فتح باب التقدم لاختبارات الدبلومات والمعاهد الفنية لدخول كلية الحقوق والرابط الرسمي    نادية مصطفى لفيتو: احنا مش متطرفين ومصطفى كامل بيخاف على البلد (فيديو)    «زي النهارده» فى ‌‌30‌‌ يوليو ‌‌2011.. وفاة أول وزيرة مصرية    رغم إعلان حل الأزمة، استمرار انقطاع الكهرباء عن بعض مدن الجيزة لليوم الخامس على التوالي    ترامب يحذر من تسونامي في هاواي وألاسكا ويدعو الأمريكيين إلى الحيطة    وزير الخارجية يلتقي السيناتور ليندسى جراهام بمجلس الشيوخ الأمريكي    الاتحاد الإفريقي يصدم "الدعم السريع" بعد تشكيل حكومة موازية بالسودان ويوجه رسالة للمجتمع الدولي    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء والقنوات الناقلة، أبرزها ليفربول ضد يوكوهاما    ثروت سويلم: لن يتكرر إلغاء الهبوط في الدوري المصري.. وخصم 6 نقاط فوري للمنسحبين    انهيار جزئي لعقار مكون من 7 طوابق في الدقي    من "ترند" الألبومات إلى "ترند" التكت، أسعار تذاكر حفل عمرو دياب بالعلمين مقارنة بتامر حسني    طريقة عمل الأرز باللبن، تحلية سريعة التحضير ولذيذة    البنك العربى الإفريقى يقود إصدار سندات توريق ب 4.7 مليار جنيه ل«تساهيل»    جدول مباريات بيراميدز في الدوري المصري الممتاز الموسم الجديد 2025-2026    "البترول" تتلقى إخطارًا باندلاع حريق في غرفة ماكينات مركب الحاويات PUMBA    عبداللطيف حجازي يكتب: الرهان المزدوج.. اتجاهات أردوغان لهندسة المشهد التركي عبر الأكراد والمعارضة    حظك اليوم الأربعاء 30 يوليو وتوقعات الأبراج    السيد أمين شلبي يقدم «كبسولة فكرية» في الأدب والسياسة    ليلى علوي تسترجع ذكريات «حب البنات» بصور من الكواليس: «كل الحب»    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 1447-2026    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 للقطاعين الحكومي والخاص    ترفع الرغبة الجنسية وتعزز المناعة.. 8 أطعمة ترفع هرمون الذكورة بشكل طبيعي    لا تتبع الوزارة.. البترول: السيطرة على حريق سفينة حاويات قرب منصة جنوب شرق الحمد    وزير الثقافة: جوائز الدولة هذا العام ضمت نخبة عظيمة.. ونقدم برنامجا متكاملا بمهرجان العلمين    4 أرغفة ب دينار.. تسعيرة الخبز الجديدة تغضب أصحاب المخابز في ليبيا    تنسيق الثانوية 2025.. ماذا تعرف عن دراسة "الأوتوترونكس" بجامعة حلوان التكنولوجية؟    تنسيق الجامعات 2025| كل ما تريد معرفته عن بكالوريوس إدارة وتشغيل الفنادق "ماريوت"    إبراهيم ربيع: «مرتزقة الإخوان» يفبركون الفيديوهات لنشر الفوضى    وفاة طالب أثناء أداء امتحانات الدور الثاني بكلية التجارة بجامعة الفيوم    القانون يحدد شروط لوضع الإعلانات.. تعرف عليها    متابعة تطورات حركة جماعة الإخوان الإرهابية مع الإعلامية آلاء شتا.. فيديو    الدقيقة بتفرق في إنقاذ حياة .. أعراض السكتة الدماغية    تنسيق الجامعات 2025 .. تفاصيل برامج كلية التجارة جامعة عين شمس (مصروفات)    يسمح ب«تقسيط المصروفات».. حكاية معهد السياحة والفنادق بعد قضية تزوير رمضان صبحي    إخماد حريق في محول كهرباء في «أبو النمرس» بالجيزة    منافسة غنائية مثيرة في استاد الإسكندرية بين ريهام عبد الحكيم ونجوم الموسيقى العربية.. صور    إنجاز غير مسبوق.. إجراء 52 عملية جراحية في يوم واحد بمستشفى نجع حمادي    أسامة نبيه يضم 33 لاعبا فى معسكر منتخب الشباب تحت 20 سنة    مصرع عامل اختل توازنه وسقط من أعلى سطح المنزل في شبين القناطر    أحمد فؤاد سليم: عشت مواجهة الخطر في الاستنزاف وأكتوبر.. وفخور بتجربتي ب "المستقبل المشرق"    الجنايني يتحدث عن مفاوضات عبد القادر.. وعرض نيوم "الكوبري" وصدمة الجفالي    ناشط فلسطيني: دور مصر مشرف وإسرائيل تتحمل انتشار المجاعة في غزة.. فيديو    رئيس مدينة الحسنة يعقد اجتماعا تنسيقيا تمهيدا للاستعداد لانتخابات الشيوخ 2025    رسميًا.. جدول صرف مرتبات شهر أغسطس 2025 بعد تصريحات وزارة المالية (تفاصيل)    عاجل- ترمب: زوجتي ميلانيا شاهدت الصور المروعة من غزة والوضع هناك قاس ويجب إدخال المساعدات    عمرو الجناينى: تفاجأت باعتزال شيكابالا.. ولم أتفاوض مع أحمد عبد القادر    «الجو هيقلب» .. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم : أمطار وانخفاض «مفاجئ»    جدول امتحانات الثانوية العامة دور ثاني 2025 (اعرف التفاصيل)    ترامب: الهند ستواجه تعريفة جمركية تتراوح بين 20% و25% على الأرجح    عيار 21 الآن يسجل رقمًا جديدًا.. سعر الذهب اليوم الأربعاء 30 يوليو بعد الانخفاض بالصاغة    محمد السادس: المغرب مستعد لحوار صريح ومسؤول مع الجزائر    سبب غياب كريم فؤاد عن ودية الأهلي وإنبي وموعد عودته    الجنايني عن شروط عبدالله السعيد للتجديد مع الزمالك: "سيب اللي يفتي يفتي"    معلقة داخل الشقة.. جثة لمسن مشنوق تثير الذعر بين الجيران ببورسعيد    هل يُحاسب الطفل على الحسنات والسيئات قبل البلوغ؟.. واعظة تجيب    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر يرد في هذه الحالة    ما الذي يُفِيدُه حديث النبي: (أفضل الأعمال الصلاة على وقتها)؟.. الإفتاء توضح    أمين الفتوى: مخالفات المرور الجسيمة إثم شرعي وليست مجرد تجاوز قانوني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد بدوي: هذه ثورة الطبقة المتوسطة
القوي المحظورة خرجت إلي النور والأحزاب الحليفة للنظام سقطت
نشر في الأخبار يوم 16 - 03 - 2011

نتىجة الانتخابات البرلمانىة الأخىرة تعبىر عن بله سىاسى
الجيل الجديد أدرك فشل من يحمل السلاح في وجه السلطة
نظام مبارك كان أشبه بالمقاتل » الغبي«
سد علي خصمه جميع المنافذ ..فانفجر ضده
يعد الدكتور محمد بدوي احد المع الذهنيات النقدية في الساحة الثقافية المصرية، حيث تفارق اعماله ودراساته المفهوم الضيق للنقد الادبي التقليدي وتتعداه الي محاولة قراءة السياق الثقافي المجتمعي الاشمل. بدوي الذي يعد الان قراءة نقدية ضخمة لاعمال روائي مصر الاكبر نجيب محفوظ يحاول عبر دراسته قراءة سمات الشخصية المصرية التي يري بدوي في اعمال محفوظ اكبر تجسيد لها. في حوارنا مع بدوي حول ثورة يناير المصرية يدخل بنا الي مقارنات بين جيل السبعينيات الاكثر ثورية في نصف القرن الماضي وجيل بداية القرن الحالي، ولماذا فشل الاول رغم انه حمل السلاح، وانتصر الثاني رغم انه استخدم جسده العاري، ولماذا قتل رئيس وخلع الرئيس الثاني. وعن لحظة التطابق بين الشعب والجيش، وحول المخاطر التي تحيط بالثورة الوليدة
دعنا نبدأ منذ 25 يناير... ماذا حدث؟
ما حدث في 25 يناير هو تكثيف لوعي سياسي ظل يتكون ببطء عبر الاحتجاجات والتحركات والنقاشات منذ سنة 2000 والتي قامت بها فئات اجتماعية اتيح لها قدر من التعليم والسفر الي الخارج واكتساب خبرات التواصل مع خبرات العالم الخارجي عبر استخدام الوسائط الحديثة بشكل ايجابي وانفجر كل هذا في لحظة واحدة، نتيجة لاستبداد السلطة السياسية التي لم تقم بعملية اعادة انتاج سلطاتها ولو ببطء، حتي لا تفقد وجودها.
فالرئيس مبارك والدائرة السلطوية حوله تصرفوا كما لو كان حكم مصر هو منحة لهم فقط من السماء. بالتالي لم يحاولوا اعادة انتاج السلطة بل علي العكس وضعوها في مأزق مثل مأزق التوريث، الذي حدث في لحظة معقدة جدا كان يمكن فيها لمصر أن تجدد نفسها كدولة، لكن ما حدث هو العكس تماما، فتم استبدال التوريث السياسي الحاصل منذ يوليو 1952 حيث يورث عسكري السلطة لعسكري آخر، لعسكري يورث السلطة لابنه، وهذا ما اثار غضب الشعب المصري، وفيما يبدو القوات المسلحة ايضا.
وظهرت الاثار الفظيعة لعملية التوريث الفظيعة في اطلاق يد الشرطة عبر قانون الطوارئ، والعبث بالدستور بصورة مزرية، وصولا الي معركة الانتخابات الاخيرة، التي ادارها أحمد عز لتبدو السلطة مثل الرجل السفيه الذي لا يري ابعد من قدميه، بأن تصبح نتيجة الانتخابات 99٪ للحزب الوطني فهذا بله سياسي.
لكن ما تلك الفترة التي تري ان مصر كان من الممكن ان تجدد فيها سلطتها؟
في الفترة من 1998 وحتي ظهور مخطط التوريث، فهذه الفترة شهدت انخفاض ديون مصر بنسبة كبيرة، حيث استفادت مصر من حرب الخليج وكان من الممكن ان تشهد مصر نموا اقتصاديا يصحبه اصلاح سياسي، وقدر من تجميل النظام علي المستوي الاجتماعي.
لكن ما حدث هو عكس ذلك تماما، اذ بدأ مخطط التوريث، وهو ما أدخل البلاد الي طريق مسدود يمكن للسلطة فيه ان تصنع ما تشاء. وهو ما أدي إلي اتساع دائرة الرفض الشعبي، كلما أمعنت السلطة في ارتكاب الاخطاء، بالاضافة الي الصلف والغرور الذي تعاملت به السلطة طوال الوقت، وصولا الي مقولة الرئيس مبارك عندما علم بشأن اقامة برلمان مواز نظرا لتزوير الانتخابات البرلمانية "خليهم يتسلوا"!!
فاذا حللت خطاب السلطة فستجد حالة من عدم الادراك لمتغيرات اللحظة. ومن ثم عندما حدث الانفجار قوبل بخطة مضحكة لتصفية هذه الاحتجاجات. مثل الاستعانة بالبلطجية، والبلطجي بالاساس ليس قاتلا، ولكنه يمكنه ان يثير ضجة، لذلك كان يستعين به في الانتخابات لانه يمكن ان يثير خوف ابناء الطبقة المتوسطة المهندمين، لكن ان تضع بلطجية في مواجهة جموع غاضبة وتعرف ماذا تريد وتحمل تصميما كبيرا للحصول علي ما تريد فهذه خطة امناء شرطة.
انتفاضة أم ثورة
لكن لماذا لم يحدث هذا الانفجار في 2008 علي سبيل المثال حيث وجهت دعوة ايضا الي اضراب عام وعصيان مدني ولكن لم يحدث شيء؟
بداية تعبير الشعب المصري عن نفسه بالغ التعقيد، وهذا في ظني يرجع لان هذا الشعب تعرض لمظالم كبيرة عبر تاريخه مما جعله يتفنن في ابتكار وسائل غير تقليدية للمقاومة، مثل الحيلة، والنكتة، واللوع، فالشعب المصري في علاقته بالسلطة يشبه الثعلب الذي يتصنع الموت وفجأة يتحول هذا الميت الي وحش كاسر.
لماذا لم يحدث هذا الانفجار في 2008 او 2014 هذا امر يتعلق بمعطيات اللحظة نفسها، والثورة بالاساس فعل لا يمكن حسابه بشكل دقيق، فالثورة فعل رومانتيكي يحمل ألقا مبهرا. ولو احضرنا احدث كمبيوتر في العالم واعطيناه معطيات الحالة المصرية، فمن المستحيل ان يخبرك انه ستحدث ثورة، فالثورة فعل فجائي يقطع سيولة الزمن التقليدية.
ولكن هناك مشكلة اساسية في الثورة المصرية وايضا الثورة التونسية فهي الثورات التي لم يستول الثوار فيهم علي السلطة، فالثورة يعلن نجاحها، عندما تقوم الفئة السياسية او الاجتماعية التي قادت الثورة بتسلم السلطة، وهذا لم يحدث، لانها كانت ثورة سلمية لم ترق فيها دماء مثل الثورة الفرنسية او البلشفية، واستغرقت الاحداث وقتا قصيرا قياسيا وانتصرت انتصارا رمزيا باسقاط رمز النظام ولكن كي يحدث التحول الواقعي هذا يحتاج وقتا طويلا. ولابد من ابتكار طرق جديدة لاستمرار الثورة.
اذن كيف نوصف ما حدث بانه انتفاضة او ثورة؟
ما حدث هو ثورة لانها اعلنت ان الدولة الاستبدادية التي كانت قائمة منذ ثلاثين عاما قد انتهت، وهذا الاعلان تم تبنيه شعبيا، ثورة لان الشباب الذين قاموا بها وهم المنتمون الي الطبقة المتوسطة بمختلف فئاتها كسروا السدود بينهم وبين طبقات الشعب الاخري فحدث امداد شعبي، وهذا علي عكس الحركات الاحتجاجية في السنوات الماضية حيث ظلت النخبة محصورة بدون امدادات شعبية، فكان يسهل للنظام القيام بهجوم مضاد، لكن هذه المرة سقطت الحواجز وحدث الالتحام. من قبل كانت "الجماهير" تشاهد المظاهرات الصغيرة في وسط البلد وتسخر منها لان هذه الجماهير كانت خائفة.
بين السلاح والجسد العاري
كيف يختلف برأيك جيل الشباب الحالي عن الاجيال السابقة؟
هذه الثورات هي ثورة طبقة متوسطة تريد حقوقا سياسية ديموقراطية، ونظام مبارك كان اشبه بالمقاتل الغبي الذي سد جميع المنافذ علي خصمه فحرية التعبير، هي حرية الصياح، والانتخابات يتم تزويرها بفجاجة، وهذا يؤدي الي منفذين اما الثورة الشعبية او التنظيمات السرية المسلحة.
الجيل الجديد من الشباب المصري ادرك علي العكس من جيل السبعينيات ان من سيرفع السلاح في وجه الدولة المصرية سيخسر بسبب طبيعة المجتمع المصري، وثقافته، والجيل الجديد أدرك ان هناك ما يسمي ب"الحكم الرشيد" ان يولد المواطن حرا ويستطيع الحصول علي عمل شريف يكفيه، وان تكون هناك حرية ديموقراطية،وحرية في السفر، وان تلغي اجهزة الامن السرية، او المحاكمات العسكرية، وان هذه الاجندة تم تنفيذها في دول عالم ثالث مثل ماليزيا، وسنغافورة، وبشكل ما في تركيا.
ويختلف هذا الجيل في ايمانه بان الديموقراطية والعمل السلمي هما الاداة التي يمكنها تنفيذ ما لا تستطيعه الوسائل الاخري، خصوصا انهم رأوا باعينهم تجارب فاشلة مثل استعمال السلاح في وجه الدولة، او فشل الانتفاضة الفلسطينية عند تحولها من انتفاضة سلمية الي عمليات مسلحة، فادرك ان استعمال قوة الجسد العاري يمكنها ان تغلب اجهزة قمع التي تمتلكها الدولة، فاذا كانت الدولة تملك الف جندي فالمظاهرة ستكون مائة الف مواطن وستنتصر، وهذا هو التغير الاساسي في الثقافة السياسية للمصريين والعرب. وما حدث في مصر بالنسبة لي هو تغير نوعي، فهذه الثورة انقذت الدولة المصرية من نظام مبارك.
هل يمكن ان تشهد المنطقة العربية ميلادا ثانيا للانظمة الجمهورية؟
التغيرات الحاصلة منذ الثمانينيات والتي يطلق عليها البعض ثورة المعلومات، او العولمة، او ما بعد الحداثة طرحت قضايا جديدة علي أجندة أي شعب تتعلق بالديموقراطية والمشاركة في ادارة الحكم والمشكلة ان الأنظمة الحاكمة في المنطقة العربية كلها تقوم علي فلسفة واحدة، ان تأخذ السلطة بيدها كل مقادير القوة والحكم، وتترك للمجتمع الحياة المادية اليومية، وهذا يعني ان عليك التسليم بسلطة هؤلاء لكي تعيش فقط.
ومنذ اللحظة الاولي لتأسيس الجمهوريات العسكرية وعلي رأسها جمهورية ناصر، عقدت مقايضة بين السلطة والجماهير. السلطة ستعطي الطعام والملابس وبعض التعليم الجيد ونحن سنحكم البلاد، ويجب ان نكون جيشا واحدا يحقق التحديث والتقدم ويحرر فلسطين ويبني الاشتراكية. كانت هناك دولة سلطوية في طور التكوين لكنها تملك مشروعا يمكنه ان يجذب الكثير من الفئات الاجتماعية وراءها.
ولكن تخلت السلطة عن الوفاء بمتطلبات تلك المقايضة بداية منذ هزيمة 1967 ولكنها لن تتوقف عن المطالبة باستمرارها، فكفت عن منح الخدمات الاساسية، وتوقفت عن استكمال مشروعها، وايضا لم تمنح الديموقراطية او تشرك الشعب معها في ادارة شئون البلاد، من اجل ذلك نجد ان السادات قد قتل، وكان يجب من بعده تغيير نمط حكم البلاد، ولم يحدث هذا فخلع الرئيس الثاني.
السلوكيات الثورية
كيف تري تغير السلوكيات الذي شهدناه في ايام الثورة، فلم ترفع شعارات دينية ولم يتحدث أحد عن الحرام والحلال وما الي ذلك؟
لان الثورة فعل رومانتيكي شعري، فاذا كنت أصلي وانت لا، فلا فارق بيننا اذا كنا في مواجهة العسكر ونحن الاثنين معرضان للموت، السلوكيات التي كانت موجودة من قبل هي تعبير عن العجز الذي كان موجودا عند المصريين، والذي كان يدفع للبحث عن اي سلطة ممكنة، والسلطة المتاحة للجميع هي سلطة الله، لذا كانت هذه السلوكيات موجودة من قبيل الاختلاف علي اللحية وطولها، والحجاب وشكله، ولكن لحظة اختفاء العجز تختفي سلوكياته.
كانت هناك حالة من توحد المصير، بغض النظر عن الدين او الانتماء السياسي والاختلاف العقائدي كلنا معرضون للموت في هذه اللحظة
كيف يمكن الحفاظ علي هذه الروح كي تتحول الي سلوك؟
لا يمكن الحفاظ علي هذه الروح الا اذا نجحت الثورة في تحقيق اهدافها، والتي هي ببساطة حكم ديموقراطي رشيد عقلاني فيه سيادة للقانون واحترام للعقد الاجتماعي المعلن وشفافية وافساح المجال لكافة التيارات السياسية للافساح عن نفسها واتخاذ مبادرات تخصها وتخص المواطنين، في هذه الحالة ستجد شعبا جديدا يختلف تماما عن الذي كان موجودا في السنين الماضية. يبدأ الامر باضطراب شديد كالذي نراه حاليا، ولكن اذا تحققت اهداف الثورة علي مدي قليل من السنين سينتهي تماما، ساعتها ستشعر بالعدل وسيادة القانون وبالتالي بالاطمئنان، واكثر قدرة علي الحلم والانجاز. في هذه الحالة يتغير نظام القيم المختل، وسيدرك الافراد عدم وجود فجوة بين مصالحه الفردية ومصالح المجموع، لان نظام مبارك اسقط مفهوم المصلحة العامة، فهو نظام لم يكن يريد حل المشاكل بل كان يري فيها احدي اليات السيطرة، فانا اتهم نظام مبارك انه لم يكن يحل مشاكل الارتياب الطائفي بين المسلمين والمسيحيين بل كان يزيد النار بينهم، لانه وجد في هذه المشكلة آلية سيطرة كي يستخدمها. نظام مبارك لم يكن يريد القضاء علي الاخوان بل كان يعطيهم مساحة محدودة للحركة واذا تجاوزها يضربهم بقوة ويصدر في الغرب فزاعتهم، وبعض المثقفين من الحراس الايديولوجيين للنظام كانوا يصورون الاخوان علي انهم الوحش الذي سيلتهم الجميع
الأخطار الحقيقية
لكن الا تري ان الاخوان قد يشكلون خطرا في المرحلة القادمة؟
وبالنسبة لي ما حدث في الايام الاخيرة من25 يناير حتي الان سيحدث تغيرات بالغة العمق في الاخوان، فبعد ثمانين عاما من العمل السري، الذي اصبح طبيعة لازمة للتنظيم، عندما يتحول الاخوان الي حزب معلن فهذا يعني عدة اشياء أهمها الاعلان عن مصادر تمويل الحزب بشكل واضح، وان هذا الحزب سيعمل في اطار الدولة المصرية وليس اممية اسلامية، وان تكون هناك انتخابات داخلية نزيهة ومعلنة. في هذه الحالة يتم الدفع بالاخوان الي الاندماج، ويتحول الاخوان من جماعة مغلقة الي جماعة مفتوحة تشكل عنصرا في فضاء اوسع. وهذا من اهم انجازات الثورة اذ دفعت القوي التقليدية المحظورة من قبل النظام الي النور، وايضا اسقطت الاحزاب التي كانت تشكل اجنحة تقليدية للنظام مثل التجمع والناصري.
وماذا عن اليسار والحركات السياسية الجديدة؟
كل من في مصر فوجئ بهذه الثورة، وسيجد نفسه في موقف صعب سواء الاخوان، ام الحركات الجديدة، التي ستتعلم السياسة من جديد بعد ان كانت مصادرة في مصر، وستتطور هذه القوي عبر حركتها الذاتية ضمن حركة المجتمع ويصبح الاخرون خصوما سياسيين وليسوا اعداء عقائدين. وسيواجه اليسار سؤالا جوهريا هل سيكون قادرا علي لملمة شتاته؟ القوي العلمانية بشكل عام هل ستستطيع تجميع قوتها والتواجد في الشارع المصري. قبل 25 يناير كانت هناك حجة للجميع وهي قمع النظام، وهناك من كانت وظيفته هي المعارضة،ولم يكن يحمل اي سيناريو للوصول الي السلطة عبر انتخابات او بغيرها. اما الان فالساحة تحتاج الي قوي لديها برامج واضحة تجاه المشاكل الموجودة، كي تستطيع المنافسة في الانتخابات، وهنا سيدخل الجميع ساحة السياسة الحقيقية.
الجيش والشعب
ما الذي يمكن ان يشعرك بالقلق هذه الايام؟
ما يخفيني هي العناصر التقليدية تمتلك القوة والفت ان تمارس سلوكا سياسيا في الواقع، فلديك في الواقع الثقافي والسياسي والاجتماعي نماذج صنعها النظام القديم وتحتاج الي تفكيك عميق بدءا من الرجل الذي يستولي علي الرصيف لاقامة نشاط تجاري وانتهاء بنجوم كبار في المجتمع
فهناك اشكال خلقها النظام السابق واصبحنا نتصور انها طبيعية، ومثل هذه الاشكال والسلوكيات هي التي تحتاج الي وقت، وجهد حقيقي.
فدعوة مثل ختان البنات لانها كانت صادرة من زوجة الرئيس المتهم هو واسرته لم تكن تلقي قبولا، ولكن الان تحتاج مثل هذه الدعوة الي عمل حقيقي خارج من منظمات اهلية حقيقية كي يمكن ان ننتظر ثمارا فعلية لعمل مثل هذا.
وعلينا التنبه لأن ثورتي مصر وتونس لم تحدث من اسفل الي اعلي، ولكن من اعلي الي اسفل فلم تتحرك الثورة من الشارع الي الحي ثم المنطقة والمدينة وصولا الي الرئاسة ما حدث هو اسقاط رأس الحكم اولا ولكن لازال النظام موجودا ويحتاج الي تفكيك، وفي هذه الحالة هناك افراد سيدافعون عن النظام القديم وهناك كتلة كبيرة هي ليست مع النظام القديم تماما وليست ايضا مع النظام الجديد تماما، وهنا علي القوة الاكثر حداثة في المجتمع ان تجتذبهم لصالحها، فهؤلاء هم منطقة الصراع والتي تستلزم وقتا لانك تتعامل مع بناء عتيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.