يمكن ان يستغني المواطن عن سلع ارتفعت أسعارها، ويمكنه أن يبحث عن ملابس وأطعمة بأسعار أقل، لكن عندما يصل الغلاء إلي الدواء يصبح الأمر مختلفا، فمن غير الوارد أن يستغني عن أدوية كتبها طبيبه لأن أسعارها ارتفعت. في الأسابيع الأخيرة تزايدت الشكاوي من ارتفاع أسعار الأدوية بشكل مبالغ فيه، جعل المريض لا يئن فقط من ألم المرض بل من لهيب الأسعار الذي يستنزف أمواله، لم تكن كلمات المرضي مطلقة فكل منهم يملك أمثلة لأدوية تضاعفت أسعارها بشكل مبالغ فيه، لكن في المقابل خرجت تصريحات تشير إلي أن عدد الأدوية التي شملتها الزيادة لا تتجاوز 1 % من حجم المطروح في السوق، بينما أكدت وزارة الصحة أن حصر الأدوية التي شملتها الزيادة غير ممكن لأن رفع الأسعار يتم يوميا، وبررت ذلك بأنه ضروري لأن هناك أدوية لم تتحرك أسعارها منذ سنوات . قامت «الأخبار» بجولة علي عدد من الصيدليات، رصدت آراء المرضي والعاملين بها، في البداية يقول رشدي إبراهيم : ارتفعت أسعار بعض الأدوية لأكثر من الضعف، فعلي سبيل المثال حبوب منع الحمل التي كنت أحضرها لزوجتي زاد سعرها من 10 إلي 25 جنيها، لكنني مضطر لشرائها، كما أنني أعاني من عدم وجود بعض أصناف الدواء الرخيصة واضطر لترك عملي للبحث عنها مثل مرهم « ايكوتريول « لا أجده في معظم صيدليات مصر . وهوما يؤكده محمد فهمي مشيرا إلي أن الكثير من الأدوية منخفضة السعر غير متوافرة من الأساس فمثلا دواء «ستيللاسيل» الذي يبلغ سعره جنيهين وربعا ويعالج أحد الأمراض النفسية ظل مختفيا لفترة طويلة من الزمن، لكنه عاد مؤخرا في الأسواق مرة أخري . ( 100%) ويشير وليد علي الي ان الزيادات الاخيرة تجاوزت 100% في بعض الاصناف مثل بيتادين غسول الفم وبعض القطرات والمضادات الحيوية مؤكدا ان وصول نار الاسعار الي الدواء يمثل ضررا بالغا خاصة ان الناس تعاني من الغلاء في كل شيء واذا استطاعوا الاستغناء عن السلع المختلفة لايمكن الاستغناء عن الدواء لان معناه العيش الدائم تحت عذاب ا لالام شركات خاصة يوضح أكمل معوض «موظف بإحدي الصيدليات» أن أسعار بعض الأدوية زادت بالفعل، وتتراوح نسبة الزيادة بين 10% و20%، أما بعض أدوية الهرمونات التي لا يستطيع المرضي الاستغناء عنها فقد زاد سعرها أكثر من الضعف مثل أدوية الغدة، ويؤكد أن معظم الأدوية التي ارتفع سعرها تنتجها الشركات الخاصة، وهوالأمر الذي أدي إلي بحث بعض المرضي عن بدائل للأدوية لأن فارق السعر يكون كبيرا . غير موجودة لكن منير صادق «موظف بإحدي الصيدليات» يشير إلي أن الأدوية التي ارتفع سعرها معدودة علي الأصابع، فهناك أدوية ظل سعرها منخفضا جدا وثابتا منذ سنوات، وكان بعض المرضي يبدون رغبتهم في الحصول عليها حتي إذا زاد سعرها، ويري أن المشكلة الحقيقة تكمن في ندرة بعض الأدوية مثل أدوية الأورام التي تستخدم مع كل جرعة كيماوي ولا يمكن للمريض الاستغناء عنها مثل «اندوكسان 1 جم « . خسائر المصانع وقد أكد المختصون وجهة النظر السابقة حيث أوضحوا أن نسبة الأدوية التي ارتفع سعرها تعتبر بسيطة جدا مقارنة بالعدد المفترض تعديل أسعاره، حيث يؤكد الدكتور عادل عبد الحليم رئيس الشركة القابضة للأدوية أن عدد الأدوية التي تم رفع اسعارها خلال الفترة القليلة الماضية يصل تقريبا إلي 47 نوعا لثماني شركات، أي أن نصيب كل شركة حوالي خمسة أدوية، ويري أن عدم زيادة أسعار الأدوية التي تحتاج لذلك ليس في صالح المريض، لأنه سيؤدي لخسائر متراكمة قد تتسبب في وقوع الصناعة. ارتفاع تدريجي رغم أنه يؤكد أن هناك 200 صنف تم رفع أسعارها خلال العامين الماضيين إلا أن الدكتور محمد سعودي وكيل نقابة الصيادلة يري أن هذا العدد يمثل نسبة بسيطة جدا من الأدوية المطروحة في السوق المصري، حيث يصل عدد المطروح إلي 14 ألف صنف تقريبا بخلاف 14 ألفا آخر تحت التسجيل، ويشير إلي أن عدم تعديل سعر الدواء بشكل تدريجي سيفاجئ الجميع بارتفاعها بشكل كبيرمرة واحدة، لأن أسعار المواد الخام وكل مدخلات الصناعة في تزايد مستمر، لكن وجهة نظره لا تمنعه من أن يفجر مشكلة خطيرة فيؤكد أن بعض الشركات تستطيع رفع سعر دوائها أكثر من مرة نتيجة علاقاتها الطيبة بالمسئولين أوصوتها العالي، ويضيف أن بعض الشركات تتحايل لرفع السعر من خلال مضاعفة كمية الدواء داخل العلبة، ويوضح : المكملات الغذائية ومستحضرات التجميل التي لها خصائص علاجية والألبان تقع مسئولية تسجيلها علي معهد التغذية، لكن المشكلة أنه يقوم بالتسجيل ولا يقوم بالتسعير، وبالتالي تستطيع الشركات رفع أسعارها كما تريد . ويواصل : يتراوح ربح الصيدلي في الدواء المستورد بين 8 و10%، أما المحلي فيتراوح بين 12 و20% أي أن متوسط الربح طبقا لتقرير الشركة المصرية لتجارة الأدوية يصل إلي4.11% . ويوضح سعودي أن التفاوت في أسعار الأدوية التي لها نفس المادة الفعالة بنفس التركيز يرجع إلي قرار وزارة الصحة رقم 499 لسنة 2010، الذي يجعل تسعير الدواء المصري مثيل المستورد 65% من ثمنه ثم يقل السعر بنسبة 10% لكل من يريد التسجيل بعد ذلك، وهناك بعض الشركات التي تقوم بالتسجيل ثم تبيع ملف تسجيلها بعد ذلك .. ويقول : لكي نصل إلي منظومة دواء صحيحة نريد «طلاقا بائنا» بين منظومتي الصيدلة والصحة. ناقوس خطر بدوره يوضح الدكتور عادل عبد المقصود رئيس شعبة الصيدليات باتحاد الغرف التجارية أن عدد الأدوية التي تم رفع سعرها لا يمثل 1% من عدد الأدوية، وهوطبيعي في ظل زيادة سعر المادة الخام التي نستوردها من الخارج وارتفاع سعر صرف الدولار الذي نحتاجه في الاستيراد، كما أن هناك أنواعا لم يتحرك سعرها منذ أكثر من 15 سنة، ونتيجة ذلك وصل حجم خسائر شركات قطاع الأعمال لصناعة الأدوية إلي 160 مليون جنيه، ويوضح أن الدواء يمثل 35% فقط من المنظومة الصحية كلها، فإذا أردنا تقليل التكاليف علي المريض فعلينا النظر إلي بقية مكونات المنظومة، أوالبحث عن كيفية تطبيق نظام التأمين الصحي الشامل لكي نرتقي بالخدمة التي يحصل عليها المريض، وإعادة النظر أيضا في التشريعات والقوانين والقرارات التي مازالت تعمل بها المنظومة الصحية منذ أكثر من 50 سنة وجعلها تتواكب مع آليات العصر. ويشير إلي عدم وجود سياسة تسعيرية موحدة، حيث يخرج كل فترة قرار جديد للتسعير، وعندما يتقدم أحد لتسعير صنف يتم البحث عن مثيله في 35 دولة ويتم التسعير بناء علي أقل سعر، ويوضح أن الطريقة العادلة للتسعير هي حساب كل عناصر التكلفة التي تدخل في الصناعة بالإضافة إلي الأرباح، أما في ظل ما يحدث الآن فسوف تغلق مصانع قطاع الأعمال ابوابها قريبا بسبب النزيف الدائم لرأس المال. التزايد يومي يأتي رد وزارة الصحة حاسما فيما يخص التسعير، حيث أكد د. مكرم عاطف معاون وزير الصحة أن تعديل سعر أي دواء يتوقف علي مدة ثبات سعره ومدي الحاجة إليه وتأثيره والإقبال عليه وحجم الزيادة وعبئها علي المريض، بجانب البحث عن مثائله التي تغني عنه، بالإضافة إلي مجموعة شروط وضعتها لجنة التسعير التابعة للإدارة المركزية للصيدلة .. وأشار إلي أنه لا يستطيع تحديد عدد الأدوية التي ارتفع سعرها، لأن العدد في تزايد يومي، خاصة في ظل ارتفاع أسعار المواد الفعالة التي نستوردها من الخارج وزيادة سعر العملة الصعبة.. كما أن 80% من الأصناف التي زاد سعرها من منتجات الشركة القابضة للأدوية التي لم تتحرك أسعار معظم منتجاتها منذ أكثر من 10 سنوات، ورغم ذلك حرصت الوزارة علي أن تظل أسعار أدوية الشركة القابضة هي الأقل في السوق لخدمة المريض، وأيضا للحفاظ علي هذه الشركات التي تعد ملكا للدولة ويعمل بها الآلاف .. ويفسر مكرم تفاوت الأسعار بين أدوية لها نفس المادة الفعالة ونفس التركيز بأن القرارات تسعر الأدوية المماثلة ب 65% من سعر الدواء الأصلي، لأن الشركة الأصلية تحصل علي ما صرفته في الأبحاث والتجارب من سعر المنتج .