اذا كان ما يحدث في مصر الآن من فوضي عمل من فعلنا.. فهو أمر مقدور عليه، حتي لو استغرق الوضع وقتا ننعم بعده بالاستقرار. أما إذا كانت هذه الفوضي من صنع أيد خفية خارجية تعبث بمصر والمنطقة. فهذه هي الكارثة.. احذروا المشهد المرعب للمنطقة، الذي تتحدث به بعض المسئولين الأمريكيين علي مدي السنوات الماضية، وتناولته العديد من الدراسات الأمريكية وكتابات مشاهير وكبار المعلقين والكتاب السياسيين المقربين من دوائر صنع القرار في البنتاجون والبيت الأبيض. تصريحات وأحاديث المسئولين الأمريكيين منذ إدارة بوش الأب اتسمت بالعمومية والغموض حتي يظل من سيطاله تخطيطهم الخبيث في غفلة أو أسري للمفهوم المضاد لمؤامراتهم بألا يجب ان يفكر العرب دائما بمنطق المؤامرة تعبيرا عن العجز وقلة الحيلة وعدم الفهم. ولكن التسريبات التي عمدوا إليها كانت أكثر وضوحا وقوة، وتناولت التفاصيل الدقيقة لمستقبل العالم العربي والإسلامي خلال 52 سنة قادمة. تناولت في هذا المكان الاسبوع قبل الماضي وتحت عنوان »الثورات العربية والفوضي الخلاقة«. ان ما يحدث ليس ببعيد عن خطط كونداليزا رايس التي رفعت شعار الفوضي الخلاقة. والحقيقة انه لم يكن شعارا يقدر ما هو واقع تعمل أمريكا وإسرائيل علي تحقيقه منذ السنوات العشرين الماضية. وكانت رايس الأكثر جرأة في الإفصاح عنه. في تعقيب علي ما نشر فوجئت بتقرير أرسله أحد المهتمين بالمستقبل السياسي العربي يتضمن ما نشره الكاتب جيفري جولد برك في مجلة اتلانتيك الامريكية في عددها الصادر في فبراير 8002. ويتناول فيه الرؤية الأمريكيةالجديدة للشرق الأوسط في العقود القادمة تحت عنوان »شرق أوسط.. ما بعد العراق«. ومرفق به خريطة جديدة للمنطقة حسب التخطيط الذي اعدته أمريكا لتقسيم وتفتيت الدول العربية لصالح الكيان الإسرائيلي وخاصة تمزيق الدول الأكبر والأقوي والأكثر استقرارا في المنطقة مثل مصر والسعودية. يؤكد تقرير جيفري جولد ان أمريكا تسعي في غضون 51 عاما إلي إقامة دولة للبدو في سيناء. واحياء القلاقل في جنوب مصر عن طريق اشعال الفتنة الطائفية بين المسلمين والأقباط واقامة دولة لهم بالجنوب بحجة تعرضهم للاضظهاد. والرعاية الأمريكية لمؤتمرات أقباط المهجر أحد وسائل التأثير علي الرأي العام العالمي. أما الوضع بالعراق فقد اتضحت ملامحه الآن بتقسيمه إلي ثلاث دويلات كردية وشيعية وسنية وفي السودان بدأ تنفيذ الخطة بالفعل بانفصال الجنوب والذي تحدث عنه التقرير منذ ثلاثة أعوام. والبقية تأتي. وفي فلسطين قضية العرب والعالم الإسلامي.. فان القضية في طريقها إلي النهاية قال التقرير سيتم اقامة إمارة غزة الإسلامية. وقد كان.. وضم الضفة الغربية إلي الأردن الكبير. وذلك من أجل تأمين دولة إسرائيل إلي الأبد وعاصمتها القدس الموحدة بشقيها الشرقيةوالغربية. تقرير مجلة »اتلانتيك« يكشف عن مستقبل مرعب من تفتيت دول المنطقة واضعافها. ولا يمكن ان يكون ذلك محض خيال. وخاصة بعد ان بدأت بوادره تتحول إلي واقع نشهده في السودان والعراق وفلسطين. فلماذا لا تكون نفس النوايا الأمريكية والصهيونية تجاه مصر.!