هذه الثورة التي فجرها الشعب وفجر بها كل الاصنام التي صنعناها طوال 06 عاما.. هل تنفجر يوما ما في وجه الشعب نفسه. هل يقوم الشعب نفسه بهذه المهمة.. ويقضي علي ثورة صنعها.. واحتضنها ثم بعد ذلك اهال عليها التراب. عجيب فعلا هذا الشعب.. فهو نفسه الذي تحدث عنه العالم بانه ملهم لكل الشعوب.. ورشحته جمعيات عديدة لنيل جائزة نوبل للسلام. لكنه هو نفسه الشعب الذي يثير الرعب في اهله وناسه واطفاله.. وهو الذي يثير الفتنة الطائفية في ابشع صورها وعلي اسوأ ما تكون.. ومن المؤكد انه يفعل ذلك وهو واع تماما لما يفعله.. لكنه لا يعي الهدف الوحيد لما يفعله هو وأد تلك الثورة والقضاء عليها ودفنها.. لتتحول مصر بعد ذلك إلي دمار وخراب وايام سوداء. واذا قال لي احدكم انها فئة ضئيلة قليلة واضيف انا اليه لو انهم فئة مندسة.. فانني ارد عليه وعليهم بان القضية ليست بالعدد أو الحجم.. انها قضية سلوك.. قضية مبدأ.. ومعظم النار اي النار العظيمة هي من مستصغر الشرر اي من الشرر الذي نظنه صغيرا وهو ليس بصغير. نحن الان نقول ان الشرطة كانت فاسدة ومفترية وظالمة.. والتعميم هنا غير صحيح بالمرة.. لأن هذه الصفات كانت تنطبق علي قلة قليلة حتي لو كانت متحكمة من ابناء الشرطة.. اما الاغلبية فقد كانوا اكفاء وطنيين محبين لبلدهم خادمين لمواطنيها فعلا.. لكن السيئة دائما تعم.. وها نحن نعمم الصفات كعادتنا.. ثم نحاول ان نسترجع بعضا من رجال الأمن.. ونحن لا نسأل انفسنا كيف سيعودون وكيف سنستقبلهم. وفي ضوء هذا التعميم المخل.. الذي نحاول ان نعالج اثاره الان.. فاننا نواجه الآن فئة من المسلمين تأخذ كل المسلمين بجرائمهم.. وفئة من المسيحيين يأخذون كل المسيحيين بخطاياهم.. فئتان لا يدريان ما هم فاعلون ببلدهم.. وما هو الطريق الذي ستسير فيه لو نجح احدهما أو كلاهما في مخططهما.. طبعا دمار وحريق وبلاوي سوداء علي الجميع. اذا كان مسئول الأمن السابق غبيا ومتهورا.. ويري ان قوة الأمن تكمن في كثرة الازمات.. لذلك كان يفتعل بين فترة واخري ازمة كبري أو حادثا مأساويا في اي مكان خاصة في مجالي السياحة أو الفتنة الطائفية.. اذا كانت هذه سياسة »العدو الظالم« الذي كان يسمي »حبيب العادلي« فانه لا يمكن ان تكون هذه هي سياستنا الآن. وعلينا ان ننتبه إلي ان التعصب موجود في مصر.. وموجود بقوة في صفوف المسلمين والمسيحيين.. ومجرد تقدم هؤلاء المتعصبين لصفوف مجموع الاغلبية الصامتة فإن البلد.. هاتولع. علي الهامش تظهر صور عديدة تكمل الصورة الرئيسية.. مظاهرات في كل مكان.. الكل يطالب بحقوق مشروعة أو حتي غير مشروعة.. الكل يرمي بلاه علي الكل.. فالطلبة في معظم الجامعات يريدون اقصاء رؤساء الجامعات ونوابهم وعمداء الكليات.. ومظاهرات ضد كل المحافظين وشيخ الازهر.. ورؤساء تحرير ومجالس ادارات الصحف ومسئولي التليفزيون ورئيس جهاز المحاسبات ورؤساء معظم الشركات. يعني البلد بصراحة اصبحت فوضي.. وكمان انفلات امني.. وغياب لكل مسئول قادر علي وقف هذه المهازل.. لان الكل خايف.. وانا بصراحة خائف.. ليس علي نفسي.. ولكن علي البلد الذي اقترب من ان يحترق.. واقتربت الثورة من ان تنجح جماعات التعصب والانفلات والانحراف من ان تقضي عليها.. وتنهبها.. فهل ينقذ الشعب ثورته؟!