ضربة جديدة للبسطاء ومحدودي الدخل ، موجة اخري من الغلاء تصدم الفقراء ، لكن هذه المرة في الأدوية.. الدواء الذي لاغني عنه ويمثل للمصريين « حياة او موت «.. لسان حال المواطنين « احنا هنلاقيها من السكر والارز والفراخ والخضار ، ولا من الادوية «.. قرار وزير الصحة بزيادة اسعار الادوية الاقل من 30 جنيها بنسبة 20 %، وزيادة اكبر للأدوية التي يزيد سعرها علي 30 جنيها.. اصاب المواطنين بحيرة ووضعهم في ورطة ، هذا القرار جاء عقب « تعطيش « السوق ، واختفاء عدد كبير من ادوية الأمراض المزمنة ، ليكون قرار الزيادة امرا واقعيا ومقبولا بالنسبة للمواطنين. «الاخبار « في جولتها رصدت ردود افعال المواطنين تجاه قرار زيادة اسعار الأدوية وكذلك ردود افعال اصحاب الصيدليات ، ثم نقلت ما تم رصده إلي المسؤولين بوزارة الصحة والغرفة التجارية والشركة القابضة للأدوية رئيس شعبة الأدوية : هدفنا تحقيق الصالح العام للمواطن والشركات المنتجة في البداية يقول مشيل زكي«موظف علي المعاش» :منذ فترة ليست قليلة ارتفعت اغلب اسعار الأدوية التي اعتدنا شراءها، وهذه لم تكن المأساة الوحيدة، فنقص الأدوية ايضا يمثل ازمة حقيقية اصبحت تؤرقنا جميعا، فأحيانا يكون لدينا الاستعداد لدفع ضعف المبلغ مقابل توفير الدواء ومع ذلك لا نجده، وظللنا نعاني لفترة طويلة جدا من نقص ابسط الأدوية من الصيدليات بدون سبب واضح، وبعد هذه الفترة بدأت الآن تتوفر الأدوية التي اختفت ولكن عادت بأسعار مرتفعة، ولا ندري ما السبب ايضا وهو ماحدث في ادوية الضغط والسكر مثلا التي هي بمثابة العلاج الشهري المستمر لي. أدوية أساسية ! ومن جانبه اضاف محمد منتصر «موظف علي المعاش» : لا أدري كيف يتم اتخاذ قرار مثل هذا قبل دراسة الفئة التي تحتاج لهذه الأدوية، ففي حقيقة الأمر الأدوية التي تم رفع سعرها هي ادوية الشارع، اي ادوية المواطن البسيط فلا يوجد منزل الآن يخلو من مريض سكر او ضغط او املاح وهي الأدوية التي شملتها الزيادة في السوق ، وهذه الأدوية تعتبر البديل لنا عن ادوية اخري باهظة الثمن ولا نستطيع شراءها، ولذلك لجأنا إلي الادوية المحلية، ومن الواضح ان صاحب هذا القرار لا يتخيل حال من يحتاج هذه الأدوية من البسطاء . وأوضحت مي مجدي «موظفة « ان الغلاء لم يتوقف عند ادوية السكر والضغط والأملاح فقط بل ايضا وصل إلي الأدوية البسيطة التي دائما لا يخلو منها اي منزل به اطفال مثل ادوية السعال والصداع ومراهم الحروق والإلتهابات وغيرها ، ولا ادري ما السبب في هذا الغلاء المفاجئ ، الذي لم يكن مبررا علي الإطلاق ، مشيرة إلي ان هذا الغلاء في اكثر من صنف عندما يجمع شهريا سوف يكون مبلغا فارقا في الميزانية الشهرية التي يتم تخصيصها والأمر ليس محتملا علي الإطلاق. اما سكينة حسن «ربة منزل» فتقول لقد اصبح الغلاء كالوحش القاتل الذي يطاردنا في كل مكان بلا رحمة ، حتي كاد ان يقضي علينا تماما فبعد ان حاولنا تقبل الغلاء في الأكل والملبس والمشرب بالاستغناء عن الكثير منها، وصل الأمر إلي حد غلاء الأدوية وهو امر غير محتمل بالمرة، فالعلاج لا يمكننا الاستغناء عنه ، مضيفة :»انا مريضة سكر وضغط وابني يعاني من حمي البحر المتوسط وابنتي دائما تتعرض لنزلات برد متكررة نتيجة لضعف مناعتها»، فقد زاد سعر انسولين السكر من 31 جنيها إلي 38 جنيها اما دواء انميا البحر المتوسط فقد ارتفع من 10 جنيهات إلي 50 جنيها. وعبر ممدوح حسن «ضابط علي المعاش» عن تعجبه باستمرار رفع الاسعار في كل شئ، ووصف هذا القرار بالظالم ولا يأتي إلا علي الفقير ،فبدلا من ان ندعم احتياجاته نفاجأ ان الدولة ترفع الاسعار عليه، فمن اين يمكن ان يوفر متطلبات الحياة وكل شيء من حوله في زيادة مستمرة، والاشخاص الذين ليس لديهم تأمين صحي هم من سيدفعون الثمن. أزمة مادية اما عم صبري عبد الهادي الرجل الذي بلغ العقد السادس من عمره وهو يصرف له معاش لا يتعدي ال 400 جنيه ذهب امس لشراء دواء لابنته التي تعاني من فشل كلوي وتم عمل لها عملية زراعة كلي وفوجئ بأن اسعار الدواء زادت مما حمله فرق سعر 50 جنيها عما كان يدفعه مما سبب له ازمة مادية واضطر ان يتنازل عن شراء بعض السلع التموينية. بعد ان استمعنا إلي شكاوي المواطنين من قرار رفع اسعار الدواء، اتجهنا إلي اصحاب الصيدليات لمعرفة وقع القرار عليهم ومدي تقبل المواطنين له. في البداية اتجهنا إلي منطقة الدقي والتقينا د.مصطفي محمود المسئول عن ادارة احدي الصيدليات وسألناه عن ازمة غلاء الأدوية وهل الزيادة اقتصرت علي الادوية الاقل من 30 جنيها فقط ام شملت جميع الادوية؟، فأوضح ان هناك بعض الادوية ارتفع سعرها فعليا منذ ثلاثة اسابيع ماضية ولكن ليس بسبب قرار الوزارة لكن الشركات المنتجة هي التي قررت رفع الاسعار بحجة انها ادوية مستوردة واصبحت تكلفتها باهظة بعد ان ارتفع سعر الدولار، اما عن الادوية اقل من 30 جنيها فتعرضت للزيادة بنسبة 20% إلي 50%، فسألناه: لماذا 50% أليس قرار الوزارة ب 20% فقط، فقال: 20% بحد ادني لان هناك ادوية لا يصلح تطبيق نسبة 20% فقط عليها لان سعرها يتراوح مابين جنيه وثلاثة جنيهات لذلك تصل الزيادة إلي 50% فيتضاعف السعر اما مايتجاوز الاربع جنيهات يتم زيادته بنسبة 20% فقط، واضاف ان معظم عملائه تظهر علي وجوههم علامات الغضب عند معرفة زيادة الاسعار معلقين: «حتي الادوية زادت». واشار د. احمد شوقي صيدلي بإحدي صيدليات منطقة عابدين إلي ان اسعار الأدوية بدأت في الارتفاع منذ فترة وقد شملت الزيادة اغلب ادوية الأمراض المزمنة مثل السكر والضغط والصدر والحساسية وغيرها . ومن جانبه اضاف د. اسامة عثمان صيدلي « ان ارتفاع اسعار الأدوية وخاصة البسيطة اثار غضب العديد من المواطنين الذين ابدوا اعتراضهم علي هذا الغلاء من خلال مشاكسات وخناقات كلامية دائمة معنا ، وكأن الصيادلة هم السبب في ذلك أو كأنهم من قام بفعل ذلك وليس قرارا مفروضا عليهم ، مما جعلنا نضطر احيانا لأن نريهم فواتير الشركات كي يقتنعوا ان الأسعار ارتفعت من قبلهم وليس من قبلنا ، فمثلا فوار الملح كان سعره 4 جنيهات اصبح 7 جنيهات ، واقراص الريفو كانت بجنيه واحد اصبح سعرها 3 جنيهات وهي ابسط انواع الأدوية التي يعتمد عليها محدودو الدخل في العلاج. وفي احدي الصيدليات بمنطقة شبرا عبرت د.مي حسن عن تلك الازمة قائلة : بالفعل عرفنا بقرار الزيادة وتم تطبيقه منذ صباح يوم الاثنين الماضي ولا احد يعلم ما السر وراء زيادة الاسعار بالرغم من انها ادوية محلية يتم تركيبها في مصر . واستنكر د.جلال غراب رئيس الشركة القابضة للأدوية سابقا قرار مجلس الوزراء برفع اسعار الدواء الاقل من 30 جنيها بنسبة تصل إلي 20%، ويشير إلي ان هذا القرار سيأتي بالسلب علي المواطن محدود الدخل الذي هرب من ارتفاع اسعار الادوية المستوردة ولجأ إلي الادوية المحلية كبديل، وتعجب د.جلال من تصريح وزير الصحة في مجلس الوزراء ان هذا القرار يعتبر حلاً لتفادي مشكلة نقص الادوية منخفضة الثمن من الصيدليات لان رفع الاسعار يلزم الشركات المنتجة بتوفير الادوية معلقا :»دي حجج فارغة يعني ايه نوافق علي رفع السعر علشان نوفر الدواء!»، ويضيف الغراب ان هناك بعض الأدوية التي تستحق الزيادة وهي تعتبر نسبة بسيطة وليس كل هذه الاصناف، كما ان سبب رفضه لهذا القرار ان الشركات تطالب بزيادة الاسعار بحجة ان سعر الدولار ارتفع وبالتالي التكلفة ارتفعت ايضا لكن يوضح د.جمال ان الدولار زاد بنسبة 14% فقط وليس 20% كي يتم رفع كل هذه النسبة في الغلاء، كما ان شركات الادوية تكون لها الاولوية في شراء الدولار بالسعر الرسمي، بالاضافة إلي ان الدواء لا يتكون 100% من الخامات المستوردة فقط، بل انها تمثل نسبة ما بين 5% إلي 50% وباقي المواد التي يتكون منها الدواء تكون محلية الصنع وليست مكلفة بالمرة فلماذا كل هذه الزيادة ؟. فيما اكد د. ياسين رجائي مدير المكتب الفني لشئون الصيادلة بوزارة الصحة « ان قرار زيادة اسعار الأدوية التي يقل سعرها عن 30 جنيها هو قرار مجلس الوزراء ولا جدال فيه ولذلك علي جميع الأطراف المتعلقة بالقرار تنفيذه حتي تصل السلعة ليد المستهلك ، مشيرا إلي أن هذا القرار هدفه مواجهة نقص الأدوية في السوق. الحل الوحيد وأوضح د. علي عوف رئيس شعبة الأدوية باتحاد عام الغرف التجارية « منذ فترة ليست قليلة نعاني من نقص العديد من الأدوية بالسوق وهي ادوية حيوية ويعتمد عليها عدد ليس بقليل من المواطنين بالإضافة لكون المستورد مرتفع السعر جدا مقارنة بالمحلي ، ويرجع هذا النقص إلي ان الشركات المصنعة لهذه الأدوية اصبحت تتعرض للخسارة نتيجة استيراد الخامات الخاصة بهذه الأدوية بأسعار مرتفعة وفقا لارتفاع سعر الدولار ومن ثم تصنيعها وبيعها بأسعار منخفضة ،فبعض هذه الأصناف لم يتغير سعرها منذ عام 1999 في حين ارتفع الدولار منذ ذلك الحين وحتي الآن نحو 5 جنيهات ، فالقول بأن هذا القرار ليس مدروسا غير صحيح ، فهذا القرار يدرس منذ اكثر من 20 عاما ونظرا لحساسية الملف والخوف من رد فعل الشارع ، كان كل وزير يركنه إلي الوزير الذي يليه ، حتي تم تطبيقه الآن. واضاف رئيس شعبة الأدوية: « بعض الشركان كانت قد توقفت تماما عن إنتاج هذه الأدوية نتيجة للخسارة في تصنيعها ، فكان الناتج الطبيعي لهذا ان تختفي هذه الأدوية تماما من السوق ، ونظرا لحاجة الكثيرين لها كانوا يضطرون لشراء البديل المستورد بأسعار مضاعفة، فأحد ادوية القلب التي يعتمد عليها الكثيرون ويبلغ سعرها 15 جنيها يصل سعر المستورد منها 80 جنيها ، فحين تكون الزيادة بنسبة 20 % كما فعلنا اعتقد ان هذا هو الحل الأمثل لتوفير هذه الأدوية بسعر معتدل وفي نفس الوقت تشجيع الشركات علي الانتاج بعد ان توقفت بسبب الخسارة. هند النمر وسحر شيبة