سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
رئيس أكاديمية البحث العلمي يرد ب«حسم» و«ابتسامة» علي طلقات المخترعين: استحق المحاكمة بتهمة «الخيانة» إذا قصرت في دعم اختراع مفيد
التعنت في إصدار البراءات يعني أننا « ناس بتحب الفشل»
كثيرة هي الاتهامات التي توجه إلي أكاديمية البحث العلمي، فهي دائما في مرمي نيران المخترعين، فأغلبهم يعيبون عليها التباطؤ في منحهم البراءة، ويتهمها البعض بما هو أبشع، وهو سرقة أفكار براءتهم، الأمر الذي يدفعهم إلي الاحجام عن التوجه لمكتب براءات الاختراع للحصول علي البراءة. رغم قسوة الاتهامات، إلا أن د.محمود صقر رئيس أكاديمية البحث العلمي لم يتخل عن ابتسامته، التي عكست حالة من الثقة في سلامة الإجراءات التي تتبعها الأكاديمية. وإذا كان من المفترض في مثل هذه اللقاءات، أن نبدأ بالأسئلة السهلة قبل أن ننتقل رويدا رويدا، لما هو أصعب، كان د.صقر من الذكاء ليدرك لماذا طلبنا أن نجري معه حوارا حول قضية براءات الاختراع. وقبل أن أبدأ معه الحوار، قال: أنا مستعد للرد علي كل الاتهامات، بل أني أسعد كثيرا عندما تتاح لي الفرصة للحديث عن براءات الاختراع، لأن كثيرا مما يكتب في وسائل الإعلام غير دقيق، ويشوه الكثير من الإنجازات التي تتم في هذا المكان. اختصرت كلمات د.صقر الكثير من وقت الحوار، وخلال 45 دقيقة أطلقت طلقات الاتهامات واحدة تلو الأخري، وبدلا من أن تصيبه بالألم، أشعرتني ابتسامته أنه سعيد بتلك الطلقات. كانت الطلقة الأولي، حول الاتهام الأكثر شيوعا، وهو طول الفترة التي يتعين علي المخترع انتظارها حتي يحصل علي براءة الاختراع. توقع د.صقر الطلقة قبل إطلاقها، وكان درعه لاستقبالها، الأرقام التي يحفظها عن ظهر قلب، والتي لخصها في قوله أن مكتب براءات الاختراع يستقبل 800 طلب سنويا من المصريين، و1350 طلبا من الأجانب، أي أن المكتب يفحص أكثر من 2000 طلب سنويا، وهذا من شأنه أن يؤخر صدور البراءات». ومن بين 1350 طلبا مقدما من الأجانب، تبلغ نسبة البراءات الصادرة ما يقدر بنسبة تتراوح ما بين 28 و 30 %، بينما لا تتعدي نسبة البراءات الممنوحة للمصريين 8%، من بين ال 800 المقدم للمكتب. وخلص رئيس أكاديمية البحث العلمي من ذلك إلي نتيجة مؤداها، أن مستوي الطلبات المقدمة من المصريين ليست علي نفس مستوي جودة الطلبات المقدمة من الأجانب. شروط البراءة ويعزي د.صقر عدم جودة مستوي الطلبات المقدمة للمصريين إلي عدم فهم البعض لمعني كلمة براءة، والتي تعني إعطاء مخترع حقا حصريا بملكية فكرة وتسويقها صناعيا لمدة 20 سنة، فهي بمثابة عقد، كالذي يتم تسجيله في الشهر العقاري. ويقول د.صقر: «يشترط أن تكون الفكرة جديدة، غير بديهية، غير مسجلة باسم شخص آحر، ويكون لتطبيقها مردود اقتصادي». ويبتسم رئيس الأكاديمية قبل أن يضيف: « بعض الأفكار تكون براقة، ولكنها غير قابلة للتطبيق، أو يوجد لها شبيه، وبالتالي سنضطر لرفضها، وهو ما يزعج المخترعين، ويتهمونا علي إثر ذلك بالتعنت معهم». ويتساءل: ما مصلحتي أن أرفض اعطاء براءة لمخترع أو أتأخر في إصدار براءة، لاسيما أن ترتيبنا علي مؤشر الابتكار العالمي، يقاس بعدد براءات الاختراع الصادرة، فهل نحن نسعي للفشل؟ وانطلق د.صقر من هذا السؤال إلي القول: « أنا شخصيا لا أحب الفشل، ولو هناك شخص يستحق براءة اختراع سأسعي لمنحها له، لأن جزءا من تقييمي كرئيس أكاديمية، في عدد براءات الاختراع التي تصدر عن مكتب البراءات». المخترع مصطفي الصاوي وماذا عن حالة المخترع مصطفي الصاوي، الذي لم يجد الاهتمام في مصر، فارتمي في أحضان الإمارات، التي منحته جنسيتها؟ ما أن انتهيت من طرح هذا السؤال، حتي طلب رئيس الأكاديمية من المستشارة الإعلامية للأكاديمية إحضار الملف الذي قام بإعداده حول حالة هذا الشاب. وقبل أن يستقبل الملف، قال د.صقر: «ما يشاع عن حصوله علي الجنسية غير صحيح علي الإطلاق، فكل القصة أنه يدرس في الإمارات، ووالده يعمل هناك». وأضاف: « أنا أعرف مصطفي جيدا، وعلي تواصل معه، وطلب المشاركة في معرض للابتكارات ومنحنا له الفرصة، فأنا بسأل مصطفي: إحنا قصرنا معاك في ايه». وعن أسباب عدم حصوله علي البراءة من مكتب براءات الاختراع، عاد د.صقر إلي معايير منح البراءة، ومنها قابليتها للتطبيق، وقال: « أفكار مصطفي براقة وعلمية، لكنها غير قابلة للتطبيق العملي». وطالب رئيس الأكاديمية المتشككين في تعنت مكتب البراءات معهم، بأن يلجأوا إلي القضاء، وقال: « نحن جزء من المنظومة القضائية، والقانون يحدد الآلية التي يعمل بها المكتب، ومن بينها التظلم من قرارات المكتب، والذي يكون أمام القضاء، الذي ينتدب خبراء من الجامعات لتقييم قرار المكتب». وأضاف: « من يري أننا ظلمناه، فأمامه المسار القضائي، لأننا لن نستطيع أن نرضي الجميع، فطالما أن هناك قرارا وحكما يصدره مكتب براءات الاختراع، فمن الطبيعي أن يجد هذا القرار عدم قبول من البعض». سرقة أفكار البراءات ويتهم بعض المخترعين مكتب البراءات بسرقة أفكار اختراعاتهم عند التقدم بطلب للحصول علي البراءة، وهي التهمة التي تتردد كثيرا، ويقابلها د.صقر رغم قسوتها، بالابتسامة التي لم تغب عن وجهه. ويقول: «ما أن تطأ قدم المخترع مكتب البراءات لتقديم ملف اختراعه، يحصل علي ايصال يتضمن عنوان الفكرة وأهميتها وتاريخ تقديم الملف بالساعة، ومن وقتها تصبح فكرته محمية». وتابع: « لا أحب الكلام المرسل، ورجائي لمن يملك دليلا علي سرقة فكرته، أن يلجأ للقانون، ويقدم ما لديه من مستندات تثبت سرقة فكرته». وأوضح أن الأكاديمية لا تتهم بهذا الإتهام إلا من مصريين، مع أن مكتب براءات الاختراع يتعامل مع 148 دولة، ولو ثبت أننا قمنا بذلك، لتسبب ذلك في وقف التعامل معنا من قبل المنظمة الدولية للملكية الفكرية، ولكن هذا لم يحدث. تطبيق الاختراعات ولا تتوقف الإتهامات التي توجه للأكاديمية، ومن بينها التقصير في تطبيق بعض الاختراعات، التي حصلت علي البراءة. الرد المبدئي علي هذا الاتهام، كان في كتاب براءات الاختراع الصادر عن مكتب البراءات، وقال وهو يمسك بنسخة من هذا الكتاب: « دوري وفق القانون ينتهي بإصدار البراءة لمن يستحق، ووضعها في كتاب يصدر كل شهر لتوزيعه علي جهات الأعمال، لتلتقط من بين صفحاته الاختراعات التي تصلح للتطبيق لديهم». وأضاف: « ومع ذلك، فأنا لا أتوقف عند هذا الحد، وأعتبر نفسي خائنا وأستحق المحاكمة بتهمة الخيانة، إذا كان هناك اختراع يستحق الاهتمام، وأهملت في تسويقه». ويضع د.صقر علي مكتبه أوراقا لبعض التجارب الناجحة في تسويق الاختراعات الهامة، وقال: « علي بعد أكثر من ألف كيلو متر في حلايب وشلاتين، تطبق اختراعات دعمتها الأكاديمية، ومنها اختراع لانتاج المياه من رطوبة الجو، واختراع لتشغيل مراكب صيد الأسماك بالطاقة الشمسية». تطوير مستمر انتهت الاتهامات، التي رد عليها د.صقر باستفاضة، لكن وقبل أن انهي الحوار معه، قال: « من الغبن، أن تضيع الإنجازات، وسط كم من الاتهامات المرسلة». وعدد رئيس الأكاديمية العديد من الإنجازات، ومنها أن هناك زيادة حدثت في عدد البراءات الصادرة عن المكتب، كما تم افتتاح مراكز لنقل التكنولوجيا في 33 جامعة، لتساعد هذه المراكز في إعداد الملفات الخاصة بالبراءات، لمن لا يستطيع إعدادها، وقال ان ذلك سيساعد علي اختصار وقت الحصول علي البراءة. وأوضح أيضا، أن هناك تطويرا يحدث في آلية التقديم للحصول علي البراءة، لتصبح إلكترونية، بما يساعد أيضا في اختصار وقت الحصول علي البراءة.