انهالت البلاغات والبيانات التي تندد بنائب رئيس الوزراء الحالي د. يحيي الجمل وتطالب بإقالته ثم محاكمته لأنه كما يزعم المفترون عليه »لم يحرص علي تحقيق السلام الاجتماعي والوحدة الوطنية في خطابه الإعلامي، ويسعي إلي خلق فتنة تهدد وحدة مصر بعد هجومه علي السلفية«! ليس هذا فقط.. بل أضافوا الأخطر منها عندما قالوا في عريضة دعواهم:»إن د. يحيي الجمل تحدث في برنامج مصر النهاردة بكلمات وأسلوب عن الله تبارك وتعالي خلت من توقير ذات الله عز وجل (..) ثم توجه بكلام إقصائي شديد الديكتاتورية للفكر، فوصف التيارات الإسلامية بأن عقولهم مظلمة، ثم قام بتكفير أصحاب الفكر السلفي بقوله: إنهم ليس من الإسلام في شيء« (..). لم أسمع ما قاله الدكتور يحيي الجمل في البرنامج التليفزيوني حتي أعلق علي ما جاء فيه من اتهامات تمس الفكر السلفي. وإذا كان أستاذ القانون الشهير دكتور يحيي الجمل قد وصف فتاوي أصحاب هذا الفكر ب: »إنها ليست من الإسلام في شيء«، فالرجل لم يأت بجديد. وسبق لملايين المسلمين المصريين، وغير المصريين، ترديده والإجماع عليه خلال القرون والعقود الماضية. لقد تصورنا أننا تخلصنا منذ زمن طويل من فتاوي كان أصحابها يطالبون بإلغاء القوانين والأحكام والعادات والتقاليد الحالية، والعودة بها إلي ما كانت عليه عند بدء تأريخ الإسلام. وكانت الصدمة عندما فوجئنا في هذه الأيام من عام 2011 بالإطلالة المذهلة للسلفيين الجدد، وتسابقهم في الإعلان عن أنفسهم، والجهر بفتاويهم التي يحددون فيها لنا ماذا نقول؟ وماذا نفعل؟ علي مدار النهار والليل، وإلاّ فجهنم وبئس المصير ستكون الملاذ الأخير لكل من لا يلتزم بحرفية ما جاء في تلك الفتاوي! والأمثلة كثيرة اخترت واحداً منها: منذ يومين إثنين.. قرأت تصريحاً منسوباً لأحد رعاة الفكر السلفي يملك قناة تليفزيونية، ويفكر في ترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية القادمة يدعو فيه إلي إلغاء السجون تخلصاً من أعباء إنشائها، و توفير حراستها، وتكاليف معيشة نزلائها من جهة والأخذ من جهة أخري بأحكام السلف في معاقبة المجرمين: بدءاً بقطع اليد الطويلة، مروراً علي الرجم، و وصولاً إلي قطع الرقبة تحت سمع وبصر المتجمعين في ميدان عام! انتظرت أن يسارع هذا المرشح لرئاسة الجمهورية ويُكذب ما نسب إليه، أو علي الأقل يحاول تعديل كلماته، لكن الرجل لم يكذب ولم يصحح.. وبالتالي فهو يتمسك بما دعا إليه، وليضرب المعترضون من بين فقهاء الدين، وأساتذة القانون، وحماة حقوق الإنسان رؤوسهم في أقرب صخرة أو جمرة! .. وأسعدني ما سمعته من د. يحيي الجمل أمس في حديثه مع المتألقة دائماً مقدمة برنامج »العاشرة مساء«:مني الشاذلي عن رأيه في هوجة البلاغات، والتنديدات، والدعاوي القضائية ضده، ويزعم أصحابها تعديه علي الذات الإلهية، فأجاب قائلاً: » أنا سبق أن أشرت إلي هذا الكلام منذ خمس سنوات، وقصدت به أن أؤكد علي أن الحقيقة الإلهية المقدسة لو استفتي عليها ستحصل علي نسبة أقل من 90٪ وهذا من منطلق أن الكرة الأرضية يعيش عليها مسلمون ومسيحيون ويهود وملحدون«. إنني لا أدافع عن الأستاذ الدكتور يحيي الجمل. ففقيه القانون الشهير لا ينتظر دفاعاً من أحد فهو الأقدر علي الدفاع عن نفسه ضد اتهامات لا أساس لها من الصحة، وإنما أستخدم حقي في الاعتراض علي ما يتعرض له أستاذ القانون الشهير من تشهير وتزييف واختلاق من جانب السادة دعاة تطبيق عادات وتقاليد ما قبل التاريخ علي عصر القرن الحادي والعشرين! إبراهيم سعده [email protected]