في هذا الباب نكشف القناع عن الوجه الآخر للشخصيات التي اعتدنا رؤيتها في ثوب واحد .. نتعرف علي الأفكار والهوايات وتفاصيل الحياة الطبيعية التي تختفي خلف أقنعة المنصب .. أو خلف الظروف التي تفرضها طبيعة العمل . هو واحد من أهم علماء العالم..رجل بسيط متواضع..يكره الحروب والصراعات .. ولايعرف سوي حرب واحدة يخوضها بشراسة مع تلاميذه في مصر وامريكا.. هي حربه ضد السرطان..العدو الحقيقي الذي يطالب تلاميذه أن يتحدوا جميعا لمحاربته . هذه هي فلسفة وحكمة العالم الكبير دكتور مصطفي السيد..واحد من أفضل خمسة علماء في الكيمياء علي مستوي العالم..وأول مصري وعربي يفوز بقلادة العلوم الوطنية..والفائز أخيرا بأعلي وسام دولي في الكيمياء..هذا العالم الذي لا يهدأ علميا كما تقول عنه أمريكا..والذي تفخر مصر بأنه أحد أبنائها . ..................................... ؟ ولدت في مركز زفتي بمحافظة الغربية..أبي كان مدرس رياضيات..وأنا الابن الأخير وسط سبعة أبناء..توفي أبي وأمي مبكرا..وكان أخي الوحيد محمد هو أبي الحقيقي..كان محاميا..ذكيا ومحبوبا وحكيما جدا..الفرق بيننا اكثر من 25 عاما.. لذلك ترك له أبي مهمة تربيتي..وكأنه كان يعلم أنه سيتركني مبكرا «أخويا كان حنين جدا..مش ممكن أنسي ليلة وفاة أبي لما سهر جنبي طول الليل يكلمني ويطمني لحد ما نمت» . ..................................... ؟ رسبت مرة واحدة في حياتي في الصف الثاني الثانوي..والغريب انها كانت في مادة الكيمياء التي أصبحت من كبار علماء العالم فيها.. لكن الرسوب كان لانشغالي بزواج شقيقتي قبل الامتحان..وثقتي بأنني سأستطيع التعويض..لكني كنت مخطئا ! ..................................... ؟ الحظ لعب دورا كبيرا في حياتي..لكن التجربة علمتني أن الحياه تمنح الفرص للجميع..أما النجاح فلا يأتي الا لمن يحسن استغلالها .. وبعد الثانوية العامة لم يسمح مجموعي بالتحاقي بكلية الطب ..ورفضت نصيحة أخي بإعادة السنة..والتحقت بمعهد المعلمين الذي يمنح دبلوما وليس بكالوريوسا .. وأعددت نفسي لأكون مدرس ثانوي .. ولكن في اليوم الأول صادفت أول ضربة حظ..حيث فوجئت بمظاهرات الطلاب تطالب د.طه حسين وزير التعليم بتحويل المعهد إلي كلية..وجاء طه حسين للمعهد..فاستقبله الطلاب بالهتاف «يسقط الوزير الأعمي».. واذا به يرد قائلا: «الحمد لله أني أعمي..حتي لا أري وجوهكم»..المهم ان الوزير استجاب وتحول المعهد إلي كلية علوم عين شمس.. فازداد طموحي..وتفوقت وأصبحت الأول..وقامت الكلية بوضع الطلاب الثلاثة الأوائل في قاعة منفردة..فأصبحت المحاضرات كالدروس الخصوصية..وتلقيت تعليما لا مثيل له في مصر وتخرجت الأول علي دفعتي..وأصبحت معيدا بالجامعة . ..................................... ؟ ضربة الحظ الثانية كانت غريبة جدا..كنت علي موعد مع أحد أصدقائي للخروج .. وحينما وصلت منزله..وجدته بملابس النوم..وطلب مني انتظاره بالصالون عشر دقائق.. وهذه الدقائق العشرة غيرت مجري حياتي..فقد وجدت جريدة جلست أتصفحها..لأقرأ بها اعلانا صغيرا لأستاذ مصري في جامعة فلوريداالأمريكية يطلب اثنين مصريين للدراسة في أمريكا..علي ان يكونا قد درسا 4 سنوات كيمياء..و3طبيعة..و2رياضة..كانت الشروط تنطبق علي تماما..فتقدمت ونجحت وسافرت..وكان العام الأول صعبا خاصة مع ضعف اللغة..لكني تفرغت للدروس والمذاكرة حتي تجاوزت الصعوبات . ..................................... ؟ ضربة الحظ الثالثة كانت لقائي بالفتاة الامريكية الجميلة «جانيس»التي أحببتها وتزوجتها..وكان لقائي بها حينما ذهبت مع صديقي للقاء خطيبته..وكانت جانيس معها..فجلسنا وتحدثنا..ويبتسم : «ماكنتش فاهم نص كلامها..لكن عجبتني جدا..واتفاهمنا من اول مقابلة.. خاصة بعد ما عرفت ان والدها مدرس رياضة زي والدي..كلمتهاعن طموحي..وساعدتني جدا في اللغة..وفي شرح حاجات كتير ما كنتش فاهمها عن المجتمع الأمريكي». ..................................... ؟ تزوجنا خلال عامين رغم صغر سني..لكنه كان أفضل قرار في حياتي..كانت زوجة رائعة..هيأت لي كل الظروف لأذاكر وانجح واتفوق» كانت تعمل مدرسة..لكن بعد انجابنا أربعة أبناء تفرغت تماما لتربيتهم..وربتهم تربية شرقية..وكانت تتابعهم في كل كبيرة وصغيرة..»كانت زي أي ست مصرية أصيلة..كل همها تسعد أسرتها..»لما عرفت اني كنت باحب آكل حلوي البودنج من محل الأمريكين في مصر..أصرت تعملها لي رغم انها مش عارفة الطريقة..ولا عارفة يعني ايه بودنج..وفضلت تحاول كتير لحد ما عملت حاجة قريبة جدا منها» . ..................................... ؟ عشت معها 47 عاما حتي هاجمها السرطان وظلت سنوات راقدة علي ظهرها لا تستطيع الحركة وتحاول اخفاء آلامها..ومنذ مرضها قررت دراسة كل ما يخص هذا المرض..وبعد وفاتها بدأت ابحاثي للعلاج بنانو الذهب..وزاد نشاطي العلمي وحماسي في مواجهة هذا المرض. ..................................... ؟ لدي اربعة أبناء اصبحوا جميعا والحمد لله في قمة النجاح..ليلي درست الكيمياء ورئيسة قسم في واحدة من اكبر الشركات الامريكية..وطارق دكتوراه في الهندسة الكيميائية ونائب رئيس الابحاث في شركة كبري .. وجيهان ماجستير في البيزنس وتعمل في شركة كبري..واخيرا أيفن وهو جراح في مجال الاورام في جامعة كاليفورنيا . ..................................... ؟ أحب مشاركة أحفادي في ألعابهم واهتماماتهم..كلما تسمح ظروفي.. علي فكرة..حفيدي الأصغر عبقري..عمره 10 سنوات لكنه يحفظ جداول الكيمياء .. ولا يمكن هزيمته في الشطرنج وأتوقع أن يكون عالما كبيرا..ووالدته لها فضل كبير في تفوقه . ..................................... ؟ الأم في رأيي هي أساس البيت والأبناء..ورغم ايماني بأهمية عمل المرأة..الا أنني أري أن تفرغ الأم لأبنائها خلال فترة الطفولة مهم جدا..ويساهم كثيرا في نجاحهم وتنشئتهم..لأن مرحلة الطفولة هي مرحلة التكوين . ..................................... ؟ أعمل حاليا بجامعة جورجيا للتكنولوجيا..وأعيش وحدي في فيللا بحديقة جميلة بولاية أتلانتا..بينما أبنائي الأربعة يعيشون في كاليفورنيا..ووقتي كله أقضيه بين تلاميذي في المعمل أو المدرج..حتي الطعام أتناوله معهم ..»معنديش وقت أشعر بالوحدة..باشتغل طول النهار..وبارجع البيت الساعة 10..أتابع بعض قنوات التليفزيون..وبعدين أنام فورا» . ..................................... ؟ اشعر اني اسابق الزمن..وخلال العشر سنوات الأخيرة كنت من أكثر العلماء الذين نشروا ابحاثا..والحمد لله أنا الآن تصنيفي الرابع عالميا في مجال الكيمياء..وال 17 علي مستوي العلماء في كافة المجالات . ..................................... ؟ لا أجيد الطهي..لكني أستمتع بالباربيكيو حينما أدعو أبنائي وأحفادي للغداء..وأتفنن في تتبيل اللحم بالبصل قبل الشواء..كما انني أعشق الأكل المصري .. خاصة الملوخية والحمام المحشي والسمك . ..................................... ؟ هوايتي الوحيدة هي العلم.. « فيه ناس بتلعب كرة..وناس بتلعب تنس..أنا طول عمري بألعب علم»..وفي أمريكا لا يوجد سن لتقاعد العالم..طالما يقدم أبحاثا جديدة..وأحمد الله أن منحني الصحة والطاقة لأستمر في العمل والعطاء .. فإلي جانب أبحاثي في علاج السرطان بنانو الذهب..بدأت منذ شهرين أبحاثا جديدة لمكافحة السرطان بأسلوب جديد..وأتمني أن أواصل عملي حتي أصل للنتائج التي أتمناها..فالسرطان هو عدوي الأول..والحلم الذي أعيش من أجله هو القضاء علي هذا المرض الذي عانت منه زوجتي.. ويعاني منه ربع سكان العالم.. «ويمكن بعد ما تنجح ابحاثي في القضاء التام علي السرطان..أشعر اني أكملت رسالتي..وأفكر في التقاعد» .