالد العناني وزير الآثار عن مفاجأة من العيار الثقيل في المؤتمر الصحفي العالمي الذي دعا إليه بحضور يحيي راشد وزير السياحة، عندما أعلن عن الاسم الحقيقي لصاحب التمثال وهو »بسماتيَك الأول». مؤتمر صحفي عالمي ونظمت وزارة الآثار احتفالية بحديقة المتحف المصري بالتحرير مساء أمس مؤتمرا صحفيا فجر خلاله د.خالد العناني وزير الآثار، مفاجأة عن هوية التمثال الملكي، الذي كان يعتقد أنه للملك »رمسيس الثاني»، وتم اكتشافه بمنطقة سوق الخميس الأثرية بالمطرية» مدينة هليوبوليس القديمة»، أمام بوابة معبد الملك »رمسيس الثاني» حيث رُجح أنه يعود إليه.. بواسطة البعثة المصرية الألمانية الأثرية المشتركة.. قال: أنه رجحت الدراسات الأولية التي أجريت علي أجزاء التمثال من خلال الكتابات »الهيروغليفية» أنه يرجع للملك» بسماتيك الأول» من الأسرة السادسة والعشرين» 664-610»، وأضاف: أنه وجد علي ظهر التمثال نقش لأحد الأسماء الخمسة للملك - »نب عا»، وهو الاسم الذي يعرف في علم الآثار بالاسم - »النب تي»، وأوضح د. خالد العناني، أن هذا التمثال من أضخم التماثيل، التي ترجع إلي -»العصر المتأخر» في مصر، ويثبت وجود العديد من التفاصيل الفنية المختلفة الموجودة بالتمثال، والتي كانت السمة الواضحة في عصر الأسرة - »السادسة والعشرين» وهو ما يعرف في الفن المصري القديم بمصطلح» فن محاكاة الماضي»أو»الأركاكيزم»، لتقليد فن الدولة القديمة والوسطي، ونحت التمثال من حجر »الكوارتزيت» الذي تم جلبه من الجبل الأحمر »مدينة نصر حاليا»، الذي من المتوقع أن يبلغ ارتفاعه حوالي 9 أمتار كاملاً.، عثر عليهما علي عمق 2 متر تحت منسوب المياه الجوفية ويزنا قرابه 10 أطنان الأمر الذي جعل طريقة تحديد مكانيهما ونقلهما صعبة للغاية نظراً لوجودهما داخل المنطقة السكنية. »بسماتيك الأول» وأشار د. خالد العناني، إنه رغم هذا لا تزال هناك إحتمالية ضعيفة أو بسيطة أن يكون الملك» بسماتيك الأول» قد أعاد إستخدام تمثال »رمسيس الثاني»، ذلك يحتاج لمزيد من البحث والدراسة، وطلب وزير الآثار إعطاء الوقت الكافي لعلماء الآثار المتخصصين للتأكد من بقية النصوص بالتمثال، وأوضح أنه عقب الكشف عن التمثال ورفعه مباشرة اعضاء البعثة المصرية الألمانية وقاموا بتصوير العلامات الموجودة خلف التمثال، ووجدنا 4 علامات هيروغليفية علي اليسار النص الخطي طائر مقطوع ومتبق منه ذيله وثعبان الكوبرا، وهو لقب» نب تي» للفرعون والمفاجأة أن»نب تي» هو اللقب الثاني »صاحب الذراع القوية»، وهو الملك» بسماتيك الأول» من الأسرة 26، وطلبنا متخصص في فن النحت ووجدنا أنه الأسم الوحيد الذي حمله ذلك الملك الذي حكم نحو 54 عاماً.. حضر الاحتفال يحيي راشد وزير السياحة، زوج ملكة الدنمارك، وسفراء والمستشاريين الثقافيين ورؤساء البعثات والأجنبية، وعدد من المحافظين، وسحر طلعت رئيس لجنة السياحة بمجلس البرلمان وعدد من أعضاءه، الذين قاموا بإزاحة الستار عن التمثال بحديقة المتحف.. شارك في المؤتمر الصحفي العالمي أعضاء البعثة المصرية، كما شارك في الإحتفالية خبراء الآثار د. أيمن عشماوي رئيس البعثة المصرية، ود.»ديترش راو» رئيس الفريق الألماني، وخبراء الترميم ونقل الآثار الثقيلة بالمتحف المصري الكبير بالرماية برئاسة عيسي زيدان، والمتحف المصري بالتحرير برئاسة د. مؤمن عثمان، وكذلك فريق العمال الذين تحملوا مشقة العمل والظروف الصعبة وسط المياه لإنجاز مهمة استخراج التمثال العملاق بنجاح، الذين أشاد بهم الوزير خلال الإحتفالية. مردود إيجابي أكد د. خالد العناني، أن التوصل لهذا الكشف الأثري الهام له مردود إيجابي كبير في لفت أنظار العالم إلي مصر بصورة فائقة من التشويق والترقب نظراً لعراقة الحضارة المصرية من كنوز تبهر العالم.. كما عرضت وزارة الآثار في الحفل فيلما تسجيلياً حول مراحل توثيق عمل البعثة المصرية الألمانية في منطقة آثار المطرية يرصد تاريخ عمل البعثة المصرية الألمانية المُشتركة في الموقع بالمنطقة الآثرية منذ عام 2002، وتفاصيل العثور علي التمثال العملاق، والظروف الصعبة المُحيطة والمصاحبة لانتشاله علي جزءين من مياه جوفية ومنطقة سكنية عشوائية، ويتم عرض القطع الأثرية بالمتحف المصري بالتحرير بالمعرض مؤقت تمهيداً لنقلها للمتحف المصري الكبير، لدخولها معامل الترميم وعرضها خلال الافتتاح الجزئي للمتحف في 2018، وقد نجحت وزارة الآثار من خلال مرممي المتحف المصري الكبير والمتحف المصري بالتحرير ومرممي وأثري منطقة آثار المطرية بالإضافة إلي عمال مدربين علي أعمال نقل التماثيل والأحجار كبيرة الحجم، في انتشال جزئي التمثال ونقلهما إلي المتحف المصري بالتحرير فجر أمس. سيخضع التمثال إلي أعمال الترميم كما سيعرض مؤقتاً لحين نقله إلي المتحف المصري الكبير المقرر افتتاحه في منتصف عام 2018. وقد تم النقل بمساعدة إدارة النقل بالقوات المسلحة المصرية .. كما يعرض إلي جانب جزئي التمثال، نقش يصور تمثال الملك »بسماتيك الأول» باسطا يده إلي اليمين يمارس طقس العطور السبعة للمعبودة موت. وتم العثور علي هذا النقش في بقايا المعبد الثاني للملك رمسيس الثاني.. ويعد معبد المطرية أحد أهم المناطق الدينية في العصور المصرية القديمة حيث أنه كان يعتبر بيت خالق الكون اله الشمس. فعلي امتداد 2400 عام بني جميع ملوك العصور الفرعونية القديمة صروح ضخمة في هذا المعبد ولكن دمر في العصور القديمة منذ نهاية العصر الروماني وحتي العصر المملوكي، حيث استخدمت أحجاره لبناء مباني في القاهرة مثل باب النصر وغيرها. بداية الرحلة كانت الرحلة قد انطلقت في تمام الساعة الواحدة من صباح أمس، وقام خبراء وزارة الآثار بالتعاون مع إدارة النقل بالقوات المسلحة بعمليات تحميل الآثار علي الناقلة العملاقة السيارة البالغ طولها 11 متراً، واستغرقت رحلة النقل القطع الأثرية بسلام وأمان للمتحف المصري حوالي 4 ساعات، تمهيداً لإقامة المعرض الأثري المؤقت مساء أمس، لينتقل بعد فترة تمثال »بسماتيك الأول» مرة أخري للمتحف المصري الكبير بالرماية. يقول د. أيمن عشماوي، رئيس الفريق المصري بالبعثة المصرية الألمانية المُشتركة- الذي كان مرافقاً لرحلة نقل الآثار من المطرية حتي المتحف المصري بالتحرير، لقد تمت عمليات التجهيز للتحميل والنقل وتم اتخاذ عدد من الإجراءات لضمان سلامة الآثار المنقولة داخل صناديق خشبية مُجهزة، وتضم 6 قطع أثرية منها التمثال الضخم ل»بسماتيك الأول» ويزن حوالي 10 أطنان مقسم علي جزءين من حجر الكوارتزيت. وأضاف: تم تثبيت التمثال علي قواعد خشبية مُغطاة بالفوم المُقوي، وتغليفها بمواد مبطنة آمنه خالية من الحموضة، وتثبيتها بأحزمة أمان داخل صندوق خشبي، تم رفعها باستخدام النظام الحديث المُناسب بالونش »التلسكوبي» بحمولة 70 طناً، وكذلك بأحزمة الربط المعروفة ب »الصبانات» بحمولة حتي 20 طناً لتحميله علي السيارة، وهي نفس طريقة رفعه من الحفرة التي اكتشف بها التمثال علي عمق 2 متر تحت الأرض مغموراً بالمياه.. بالإضافة إلي قطعتين من الحجر تم العثور عليهما بالموقع عليهما بعض النقوش والمناظر الدينية ملونة عليهما خرطوش باسم »رمسيس الثاني» تعود للأسرة التاسعة عشر من الدولة الحديثة، وقطعة كورنيش »أفريز» ملون لنقش من الحجر الجيري للملك »سيتي الأول». وأضاف: تحرك الموكب في موعده المقرر في الواحدة صباح أمس، سبقه في الساعة الرابعة من عصر أمس الأول، قيام خبراء وزارة الآثار بالتعاون مع إدارة النقل بالقوات المسلحة بالبدء في عمليات النقل والتأمين والتحميل للآثار المُكتشفة، وكان من المُقرر أن تصل السيارة البالغ طولها 11 متراً التابعة للقوات المسلحة والمُجهزة، والمُحملة بالقطع الآثرية من المطرية للمتحف المصري بالتحرير في ساعة مبكرة في الواحدة صباح اليوم، وقامت السيارة بالسير ببطء لضمان سلامة الآثار المنقولة بسرعة 30 كيلو متراً في الساعة، لتفادي المنحنيات بالكباري والزحام والتكدس بالطريق، كما أدي قيام أهالي المطرية الذين ودعوا الآثار بالزغاريد واحتشدوا وتزاحموا في الطريق فرحاً وتهليلاً احتفالا بعمليات النقل بالكشف الأثري، إلي إعاقة سير السيارة المُحملة بالآثار وخروجها لفترة طويلة واستمرت في خط السير من المطرية في اتجاه الطريق الدائري من جهة مطلع مسطرد، وصولاً إلي كوبري صفط اللبن نزولاً إلي جامعة القاهرة، ثم إلي كوبري الدقي لمطلع كوبري 6 أكتوبر، نزولاً لميدان عبد المنعم رياض، ثم لميدان التحرير، وصولاً للمتحف المصري، حتي وصلتا في الساعة الرابعة صباح أمس لإقامة المعرض الأثري المؤقت لينتقل بعد فترة تمثال »رمسيس» للمتحف المصري الكبير بالرماية. مفاجأة عند المتحف ويوضح عيسي زيدان مدير عام الترميم الأولي بالمتحف المصري الكبير، المشرف علي عملية النقل، أنه حدثت مفاجأة عند وصول السيارة للمتحف بالتحرير، تتمثل في المسافة الخاصة بمدخل المتحف لدخول السيارة المحملة بالآثار، لإتمام عملية إنزال ونقل التمثال والقطع الأثرية الأخري، بعد تعثر السيارة في الدخول من بوابة المتحف الرئيسية، نظرا لضيق مساحة مدخل المتحف بالنسبة لحجم السيارة ما يتطلب حذراً شديداً للحفاظ علي أجزاء التمثال حتي يجري البدء في عملية إنزالها داخل حديقة المتحف.. ويستطرد قائلاً: ولكن قمنا بوضع »3» خطط بديلة لتلك المهمة، ونفذنا الخطة الثانية .