ولد الشيخ محمد حسين الذهبي في التاسع عشر من أكتوبر عام 1915 والتحق بكلية الشريعة جامعة الأزهر وتخرج فيها عام 1939 ثم حصل فضيلته علي درجة العالمية - الدكتوراه - فدرجة أستاذ علوم القرآن الكريم عام 1946 من كلية أصول الدين جامعة الأزهر ثم عمل أستاذا بكلية الشريعة جامعة الأزهر وفي الخامس عشر من ابريل عام 1975 اصبح وزيرا للأوقاف وشئون الأزهر حتي نوفمبر عام 1976. وكان فضيلته نموذجا لشيخ الإسلام المعتدل في أفكاره وأحكامه وقد عاش في عصر كان يموج بتيارات في غاية التشدد والتطرف. كما كانت وسطيته نابعة من نشأته الريفية والأزهرية.. كذلك كان عالما جليلا ظهر في مجتمع ساده التطرف في الفكر وسيطرت علي كثير من شبابه أفكار الجماعات الإسلامية التي انتعشت في السبعينيات. لهذا كان مقدرا له أن يخوض معركة التقدم والوسطية ضد الرجعية في ذلك العصر.. ولهذا كانت حياته ثمنا غاليا لهذه المعركة بدأت فصولها باكرا وذلك عندما تولي الدكتور الذهبي الوزارة، فكان عليه من الناحية الرسمية أن يواجه الفكر المتعصب بالحجة والاقناع.. ففكر فضيلته أن يصدر كتابا يحذر فيه الشباب من خطورة الانسياق وراء مثل هذه الأفكار وصدر كتابه تحت عنوان »قبس من هدي الإسلام» وقد قال في مقدمة هذا الكتاب يبدو ان فريقا من المتطرفين الذين يسعون في الارض فسادا ولا يريدون لمصر استقرارا.. فقد استغلوا في هذا الشباب حماس الدين فآتوهم من هذا الجانب وصوروا لهم المجتمع الذي يعيشون فيه بأنه مجتمع كافر تجب مقاومته ولا تجوز معايشته.. فلجأ منهم من لجأ إلي الثورة والعنف واعتزل منهم من اعتزل جماعة المسلمين وآووا إلي المغارات والكهوف ورفض هؤلاء وأولئك المجتمع الذي ينتمون إليه لانه في نظرهم مجتمع كافر. كما جاء ضمن محتويات الكتاب. ان الاسلام ينتشر بالدعوة الهادئة والاقناع وليس الإرهاب ولابد من تنقية تراثنا من شوائب التخزين والتضليل وتعرية كل حملات الدس والتأويلات التي تعرضت له علي مدي التاريخ وكانت آراء الشيخ الذهبي كفيلة باشعال الحرب بين التكفير والهجرة وبين فضيلته. ومن هنا فكرت جماعة التكفير والهجرة الإرهابية في خطف الشيخ والتهديد بقطع رأسه في حالة عدم الاستجابة لطلباتها والتي تمثلت في اخلاء سبيل رموزها من المعتقلات ولكنه لم يستجب لذلك فاغتيل عام 1977 من قبل تلك الجماعة وهكذا كانت تلك حياة هذا العالم الجليل وابتلاءاته والتي كانت دروسا مستفادة في الجهاد نحو إعلاء المفاهيم الصحيحة للدين الإسلامي.