من رحم المعاناة وسط غابات الجابون الموحشة يولد الحلم الإفريقي ويتعاظم مع جيل فرحة جيل للكرة المصرية بدأت نسماته تهل علينا من فوق أمواج المحيط الأطلسي المتلاطمة في مدينة بور جنتي الجابونية المليئة بمتناقضات الحياة والأجواء المتقلبة لدرجة أنه من الممكن أن تشاهد كل فصول السنة في وقت واحد، ولن أكون مبالغا إذا قلت أن المنتخب شاهد في وقت واحد أمطارا رعدية وبرق ودرجات حرارة ورطوبة تفوق الوصف، وتدرب وسط انتقادات حادة وسهام قاتلة وجهت له من أحزاب أعداء النجاح. ويحسب للمنتخب بقيادة الكوبرا »كوبر» المدير الفني وحامل أحلام الفراعنة في »غابة الكان 2017» وجهازه المعاون ولاعبيه ومن خلفه منظومة إدارية واعية يقودها المهندس هاني أبوريده رئيس اتحاد الكرة والكابتن حازم الهواري رئيس بعثة المنتخب بالجابون والمهندس ايهاب لهيطة مدير المنتخب التسامي فوق هذه الانتقادات وتحويلها إلي حلم كبير بات يداعب كل المصريين بالقبض علي النهاية السعيدة والصعود إلي عرش الملك الإفريقي. نجح جيل الفرحة الجديد بالمشي واثق الخطوة نحو هدفه وحلمه في كأس الأمم الإفريقية المقامة في الجابون وتختتم فعالياتها الأحد المقبل.. حول أبناء المنتخب المصري السراب إلي حلم والمستحيل إلي ممكن وإلي واقع، وصاروا علي بعد خطوتين فقط من بلوغ الأمل وإحراز اللقب والتتويج بعد سنوات هجر وغربة قارية استمرت 7 سنوات عجاف وثلاث دورات افريقية متتالية. كوبرا الفراعنة كبرت ونضجت وصارت مخلوقا خياليا يزعج كل المنافسين ويرهبهم بعد أن نجحوا في مسيرتهم الإفريقية حتي الآن بامتياز، لدغت الكوبرا فهود أوغندا بقدم عبد الله السعيد تاجر السعادة الجديد، وصححت أوضاعها سريعا قبل تفجيرها لنجوم غانا السمراء بصاروخ لا يصد ولا يرد للنجم الدولي الموهوب محمد صلاح، وكانت رائعة عندما صعقت أسد الأطلسي المغاربة بهدف للمهاجم الالكتريك الصاعق محمود كهربا لتفك عقدة ظلت الكرة المصرية تعيش في ظلامها 31 سنة وبالتحديد منذ الفوز الشهير علي المغرب بهدف الأسطورة طاهر أبوزيد في امم أفريقيا 1986، نعم أضاء المهاجم الالكتريك كهربا النور في صحراء أفريقيا وسطر مجد قاري جديد مع رفاقه العملاق عصام الحضري وصمامي الامان جبر وحجازي والوحش أحمد فتحي والدبابة طارق حامد وتاجر السعادة عبد الله السعيد والجناح الطائر الاوروبي تريزيجيه والصاروخ محمد صلاح والنفاثة أحمد المحمدي والعقرب مروان محسن، ومن خلفهم نجوم لم يشغلهم الجلوس ضمن دكة الأوراق الرابحة وظلوا يساندون زملاءهم بنفس الروح والعزيمة والإخلاص وهم المقاتلون سعد سمير واحمد دويدار وحماده طلبه الجندي المحبوب في كتيبة الفراعنة. أفراح كبيرة انفجرت هنا في بور جنتي عقب الفوز التاريخي علي المغرب وفك العقدة، مغاربة ولبنانيون وجزائريون وتونسيون ومصريون جاءوا من أدغال الجابون وعاشوا ليلة جميلة ورائعة واحتفلوا مع فرسان مصر في فندق اقامتهم وودعوهم صباح أمس إلي العاصمة ليبرفيل لاستكمال مسيرة الحلم، وتدرب المنتخب فورا في ليبرفيل طبقا للبرنامج الذي وضعه كوبر، وكان المران خفيفا لمن شارك أساسيا وقويا للبدلاء، وأجري عدد من النجوم تدريبات ترويحية واستشفائية للتخلص من عناء رحلة بورجنتي بيبرفيل وذلك استعدادا لموقعة أخري صعبة تنتظرهم غدا أمام خيول بوركينافاسو الوحشية التي تحلم هي الأخري بالمجد القاري ضمن منافسات الدور قبل النهائي للبطولة القارية، ويختتم المنتخب تدريباته اليوم استعدادا لملحمة الغد واللاعبون كلهم يداعبهم حلم الصعود إلي النهائي واستمرار المنافسة بقوة وشراسة علي اللقب الغالي.. وفور وصول البعثة إلي فندق الإقامة ليلة الفوز علي المغرب سارع حازم الهواري بنقل نص المكالمة التي جمعته هاتفيا بالمهندس خالد عبد العزيز وزير الشباب والرياضة والتي نقل خلالها وزير الرياضة تهنئة الرئيس عبد الفتاح السيسي للأبطال وسعادة الرئيس وفخره بأدائهم الرجولي وإصرارهم علي بذل الجهد والعطاء في الملعب من أجل اسعاد المصريين، وقال لهم الهواري : تلقيت مكالمة من المهندس خالد عبد العزيز ينقل لكم تهنئة الرئيس السيسي الذي تابعكم من أثيوبيا وهو سعيد جدا بما تحققونه من انتصارات، ورد الحضري كابتن المنتخب علي الهواري قائلا: وأنا نيابة عن كل لاعبي المنتخب أتوجه بالشكر للرئيس السيسي لدعمه لنا وثقته فينا ونتعهد بالكفاح حتي النهاية السعيدة ورفع علم مصر عاليا فوق منصة التتويج.