استعدادا للعام الدراسى الجديد .. محافظ الدقهلية يجتمع مع قيادات التعليم بالمحافظة    اليورو يسجل أعلى مستوى مقابل الدولار منذ 2021    كامل الوزير: مبادرة جديدة لإعادة تشغيل 11 مصنعا متعثرا قبل نهاية الشهر    وزير المالية: إطلاق الحزمة الثانية من التسهيلات الضريبية للحوار المجتمعي قريبًا    نتنياهو: نعمل على إجلاء سكان غزة.. ونفتح طرقا إضافية لتحقيق الهدف بشكل أسرع    بسبب "فيروس" إمام عاشور.. كشف شامل لنجوم الأهلى.. فيديو    تشكيل أرسنال الرسمي لمباراة أتلتيك بيلباو في دوري أبطال أوروبا    فيديو متداول يقود لضبط مروجى مخدرات بالهرم بحوزتهما سلاح ودراجة بدون لوحات    السياحة والآثار تكشف التفاصيل الكاملة لاختفاء أسواره من المتحف المصري بالتحرير    مراسلة القاهرة الإخبارية: انقسامات داخل إسرائيل حول الهجوم على غزة.. فيديو    شاهد تخريج الدفعة 7 من المدرسة القرآنية فى سوهاج    وزير الصحة: تعزيز التعاون بين مصر وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى فى قطاع الصحة    الرعاية الصحية: الاستعداد لإطلاق المبادرة الوطنية للسيطرة على عدوى مجرى الدم    الأهلي ينهي كافة الترتيبات اللازمة لإنعقاد الجمعية العمومية    سارة سلامة بفستان قصير.. ما سر ارتدائها اللون الأسود؟    ورش فنية وعروض تراثية في ختام القافلة الثقافية بقرية البصرة بالعامرية    خبراء يرجحون تثبيت أسعار الوقود في أكتوبر المقبل    منتخب مصر للكرة النسائية تحت 20 سنة يختتم تدريباته قبل السفر إلى غينيا الاستوائية    تعرف على عقوبة إتلاف منشآت الكهرباء وفقا للقانون    مفتي الجمهورية: الحروب والجهل والتطرف أخطر ما يهدد التراث الديني والإنساني    مدرب بيراميدز: لا نخشى أهلي جدة.. وهذا أصعب ما واجهناه أمام أوكلاند سيتي    تشكيل الهلال المتوقع أمام الدحيل في دوري أبطال آسيا    محافظ أسوان يفاجئ أحد المخابز البلدية بكوم أمبو للتأكد من جودة الخبز    تأجيل محاكمة 111 متهما بقضية "طلائع حسم" لجلسة 25 نوفمبر    تجديد حبس المتهم بقتل زوجته بطعنات متفرقة بالشرقية 45 يوما    إصابة سيدة ونفوق 40 رأس ماشية في حريق بقنا    صور | جريمة على الطريق العام.. مقتل عامل ونجله في تجدد خصومة ثأرية بقنا    تنظيم معسكرات بالتنسيق مع الشباب والرياضة في بني سويف لترسيخ التعامل مع القضية السكانية    وزير التعليم العالي: استعداد الجامعات الأهلية للعام الدراسي الجديد ب192 برنامجًا وتوسّع في المنح الدراسية    إطلاق قافلة "زاد العزة" ال38 إلى غزة بحمولة 122 ألف سلة غذائية    برشلونة يحدد ملعب يوهان كرويف لمواجهة خيتافي في الجولة الخامسة من الليجا    البنك الأهلي المصري يحتفل بتخريج دفعة جديدة من الحاصلين على منح دراسية بمدينة زويل    التنمية المحلية ومحافظ الأقصر يتسلمان جائزة الآغا خان العالمية للعمارة    جامعة قناة السويس تعلن مد فترة التسجيل ببرامج الدراسات العليا حتى 30 سبتمبر    هل سمعت عن زواج النفحة؟.. دار الإفتاء توضح الحكم الشرعى    اتحاد المصدرين السودانيين: قطاع التصنيع الغذائى فى السودان يواجه تحديات كبيرة    مدبولي: وعي المواطن خط الدفاع الأول.. وماضون في الخطط التنموية رغم الأزمات    ندوة توعوية حول أهداف التأمين الصحى الشامل ورعاية العمالة غير المنتظمة بالإسماعيلية    محافظ المنيا يتابع أعمال القافلة المجانية لخدمة 5 آلاف مواطن    11 طريقة لتقليل الشهية وخسارة الوزن بشكل طبيعي دون أدوية    أستاذ فقه: الشكر عبادة عظيمة تغيب عن كثير من الناس بسبب الانشغال بالمفقود    وزير الكهرباء: الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية حقٌ أصيل لجميع الدول    99.1% هندسة بترول السويس و97.5% هندسة أسيوط بتنسيق الثانوي الصناعي 5 سنوات    وزير الأوقاف لمصراوي: أتأثر كثيرا ب د. علي جمعة.. والرسول قدوتي منذ الصِغر    السكك الحديدية: إيقاف تشغيل القطارات الصيفية بين القاهرة ومرسى مطروح    أمين الإفتاء: الكلاب طاهرة وغسل الإناء الذي ولغ فيه أمر تعبدي    مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: القصف الإسرائيلي بالدوحة يقوض السلام الإقليمي    ميرتس يسعى لكسب ثقة قطاع الأعمال ويعد ب«خريف إصلاحات» لإعادة التنافسية لألمانيا    وزير التعليم: المناهج الجديدة متناسبة مع عقلية الطالب.. ولأول مرة هذا العام اشترك المعلمون في وضع المناهج    الإفتاء تحذر من صور متعددة للكذب يغفل عنها كثير من الناس    ترامب يستبعد شن إسرائيل المزيد من الضربات على قطر    تودور: إنتر أقوى من نابولي في سباق لقب الدوري الإيطالي    ترامب يعلن مقتل 3 أشخاص باستهداف سفينة مخدرات من فنزويلا    «سويلم» لمجموعة البنك الدولي: «سياسات حديثة لمنظومة الري»    تعرف على برجك اليوم 2025/9/16.. «العذراء»: ركّز على عالمك العاطفى .. و«الدلو»: عقلك المبدع يبحث دومًا عن الجديد    "تم عقد اجتماع مع أحدهما".. مدرب البرتغال السابق يدخل دائرة اهتمامات الأهلي مع أورس فيشر    ليت الزمان يعود يومًا.. النجوم يعودون للطفولة والشباب ب الذكاء الاصطناعي    أبرزها استبدل البطارية.. 8 خطوات سهلة تجعل جهاز آيفون القديم جديدًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد بدوي: هذه ثورة الطبقة المتوسطة
القوي المحظورة خرجت إلي النور والأحزاب الحليفة للنظام سقطت
نشر في الأخبار يوم 16 - 03 - 2011

نتىجة الانتخابات البرلمانىة الأخىرة تعبىر عن بله سىاسى
الجيل الجديد أدرك فشل من يحمل السلاح في وجه السلطة
نظام مبارك كان أشبه بالمقاتل » الغبي«
سد علي خصمه جميع المنافذ ..فانفجر ضده
يعد الدكتور محمد بدوي احد المع الذهنيات النقدية في الساحة الثقافية المصرية، حيث تفارق اعماله ودراساته المفهوم الضيق للنقد الادبي التقليدي وتتعداه الي محاولة قراءة السياق الثقافي المجتمعي الاشمل. بدوي الذي يعد الان قراءة نقدية ضخمة لاعمال روائي مصر الاكبر نجيب محفوظ يحاول عبر دراسته قراءة سمات الشخصية المصرية التي يري بدوي في اعمال محفوظ اكبر تجسيد لها. في حوارنا مع بدوي حول ثورة يناير المصرية يدخل بنا الي مقارنات بين جيل السبعينيات الاكثر ثورية في نصف القرن الماضي وجيل بداية القرن الحالي، ولماذا فشل الاول رغم انه حمل السلاح، وانتصر الثاني رغم انه استخدم جسده العاري، ولماذا قتل رئيس وخلع الرئيس الثاني. وعن لحظة التطابق بين الشعب والجيش، وحول المخاطر التي تحيط بالثورة الوليدة
دعنا نبدأ منذ 25 يناير... ماذا حدث؟
ما حدث في 25 يناير هو تكثيف لوعي سياسي ظل يتكون ببطء عبر الاحتجاجات والتحركات والنقاشات منذ سنة 2000 والتي قامت بها فئات اجتماعية اتيح لها قدر من التعليم والسفر الي الخارج واكتساب خبرات التواصل مع خبرات العالم الخارجي عبر استخدام الوسائط الحديثة بشكل ايجابي وانفجر كل هذا في لحظة واحدة، نتيجة لاستبداد السلطة السياسية التي لم تقم بعملية اعادة انتاج سلطاتها ولو ببطء، حتي لا تفقد وجودها.
فالرئيس مبارك والدائرة السلطوية حوله تصرفوا كما لو كان حكم مصر هو منحة لهم فقط من السماء. بالتالي لم يحاولوا اعادة انتاج السلطة بل علي العكس وضعوها في مأزق مثل مأزق التوريث، الذي حدث في لحظة معقدة جدا كان يمكن فيها لمصر أن تجدد نفسها كدولة، لكن ما حدث هو العكس تماما، فتم استبدال التوريث السياسي الحاصل منذ يوليو 1952 حيث يورث عسكري السلطة لعسكري آخر، لعسكري يورث السلطة لابنه، وهذا ما اثار غضب الشعب المصري، وفيما يبدو القوات المسلحة ايضا.
وظهرت الاثار الفظيعة لعملية التوريث الفظيعة في اطلاق يد الشرطة عبر قانون الطوارئ، والعبث بالدستور بصورة مزرية، وصولا الي معركة الانتخابات الاخيرة، التي ادارها أحمد عز لتبدو السلطة مثل الرجل السفيه الذي لا يري ابعد من قدميه، بأن تصبح نتيجة الانتخابات 99٪ للحزب الوطني فهذا بله سياسي.
لكن ما تلك الفترة التي تري ان مصر كان من الممكن ان تجدد فيها سلطتها؟
في الفترة من 1998 وحتي ظهور مخطط التوريث، فهذه الفترة شهدت انخفاض ديون مصر بنسبة كبيرة، حيث استفادت مصر من حرب الخليج وكان من الممكن ان تشهد مصر نموا اقتصاديا يصحبه اصلاح سياسي، وقدر من تجميل النظام علي المستوي الاجتماعي.
لكن ما حدث هو عكس ذلك تماما، اذ بدأ مخطط التوريث، وهو ما أدخل البلاد الي طريق مسدود يمكن للسلطة فيه ان تصنع ما تشاء. وهو ما أدي إلي اتساع دائرة الرفض الشعبي، كلما أمعنت السلطة في ارتكاب الاخطاء، بالاضافة الي الصلف والغرور الذي تعاملت به السلطة طوال الوقت، وصولا الي مقولة الرئيس مبارك عندما علم بشأن اقامة برلمان مواز نظرا لتزوير الانتخابات البرلمانية "خليهم يتسلوا"!!
فاذا حللت خطاب السلطة فستجد حالة من عدم الادراك لمتغيرات اللحظة. ومن ثم عندما حدث الانفجار قوبل بخطة مضحكة لتصفية هذه الاحتجاجات. مثل الاستعانة بالبلطجية، والبلطجي بالاساس ليس قاتلا، ولكنه يمكنه ان يثير ضجة، لذلك كان يستعين به في الانتخابات لانه يمكن ان يثير خوف ابناء الطبقة المتوسطة المهندمين، لكن ان تضع بلطجية في مواجهة جموع غاضبة وتعرف ماذا تريد وتحمل تصميما كبيرا للحصول علي ما تريد فهذه خطة امناء شرطة.
انتفاضة أم ثورة
لكن لماذا لم يحدث هذا الانفجار في 2008 علي سبيل المثال حيث وجهت دعوة ايضا الي اضراب عام وعصيان مدني ولكن لم يحدث شيء؟
بداية تعبير الشعب المصري عن نفسه بالغ التعقيد، وهذا في ظني يرجع لان هذا الشعب تعرض لمظالم كبيرة عبر تاريخه مما جعله يتفنن في ابتكار وسائل غير تقليدية للمقاومة، مثل الحيلة، والنكتة، واللوع، فالشعب المصري في علاقته بالسلطة يشبه الثعلب الذي يتصنع الموت وفجأة يتحول هذا الميت الي وحش كاسر.
لماذا لم يحدث هذا الانفجار في 2008 او 2014 هذا امر يتعلق بمعطيات اللحظة نفسها، والثورة بالاساس فعل لا يمكن حسابه بشكل دقيق، فالثورة فعل رومانتيكي يحمل ألقا مبهرا. ولو احضرنا احدث كمبيوتر في العالم واعطيناه معطيات الحالة المصرية، فمن المستحيل ان يخبرك انه ستحدث ثورة، فالثورة فعل فجائي يقطع سيولة الزمن التقليدية.
ولكن هناك مشكلة اساسية في الثورة المصرية وايضا الثورة التونسية فهي الثورات التي لم يستول الثوار فيهم علي السلطة، فالثورة يعلن نجاحها، عندما تقوم الفئة السياسية او الاجتماعية التي قادت الثورة بتسلم السلطة، وهذا لم يحدث، لانها كانت ثورة سلمية لم ترق فيها دماء مثل الثورة الفرنسية او البلشفية، واستغرقت الاحداث وقتا قصيرا قياسيا وانتصرت انتصارا رمزيا باسقاط رمز النظام ولكن كي يحدث التحول الواقعي هذا يحتاج وقتا طويلا. ولابد من ابتكار طرق جديدة لاستمرار الثورة.
اذن كيف نوصف ما حدث بانه انتفاضة او ثورة؟
ما حدث هو ثورة لانها اعلنت ان الدولة الاستبدادية التي كانت قائمة منذ ثلاثين عاما قد انتهت، وهذا الاعلان تم تبنيه شعبيا، ثورة لان الشباب الذين قاموا بها وهم المنتمون الي الطبقة المتوسطة بمختلف فئاتها كسروا السدود بينهم وبين طبقات الشعب الاخري فحدث امداد شعبي، وهذا علي عكس الحركات الاحتجاجية في السنوات الماضية حيث ظلت النخبة محصورة بدون امدادات شعبية، فكان يسهل للنظام القيام بهجوم مضاد، لكن هذه المرة سقطت الحواجز وحدث الالتحام. من قبل كانت "الجماهير" تشاهد المظاهرات الصغيرة في وسط البلد وتسخر منها لان هذه الجماهير كانت خائفة.
بين السلاح والجسد العاري
كيف يختلف برأيك جيل الشباب الحالي عن الاجيال السابقة؟
هذه الثورات هي ثورة طبقة متوسطة تريد حقوقا سياسية ديموقراطية، ونظام مبارك كان اشبه بالمقاتل الغبي الذي سد جميع المنافذ علي خصمه فحرية التعبير، هي حرية الصياح، والانتخابات يتم تزويرها بفجاجة، وهذا يؤدي الي منفذين اما الثورة الشعبية او التنظيمات السرية المسلحة.
الجيل الجديد من الشباب المصري ادرك علي العكس من جيل السبعينيات ان من سيرفع السلاح في وجه الدولة المصرية سيخسر بسبب طبيعة المجتمع المصري، وثقافته، والجيل الجديد أدرك ان هناك ما يسمي ب"الحكم الرشيد" ان يولد المواطن حرا ويستطيع الحصول علي عمل شريف يكفيه، وان تكون هناك حرية ديموقراطية،وحرية في السفر، وان تلغي اجهزة الامن السرية، او المحاكمات العسكرية، وان هذه الاجندة تم تنفيذها في دول عالم ثالث مثل ماليزيا، وسنغافورة، وبشكل ما في تركيا.
ويختلف هذا الجيل في ايمانه بان الديموقراطية والعمل السلمي هما الاداة التي يمكنها تنفيذ ما لا تستطيعه الوسائل الاخري، خصوصا انهم رأوا باعينهم تجارب فاشلة مثل استعمال السلاح في وجه الدولة، او فشل الانتفاضة الفلسطينية عند تحولها من انتفاضة سلمية الي عمليات مسلحة، فادرك ان استعمال قوة الجسد العاري يمكنها ان تغلب اجهزة قمع التي تمتلكها الدولة، فاذا كانت الدولة تملك الف جندي فالمظاهرة ستكون مائة الف مواطن وستنتصر، وهذا هو التغير الاساسي في الثقافة السياسية للمصريين والعرب. وما حدث في مصر بالنسبة لي هو تغير نوعي، فهذه الثورة انقذت الدولة المصرية من نظام مبارك.
هل يمكن ان تشهد المنطقة العربية ميلادا ثانيا للانظمة الجمهورية؟
التغيرات الحاصلة منذ الثمانينيات والتي يطلق عليها البعض ثورة المعلومات، او العولمة، او ما بعد الحداثة طرحت قضايا جديدة علي أجندة أي شعب تتعلق بالديموقراطية والمشاركة في ادارة الحكم والمشكلة ان الأنظمة الحاكمة في المنطقة العربية كلها تقوم علي فلسفة واحدة، ان تأخذ السلطة بيدها كل مقادير القوة والحكم، وتترك للمجتمع الحياة المادية اليومية، وهذا يعني ان عليك التسليم بسلطة هؤلاء لكي تعيش فقط.
ومنذ اللحظة الاولي لتأسيس الجمهوريات العسكرية وعلي رأسها جمهورية ناصر، عقدت مقايضة بين السلطة والجماهير. السلطة ستعطي الطعام والملابس وبعض التعليم الجيد ونحن سنحكم البلاد، ويجب ان نكون جيشا واحدا يحقق التحديث والتقدم ويحرر فلسطين ويبني الاشتراكية. كانت هناك دولة سلطوية في طور التكوين لكنها تملك مشروعا يمكنه ان يجذب الكثير من الفئات الاجتماعية وراءها.
ولكن تخلت السلطة عن الوفاء بمتطلبات تلك المقايضة بداية منذ هزيمة 1967 ولكنها لن تتوقف عن المطالبة باستمرارها، فكفت عن منح الخدمات الاساسية، وتوقفت عن استكمال مشروعها، وايضا لم تمنح الديموقراطية او تشرك الشعب معها في ادارة شئون البلاد، من اجل ذلك نجد ان السادات قد قتل، وكان يجب من بعده تغيير نمط حكم البلاد، ولم يحدث هذا فخلع الرئيس الثاني.
السلوكيات الثورية
كيف تري تغير السلوكيات الذي شهدناه في ايام الثورة، فلم ترفع شعارات دينية ولم يتحدث أحد عن الحرام والحلال وما الي ذلك؟
لان الثورة فعل رومانتيكي شعري، فاذا كنت أصلي وانت لا، فلا فارق بيننا اذا كنا في مواجهة العسكر ونحن الاثنين معرضان للموت، السلوكيات التي كانت موجودة من قبل هي تعبير عن العجز الذي كان موجودا عند المصريين، والذي كان يدفع للبحث عن اي سلطة ممكنة، والسلطة المتاحة للجميع هي سلطة الله، لذا كانت هذه السلوكيات موجودة من قبيل الاختلاف علي اللحية وطولها، والحجاب وشكله، ولكن لحظة اختفاء العجز تختفي سلوكياته.
كانت هناك حالة من توحد المصير، بغض النظر عن الدين او الانتماء السياسي والاختلاف العقائدي كلنا معرضون للموت في هذه اللحظة
كيف يمكن الحفاظ علي هذه الروح كي تتحول الي سلوك؟
لا يمكن الحفاظ علي هذه الروح الا اذا نجحت الثورة في تحقيق اهدافها، والتي هي ببساطة حكم ديموقراطي رشيد عقلاني فيه سيادة للقانون واحترام للعقد الاجتماعي المعلن وشفافية وافساح المجال لكافة التيارات السياسية للافساح عن نفسها واتخاذ مبادرات تخصها وتخص المواطنين، في هذه الحالة ستجد شعبا جديدا يختلف تماما عن الذي كان موجودا في السنين الماضية. يبدأ الامر باضطراب شديد كالذي نراه حاليا، ولكن اذا تحققت اهداف الثورة علي مدي قليل من السنين سينتهي تماما، ساعتها ستشعر بالعدل وسيادة القانون وبالتالي بالاطمئنان، واكثر قدرة علي الحلم والانجاز. في هذه الحالة يتغير نظام القيم المختل، وسيدرك الافراد عدم وجود فجوة بين مصالحه الفردية ومصالح المجموع، لان نظام مبارك اسقط مفهوم المصلحة العامة، فهو نظام لم يكن يريد حل المشاكل بل كان يري فيها احدي اليات السيطرة، فانا اتهم نظام مبارك انه لم يكن يحل مشاكل الارتياب الطائفي بين المسلمين والمسيحيين بل كان يزيد النار بينهم، لانه وجد في هذه المشكلة آلية سيطرة كي يستخدمها. نظام مبارك لم يكن يريد القضاء علي الاخوان بل كان يعطيهم مساحة محدودة للحركة واذا تجاوزها يضربهم بقوة ويصدر في الغرب فزاعتهم، وبعض المثقفين من الحراس الايديولوجيين للنظام كانوا يصورون الاخوان علي انهم الوحش الذي سيلتهم الجميع
الأخطار الحقيقية
لكن الا تري ان الاخوان قد يشكلون خطرا في المرحلة القادمة؟
وبالنسبة لي ما حدث في الايام الاخيرة من25 يناير حتي الان سيحدث تغيرات بالغة العمق في الاخوان، فبعد ثمانين عاما من العمل السري، الذي اصبح طبيعة لازمة للتنظيم، عندما يتحول الاخوان الي حزب معلن فهذا يعني عدة اشياء أهمها الاعلان عن مصادر تمويل الحزب بشكل واضح، وان هذا الحزب سيعمل في اطار الدولة المصرية وليس اممية اسلامية، وان تكون هناك انتخابات داخلية نزيهة ومعلنة. في هذه الحالة يتم الدفع بالاخوان الي الاندماج، ويتحول الاخوان من جماعة مغلقة الي جماعة مفتوحة تشكل عنصرا في فضاء اوسع. وهذا من اهم انجازات الثورة اذ دفعت القوي التقليدية المحظورة من قبل النظام الي النور، وايضا اسقطت الاحزاب التي كانت تشكل اجنحة تقليدية للنظام مثل التجمع والناصري.
وماذا عن اليسار والحركات السياسية الجديدة؟
كل من في مصر فوجئ بهذه الثورة، وسيجد نفسه في موقف صعب سواء الاخوان، ام الحركات الجديدة، التي ستتعلم السياسة من جديد بعد ان كانت مصادرة في مصر، وستتطور هذه القوي عبر حركتها الذاتية ضمن حركة المجتمع ويصبح الاخرون خصوما سياسيين وليسوا اعداء عقائدين. وسيواجه اليسار سؤالا جوهريا هل سيكون قادرا علي لملمة شتاته؟ القوي العلمانية بشكل عام هل ستستطيع تجميع قوتها والتواجد في الشارع المصري. قبل 25 يناير كانت هناك حجة للجميع وهي قمع النظام، وهناك من كانت وظيفته هي المعارضة،ولم يكن يحمل اي سيناريو للوصول الي السلطة عبر انتخابات او بغيرها. اما الان فالساحة تحتاج الي قوي لديها برامج واضحة تجاه المشاكل الموجودة، كي تستطيع المنافسة في الانتخابات، وهنا سيدخل الجميع ساحة السياسة الحقيقية.
الجيش والشعب
ما الذي يمكن ان يشعرك بالقلق هذه الايام؟
ما يخفيني هي العناصر التقليدية تمتلك القوة والفت ان تمارس سلوكا سياسيا في الواقع، فلديك في الواقع الثقافي والسياسي والاجتماعي نماذج صنعها النظام القديم وتحتاج الي تفكيك عميق بدءا من الرجل الذي يستولي علي الرصيف لاقامة نشاط تجاري وانتهاء بنجوم كبار في المجتمع
فهناك اشكال خلقها النظام السابق واصبحنا نتصور انها طبيعية، ومثل هذه الاشكال والسلوكيات هي التي تحتاج الي وقت، وجهد حقيقي.
فدعوة مثل ختان البنات لانها كانت صادرة من زوجة الرئيس المتهم هو واسرته لم تكن تلقي قبولا، ولكن الان تحتاج مثل هذه الدعوة الي عمل حقيقي خارج من منظمات اهلية حقيقية كي يمكن ان ننتظر ثمارا فعلية لعمل مثل هذا.
وعلينا التنبه لأن ثورتي مصر وتونس لم تحدث من اسفل الي اعلي، ولكن من اعلي الي اسفل فلم تتحرك الثورة من الشارع الي الحي ثم المنطقة والمدينة وصولا الي الرئاسة ما حدث هو اسقاط رأس الحكم اولا ولكن لازال النظام موجودا ويحتاج الي تفكيك، وفي هذه الحالة هناك افراد سيدافعون عن النظام القديم وهناك كتلة كبيرة هي ليست مع النظام القديم تماما وليست ايضا مع النظام الجديد تماما، وهنا علي القوة الاكثر حداثة في المجتمع ان تجتذبهم لصالحها، فهؤلاء هم منطقة الصراع والتي تستلزم وقتا لانك تتعامل مع بناء عتيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.