منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تخفض من توقعاتها بالنسبة لنمو الاقتصاد الألماني    مجلس الحرب الإسرائيلي يجتمع اليوم لمناقشة موضوعي الرهائن واجتياح رفح    طريق الزمالك.. البداية أمام بروكسي.. والإسماعيلي في مسار الوصول لنهائي الكأس    رانجنيك يوجه صدمة كبرى ل بايرن ميونيخ    حبس طالب جامعي تعدى على زميلته داخل كلية الطب في الزقازيق    مصرع وإصابة 3 أشخاص في حادث بالطريق الزراعي بالقليوبية    محافظ المنيا يوجه برفع درجة الاستعداد لاستقبال عيدي القيامة وشم النسيم    الثانوية العامة 2024.. مواصفات امتحان اللغة العربية    بحضور سوسن بدر.. انطلاق البروفة الأخيرة لمهرجان بردية لسينما الومضة بالمركز الثقافي الروسي    «الشيوخ» ينعي رئيس لجنة الطاقة والقوى العاملة بالمجلس    ارتفاع حصيلة قتلى انهيار جزء من طريق سريع في الصين إلى 48 شخصا    مصير مقعد رئيس لجنة القوى العاملة بالشيوخ بعد وفاته    السيسي: حملات تفتيش على المنشآت لمتابعة الحماية القانونية للعمال    الأهلي والالومنيوم والزمالك مع بروكسي.. تفاصيل قرعة كأس مصر    نجم الأهلي السابق: إمام عاشور أفضل لاعب في مصر    الهجرة تعلن ضوابط الاستفادة من مهلة الشهر بمبادرة سيارات المصريين بالخارج    «القومي للأمومة» يطلق برلمان الطفل المصري لتعليم النشئ تولي القيادة والمسؤولية    وزراة الدفاع الروسية تعلن سيطرة قوات الجيش على بيرديتشي شرقي أوكرانيا    واشنطن تطالب روسيا والصين بعدم منح السيطرة للذكاء الاصطناعي على الأسلحة النووية    الأرصاد: الأجواء مستقرة ودرجة الحرارة على القاهرة الآن 24    حداد رشيد حول منزله إلى ورشة تصنيع أسلحة نارية    أب يذبح ابنته في أسيوط بعد تعاطيه المخدرات    ميقاتي: طالبنا المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لوقف هجماتها على لبنان    بعد طرح فيلم السرب.. ما هو ترتيب الأفلام المتنافسة على شباك التذاكر؟    مسلسل البيت بيتي 2 الحلقة 4.. جد بينو وكراكيري يطاردهما في الفندق المسكون    الإمارات: مهرجان الشارقة القرائي للطفل يطلق مدينة للروبوتات    تزايد حالات السكتة الدماغية لدى الشباب.. هذه الأسباب    فيديو وصور.. مريضة قلب تستغيث بمحافظ الجيزة.. و"راشد" يصدر قرارا عاجلا    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع بدء تفعيل مبادرة تخفيض أسعار اللحوم    «اكتشف غير المكتشف».. إطلاق حملة توعية بضعف عضلة القلب في 13 محافظة    مصدر رفيع المستوى: تقدم إيجابي في مفاوضات الهدنة وسط اتصالات مصرية مكثفة    رئيس اتحاد القبائل العربية يكشف أول سكان مدينة السيسي في سيناء    «التنمية الحضرية»: تطوير رأس البر يتوافق مع التصميم العمراني للمدينة    دعم توطين التكنولوجيا العصرية وتمويل المبتكرين.. 7 مهام ل "صندوق مصر الرقمية"    كلية الإعلام تكرم الفائزين في استطلاع رأي الجمهور حول دراما رمضان 2024    هل تلوين البيض في شم النسيم حرام.. «الإفتاء» تُجيب    شيخ الأزهر ينعى الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان    كولر يعالج أخطاء الأهلي قبل مواجهة الجونة في الدوري    شوبير يكشف مفاجأة عاجلة حول مستجدات الخلاف بين كلوب ومحمد صلاح    هيئة الجودة: إصدار 40 مواصفة قياسية في إعادة استخدام وإدارة المياه    بنزيما يتلقى العلاج إلى ريال مدريد    البنك المركزي: تسوية 3.353 مليون عملية عبر مقاصة الشيكات ب1.127 تريليون جنيه خلال 4 أشهر    لمواليد 2 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    على طريقة نصر وبهاء .. هل تنجح إسعاد يونس في لم شمل العوضي وياسمين عبدالعزيز؟    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني في مسابقة معلم مساعد فصل للمتقدمين من 12 محافظة    منها إجازة عيد العمال وشم النسيم.. 11 يوما عطلة رسمية في شهر مايو 2024    رئيس الوزراء: الحكومة المصرية مهتمة بتوسيع نطاق استثمارات كوريا الجنوبية    سؤال برلماني للحكومة بشأن الآثار الجانبية ل "لقاح كورونا"    أبرزها تناول الفاكهة والخضراوات، نصائح مهمة للحفاظ على الصحة العامة للجسم (فيديو)    تشغيل 27 بئرا برفح والشيخ زويد.. تقرير حول مشاركة القوات المسلحة بتنمية سيناء    هئية الاستثمار والخارجية البريطاني توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز العلاقات الاستثمارية والتجارية    دعاء النبي بعد التشهد وقبل التسليم من الصلاة .. واظب عليه    التضامن: انخفاض مشاهد التدخين في دراما رمضان إلى 2.4 %    هل يستجيب الله دعاء العاصي؟ أمين الإفتاء يجيب    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    حكم دفع الزكاة لشراء أدوية للمرضى الفقراء    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    بروسيا دورتموند يقتنص فوزا صعبا أمام باريس سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد بدوي: هذه ثورة الطبقة المتوسطة
القوي المحظورة خرجت إلي النور والأحزاب الحليفة للنظام سقطت
نشر في الأخبار يوم 16 - 03 - 2011

نتىجة الانتخابات البرلمانىة الأخىرة تعبىر عن بله سىاسى
الجيل الجديد أدرك فشل من يحمل السلاح في وجه السلطة
نظام مبارك كان أشبه بالمقاتل » الغبي«
سد علي خصمه جميع المنافذ ..فانفجر ضده
يعد الدكتور محمد بدوي احد المع الذهنيات النقدية في الساحة الثقافية المصرية، حيث تفارق اعماله ودراساته المفهوم الضيق للنقد الادبي التقليدي وتتعداه الي محاولة قراءة السياق الثقافي المجتمعي الاشمل. بدوي الذي يعد الان قراءة نقدية ضخمة لاعمال روائي مصر الاكبر نجيب محفوظ يحاول عبر دراسته قراءة سمات الشخصية المصرية التي يري بدوي في اعمال محفوظ اكبر تجسيد لها. في حوارنا مع بدوي حول ثورة يناير المصرية يدخل بنا الي مقارنات بين جيل السبعينيات الاكثر ثورية في نصف القرن الماضي وجيل بداية القرن الحالي، ولماذا فشل الاول رغم انه حمل السلاح، وانتصر الثاني رغم انه استخدم جسده العاري، ولماذا قتل رئيس وخلع الرئيس الثاني. وعن لحظة التطابق بين الشعب والجيش، وحول المخاطر التي تحيط بالثورة الوليدة
دعنا نبدأ منذ 25 يناير... ماذا حدث؟
ما حدث في 25 يناير هو تكثيف لوعي سياسي ظل يتكون ببطء عبر الاحتجاجات والتحركات والنقاشات منذ سنة 2000 والتي قامت بها فئات اجتماعية اتيح لها قدر من التعليم والسفر الي الخارج واكتساب خبرات التواصل مع خبرات العالم الخارجي عبر استخدام الوسائط الحديثة بشكل ايجابي وانفجر كل هذا في لحظة واحدة، نتيجة لاستبداد السلطة السياسية التي لم تقم بعملية اعادة انتاج سلطاتها ولو ببطء، حتي لا تفقد وجودها.
فالرئيس مبارك والدائرة السلطوية حوله تصرفوا كما لو كان حكم مصر هو منحة لهم فقط من السماء. بالتالي لم يحاولوا اعادة انتاج السلطة بل علي العكس وضعوها في مأزق مثل مأزق التوريث، الذي حدث في لحظة معقدة جدا كان يمكن فيها لمصر أن تجدد نفسها كدولة، لكن ما حدث هو العكس تماما، فتم استبدال التوريث السياسي الحاصل منذ يوليو 1952 حيث يورث عسكري السلطة لعسكري آخر، لعسكري يورث السلطة لابنه، وهذا ما اثار غضب الشعب المصري، وفيما يبدو القوات المسلحة ايضا.
وظهرت الاثار الفظيعة لعملية التوريث الفظيعة في اطلاق يد الشرطة عبر قانون الطوارئ، والعبث بالدستور بصورة مزرية، وصولا الي معركة الانتخابات الاخيرة، التي ادارها أحمد عز لتبدو السلطة مثل الرجل السفيه الذي لا يري ابعد من قدميه، بأن تصبح نتيجة الانتخابات 99٪ للحزب الوطني فهذا بله سياسي.
لكن ما تلك الفترة التي تري ان مصر كان من الممكن ان تجدد فيها سلطتها؟
في الفترة من 1998 وحتي ظهور مخطط التوريث، فهذه الفترة شهدت انخفاض ديون مصر بنسبة كبيرة، حيث استفادت مصر من حرب الخليج وكان من الممكن ان تشهد مصر نموا اقتصاديا يصحبه اصلاح سياسي، وقدر من تجميل النظام علي المستوي الاجتماعي.
لكن ما حدث هو عكس ذلك تماما، اذ بدأ مخطط التوريث، وهو ما أدخل البلاد الي طريق مسدود يمكن للسلطة فيه ان تصنع ما تشاء. وهو ما أدي إلي اتساع دائرة الرفض الشعبي، كلما أمعنت السلطة في ارتكاب الاخطاء، بالاضافة الي الصلف والغرور الذي تعاملت به السلطة طوال الوقت، وصولا الي مقولة الرئيس مبارك عندما علم بشأن اقامة برلمان مواز نظرا لتزوير الانتخابات البرلمانية "خليهم يتسلوا"!!
فاذا حللت خطاب السلطة فستجد حالة من عدم الادراك لمتغيرات اللحظة. ومن ثم عندما حدث الانفجار قوبل بخطة مضحكة لتصفية هذه الاحتجاجات. مثل الاستعانة بالبلطجية، والبلطجي بالاساس ليس قاتلا، ولكنه يمكنه ان يثير ضجة، لذلك كان يستعين به في الانتخابات لانه يمكن ان يثير خوف ابناء الطبقة المتوسطة المهندمين، لكن ان تضع بلطجية في مواجهة جموع غاضبة وتعرف ماذا تريد وتحمل تصميما كبيرا للحصول علي ما تريد فهذه خطة امناء شرطة.
انتفاضة أم ثورة
لكن لماذا لم يحدث هذا الانفجار في 2008 علي سبيل المثال حيث وجهت دعوة ايضا الي اضراب عام وعصيان مدني ولكن لم يحدث شيء؟
بداية تعبير الشعب المصري عن نفسه بالغ التعقيد، وهذا في ظني يرجع لان هذا الشعب تعرض لمظالم كبيرة عبر تاريخه مما جعله يتفنن في ابتكار وسائل غير تقليدية للمقاومة، مثل الحيلة، والنكتة، واللوع، فالشعب المصري في علاقته بالسلطة يشبه الثعلب الذي يتصنع الموت وفجأة يتحول هذا الميت الي وحش كاسر.
لماذا لم يحدث هذا الانفجار في 2008 او 2014 هذا امر يتعلق بمعطيات اللحظة نفسها، والثورة بالاساس فعل لا يمكن حسابه بشكل دقيق، فالثورة فعل رومانتيكي يحمل ألقا مبهرا. ولو احضرنا احدث كمبيوتر في العالم واعطيناه معطيات الحالة المصرية، فمن المستحيل ان يخبرك انه ستحدث ثورة، فالثورة فعل فجائي يقطع سيولة الزمن التقليدية.
ولكن هناك مشكلة اساسية في الثورة المصرية وايضا الثورة التونسية فهي الثورات التي لم يستول الثوار فيهم علي السلطة، فالثورة يعلن نجاحها، عندما تقوم الفئة السياسية او الاجتماعية التي قادت الثورة بتسلم السلطة، وهذا لم يحدث، لانها كانت ثورة سلمية لم ترق فيها دماء مثل الثورة الفرنسية او البلشفية، واستغرقت الاحداث وقتا قصيرا قياسيا وانتصرت انتصارا رمزيا باسقاط رمز النظام ولكن كي يحدث التحول الواقعي هذا يحتاج وقتا طويلا. ولابد من ابتكار طرق جديدة لاستمرار الثورة.
اذن كيف نوصف ما حدث بانه انتفاضة او ثورة؟
ما حدث هو ثورة لانها اعلنت ان الدولة الاستبدادية التي كانت قائمة منذ ثلاثين عاما قد انتهت، وهذا الاعلان تم تبنيه شعبيا، ثورة لان الشباب الذين قاموا بها وهم المنتمون الي الطبقة المتوسطة بمختلف فئاتها كسروا السدود بينهم وبين طبقات الشعب الاخري فحدث امداد شعبي، وهذا علي عكس الحركات الاحتجاجية في السنوات الماضية حيث ظلت النخبة محصورة بدون امدادات شعبية، فكان يسهل للنظام القيام بهجوم مضاد، لكن هذه المرة سقطت الحواجز وحدث الالتحام. من قبل كانت "الجماهير" تشاهد المظاهرات الصغيرة في وسط البلد وتسخر منها لان هذه الجماهير كانت خائفة.
بين السلاح والجسد العاري
كيف يختلف برأيك جيل الشباب الحالي عن الاجيال السابقة؟
هذه الثورات هي ثورة طبقة متوسطة تريد حقوقا سياسية ديموقراطية، ونظام مبارك كان اشبه بالمقاتل الغبي الذي سد جميع المنافذ علي خصمه فحرية التعبير، هي حرية الصياح، والانتخابات يتم تزويرها بفجاجة، وهذا يؤدي الي منفذين اما الثورة الشعبية او التنظيمات السرية المسلحة.
الجيل الجديد من الشباب المصري ادرك علي العكس من جيل السبعينيات ان من سيرفع السلاح في وجه الدولة المصرية سيخسر بسبب طبيعة المجتمع المصري، وثقافته، والجيل الجديد أدرك ان هناك ما يسمي ب"الحكم الرشيد" ان يولد المواطن حرا ويستطيع الحصول علي عمل شريف يكفيه، وان تكون هناك حرية ديموقراطية،وحرية في السفر، وان تلغي اجهزة الامن السرية، او المحاكمات العسكرية، وان هذه الاجندة تم تنفيذها في دول عالم ثالث مثل ماليزيا، وسنغافورة، وبشكل ما في تركيا.
ويختلف هذا الجيل في ايمانه بان الديموقراطية والعمل السلمي هما الاداة التي يمكنها تنفيذ ما لا تستطيعه الوسائل الاخري، خصوصا انهم رأوا باعينهم تجارب فاشلة مثل استعمال السلاح في وجه الدولة، او فشل الانتفاضة الفلسطينية عند تحولها من انتفاضة سلمية الي عمليات مسلحة، فادرك ان استعمال قوة الجسد العاري يمكنها ان تغلب اجهزة قمع التي تمتلكها الدولة، فاذا كانت الدولة تملك الف جندي فالمظاهرة ستكون مائة الف مواطن وستنتصر، وهذا هو التغير الاساسي في الثقافة السياسية للمصريين والعرب. وما حدث في مصر بالنسبة لي هو تغير نوعي، فهذه الثورة انقذت الدولة المصرية من نظام مبارك.
هل يمكن ان تشهد المنطقة العربية ميلادا ثانيا للانظمة الجمهورية؟
التغيرات الحاصلة منذ الثمانينيات والتي يطلق عليها البعض ثورة المعلومات، او العولمة، او ما بعد الحداثة طرحت قضايا جديدة علي أجندة أي شعب تتعلق بالديموقراطية والمشاركة في ادارة الحكم والمشكلة ان الأنظمة الحاكمة في المنطقة العربية كلها تقوم علي فلسفة واحدة، ان تأخذ السلطة بيدها كل مقادير القوة والحكم، وتترك للمجتمع الحياة المادية اليومية، وهذا يعني ان عليك التسليم بسلطة هؤلاء لكي تعيش فقط.
ومنذ اللحظة الاولي لتأسيس الجمهوريات العسكرية وعلي رأسها جمهورية ناصر، عقدت مقايضة بين السلطة والجماهير. السلطة ستعطي الطعام والملابس وبعض التعليم الجيد ونحن سنحكم البلاد، ويجب ان نكون جيشا واحدا يحقق التحديث والتقدم ويحرر فلسطين ويبني الاشتراكية. كانت هناك دولة سلطوية في طور التكوين لكنها تملك مشروعا يمكنه ان يجذب الكثير من الفئات الاجتماعية وراءها.
ولكن تخلت السلطة عن الوفاء بمتطلبات تلك المقايضة بداية منذ هزيمة 1967 ولكنها لن تتوقف عن المطالبة باستمرارها، فكفت عن منح الخدمات الاساسية، وتوقفت عن استكمال مشروعها، وايضا لم تمنح الديموقراطية او تشرك الشعب معها في ادارة شئون البلاد، من اجل ذلك نجد ان السادات قد قتل، وكان يجب من بعده تغيير نمط حكم البلاد، ولم يحدث هذا فخلع الرئيس الثاني.
السلوكيات الثورية
كيف تري تغير السلوكيات الذي شهدناه في ايام الثورة، فلم ترفع شعارات دينية ولم يتحدث أحد عن الحرام والحلال وما الي ذلك؟
لان الثورة فعل رومانتيكي شعري، فاذا كنت أصلي وانت لا، فلا فارق بيننا اذا كنا في مواجهة العسكر ونحن الاثنين معرضان للموت، السلوكيات التي كانت موجودة من قبل هي تعبير عن العجز الذي كان موجودا عند المصريين، والذي كان يدفع للبحث عن اي سلطة ممكنة، والسلطة المتاحة للجميع هي سلطة الله، لذا كانت هذه السلوكيات موجودة من قبيل الاختلاف علي اللحية وطولها، والحجاب وشكله، ولكن لحظة اختفاء العجز تختفي سلوكياته.
كانت هناك حالة من توحد المصير، بغض النظر عن الدين او الانتماء السياسي والاختلاف العقائدي كلنا معرضون للموت في هذه اللحظة
كيف يمكن الحفاظ علي هذه الروح كي تتحول الي سلوك؟
لا يمكن الحفاظ علي هذه الروح الا اذا نجحت الثورة في تحقيق اهدافها، والتي هي ببساطة حكم ديموقراطي رشيد عقلاني فيه سيادة للقانون واحترام للعقد الاجتماعي المعلن وشفافية وافساح المجال لكافة التيارات السياسية للافساح عن نفسها واتخاذ مبادرات تخصها وتخص المواطنين، في هذه الحالة ستجد شعبا جديدا يختلف تماما عن الذي كان موجودا في السنين الماضية. يبدأ الامر باضطراب شديد كالذي نراه حاليا، ولكن اذا تحققت اهداف الثورة علي مدي قليل من السنين سينتهي تماما، ساعتها ستشعر بالعدل وسيادة القانون وبالتالي بالاطمئنان، واكثر قدرة علي الحلم والانجاز. في هذه الحالة يتغير نظام القيم المختل، وسيدرك الافراد عدم وجود فجوة بين مصالحه الفردية ومصالح المجموع، لان نظام مبارك اسقط مفهوم المصلحة العامة، فهو نظام لم يكن يريد حل المشاكل بل كان يري فيها احدي اليات السيطرة، فانا اتهم نظام مبارك انه لم يكن يحل مشاكل الارتياب الطائفي بين المسلمين والمسيحيين بل كان يزيد النار بينهم، لانه وجد في هذه المشكلة آلية سيطرة كي يستخدمها. نظام مبارك لم يكن يريد القضاء علي الاخوان بل كان يعطيهم مساحة محدودة للحركة واذا تجاوزها يضربهم بقوة ويصدر في الغرب فزاعتهم، وبعض المثقفين من الحراس الايديولوجيين للنظام كانوا يصورون الاخوان علي انهم الوحش الذي سيلتهم الجميع
الأخطار الحقيقية
لكن الا تري ان الاخوان قد يشكلون خطرا في المرحلة القادمة؟
وبالنسبة لي ما حدث في الايام الاخيرة من25 يناير حتي الان سيحدث تغيرات بالغة العمق في الاخوان، فبعد ثمانين عاما من العمل السري، الذي اصبح طبيعة لازمة للتنظيم، عندما يتحول الاخوان الي حزب معلن فهذا يعني عدة اشياء أهمها الاعلان عن مصادر تمويل الحزب بشكل واضح، وان هذا الحزب سيعمل في اطار الدولة المصرية وليس اممية اسلامية، وان تكون هناك انتخابات داخلية نزيهة ومعلنة. في هذه الحالة يتم الدفع بالاخوان الي الاندماج، ويتحول الاخوان من جماعة مغلقة الي جماعة مفتوحة تشكل عنصرا في فضاء اوسع. وهذا من اهم انجازات الثورة اذ دفعت القوي التقليدية المحظورة من قبل النظام الي النور، وايضا اسقطت الاحزاب التي كانت تشكل اجنحة تقليدية للنظام مثل التجمع والناصري.
وماذا عن اليسار والحركات السياسية الجديدة؟
كل من في مصر فوجئ بهذه الثورة، وسيجد نفسه في موقف صعب سواء الاخوان، ام الحركات الجديدة، التي ستتعلم السياسة من جديد بعد ان كانت مصادرة في مصر، وستتطور هذه القوي عبر حركتها الذاتية ضمن حركة المجتمع ويصبح الاخرون خصوما سياسيين وليسوا اعداء عقائدين. وسيواجه اليسار سؤالا جوهريا هل سيكون قادرا علي لملمة شتاته؟ القوي العلمانية بشكل عام هل ستستطيع تجميع قوتها والتواجد في الشارع المصري. قبل 25 يناير كانت هناك حجة للجميع وهي قمع النظام، وهناك من كانت وظيفته هي المعارضة،ولم يكن يحمل اي سيناريو للوصول الي السلطة عبر انتخابات او بغيرها. اما الان فالساحة تحتاج الي قوي لديها برامج واضحة تجاه المشاكل الموجودة، كي تستطيع المنافسة في الانتخابات، وهنا سيدخل الجميع ساحة السياسة الحقيقية.
الجيش والشعب
ما الذي يمكن ان يشعرك بالقلق هذه الايام؟
ما يخفيني هي العناصر التقليدية تمتلك القوة والفت ان تمارس سلوكا سياسيا في الواقع، فلديك في الواقع الثقافي والسياسي والاجتماعي نماذج صنعها النظام القديم وتحتاج الي تفكيك عميق بدءا من الرجل الذي يستولي علي الرصيف لاقامة نشاط تجاري وانتهاء بنجوم كبار في المجتمع
فهناك اشكال خلقها النظام السابق واصبحنا نتصور انها طبيعية، ومثل هذه الاشكال والسلوكيات هي التي تحتاج الي وقت، وجهد حقيقي.
فدعوة مثل ختان البنات لانها كانت صادرة من زوجة الرئيس المتهم هو واسرته لم تكن تلقي قبولا، ولكن الان تحتاج مثل هذه الدعوة الي عمل حقيقي خارج من منظمات اهلية حقيقية كي يمكن ان ننتظر ثمارا فعلية لعمل مثل هذا.
وعلينا التنبه لأن ثورتي مصر وتونس لم تحدث من اسفل الي اعلي، ولكن من اعلي الي اسفل فلم تتحرك الثورة من الشارع الي الحي ثم المنطقة والمدينة وصولا الي الرئاسة ما حدث هو اسقاط رأس الحكم اولا ولكن لازال النظام موجودا ويحتاج الي تفكيك، وفي هذه الحالة هناك افراد سيدافعون عن النظام القديم وهناك كتلة كبيرة هي ليست مع النظام القديم تماما وليست ايضا مع النظام الجديد تماما، وهنا علي القوة الاكثر حداثة في المجتمع ان تجتذبهم لصالحها، فهؤلاء هم منطقة الصراع والتي تستلزم وقتا لانك تتعامل مع بناء عتيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.