حتي اليوم.. لا تعترف المؤسسة الاستخباراتية في تل أبيب بأن د.أشرف مروان كان رجل السادات في الموساد، وأنها سقطت ضحية دهاء وخداع المصريين في السادس من أكتوبر 1973؟ لكنها ما برحت تجلد نفسها بسياط من لهيب: كيف حدث ما حدث؟ وهل كنا مغيبين إلي هذا الحد؟ وكيف نجح السادات في «تخديرنا»؟ وما مؤهلاته التي حققت تلك المعجزة؟ هذا ما سيكشفه لنا الكاتب محمد نعيم من خلال كتابه «رجل السادات في الموساد» الصادر عن قطاع الثقافة «بمؤسسة أخبار اليوم».. الذي يرأسه الأديب عزت القمحاوي وفيه يعترف الجنرال شيمون ميندس ضابط الاستخبارات الإسرائيلي المتقاعد، حيث يقدم شهادات وإجابات عن تلك الأسئلة وغيرها من التساؤلات التي تفرضها الحكاية. كان شيمون أحد أعضاء وفد جيش الاحتلال في اللجنة العسكرية المصرية الإسرائيلية المشتركة، وكان بحكم منصبه في اللجنة مسئولاً عن الاتصال بالجيش المصري، فقد ربط في حديثه بين أنور السادات وأكثر القضايا الجدلية في أروقة الاستخبارات، الإسرائيلية، وهي قضية د. أشرف مروان المعروف لدي تل ابيب بالعميل «بابل» أو «الملاك»، أو «المنبع» فضلاً عن نعوت أخري سعي مطلقوها إلي ترسيخ مفهوم ثابت وهو ان مروان كان عميلاً مخلصاً لإسرائيل، أو علي الأقل عميلاً مزدوجاً، ساهم إلي حد كبير في إمداد الموساد بمعلومات من داخل المطبخ السياسي والعسكري المصري قبل وإبان حرب أكتوبر 1973، فلم تعكس محركات البحث الاسرائيلية سوي هذا المفهوم. إلي أن جاء شيمون ممتطياً جواد المنطق. فشكك في ولاء أشرف مروان لإسرائيل، وجزم بأن الكيميائي المصري لم يكن يوماً عميلاً لرئيس الموساد تسيبي زامير، وإنما علي العكس من ذلك كان صنيعة الرئيس الراحل انور السادات والأجهزة البارعة التي وضعت عليه رداء «إيلي كوهين» وغرسته في مخ أجهزة الاستخبارات الاسرائيلية لتنطلق به خطة الخداع الثلاثية التي خدرت بها اسرائيل. ويناقش الكتاب من منظور ضابط الاستخبارات الإسرائيلي - شخصية السادات والتحولات الثقافية التي مر بها. بداية من طفولته ونشأته الريفية مروراً باعتقاله في الزنزانة 45 وصولاً إلي صداقته بعبدالناصر ثم انفتاحه علي ثقافات العالم العسكرية. وتأهيله لرجله «اشرف مروان» الذي نفذ المهمة المستحيلة بما تحويه من مفارقات واتجاهات معاكسة. كانت جميعها نتاج رأس السادات والأجهزة البارعة.