خطورة الخطوة الكردية أنها تفتح شهية كل من ينتظر فرصة سانحة لتنفيذ مشروع التفتيت والتجزئة. هل سيكون إعلان الأكراد السوريين عن إقامة نظام فيدرالي في شمال سوريا بداية تقسيم للبلاد؟ وهل تحمل هذه الخطوة في طياتها مؤشرات خطيرة لخريطة جديدة في المنطقة؟ وهل نشارك أحد المعلقين العرب قوله: ∩وداعا لسوريا الموحدة∪؟ الكيان الكردي الموعود يتراوح عمقه بين 50 ومائة كيلو متر ويمتد لمسافة 600 كيلو متر علي طول الحدود السورية مع تركيا ويشمل ثلاث مقاطعات كردية هي ∩عين العرب∪، ∩كوباني∪، في ريف حلب الشمالي و∩عفرين∪ في ريف حلب الشمالي الغربي، و∩الجزيرة∪ في الحسكة، بالإضافة إلي المناطق التي تسيطر عليها ∩قوات سوريا الديمقراطية∪ في محافظتي الحسكة وحلب وتوجد معظم الثروات الطبيعية من مياه وبترول في تلك المناطق. مشاركون في مفاوضات جنيف حول سوريا يتحملون قدرا من المسئولية إزاء هذه الخطوة بسبب استبعادهم حزب الاتحاد الديمقراطي السوري الكردي من المفاوضات، بناء علي طلب المنظمات التكفيرية، رغم الأداء الرائع لهذا الحزب في الحرب ضد داعش. ومع انعقاد مؤتمر جنيف أطلق الأكراد قنبلة الفيدرالية. والمعروف أن الأكراد انتزعوا لأنفسهم منذ ثلاث سنوات حكماً ذاتيا محليا لا مركزيا واسع الصلاحيات. والمشكلة هي ان الخطوة الفيدرالية قد تكون لها انعكاسات خارج حدود سوريا ، ذلك أن عدد أكراد سوريا يبلغ حوالي مليونين ونصف المليون بينما يتجاوز عدد أكراد العراق ستة ملايين. أما أكراد تركيا، فإن عددهم يقترب من 22 مليونا (20٪ من السكان).. فهل سيظل أكراد تركيا وإيران بعيدين عن هذا المشروع الفيدرالي ولا يطرحون أفكارا انفصالية؟.. بينما هناك قوي في العالم تراهن علي التفتيت والتجزئة لتسهيل وضع اليد علي الشرق الأوسط؟ لقد فرض أكراد العراق الفيدرالية في شمال العراق بدعم أمريكي.. مما يغذي أحلام آخرين لكي يحذوا حذوهم. الحكومة السورية والمعارضة والروس وتركيا.. كلهم يرفضون الفيدرالية. أما أمريكا، فإنها تتظاهر برفض هذه الخطوة بينما تشير الدلائل إلي تأييد سري للفيدرالية. ومما يبعث علي الاطمئنان ان الفيدرالية ليست مطلب أي من المكونات السورية الأخري مثل الدروز والاسماعيليين.. إلخ. ويراهن الأكراد علي تسليم الجميع بالفيدرالية كأمر واقع، وربما هذا هو السبب في حرصهم علي تجنب ان يكون كيانهم مؤسسياً علي قاعدة عرقية كردية محضة، فقد أشركوا سريان وآشوريين وأرمن وعربا في مشروعهم. ولا جدال في ضرورة الاعتراف بالحقوق القومية والهوية الثقافية للأكراد، ولكن الانفصال أو التقسيم والتمزيق لن يعود بالنفع علي أي من مكونات سوريا أو العراق أو غيرهما.. وعلي الأكراد ان يحرصوا علي ألا تكون البوابة الكردية هي التي تهب منها رياح السموم التي تعصف بعالمنا العربي في ذكري مرور مائة عام علي اتفاقية سايكس − بيكو! كلمة السر: تمثيل الأكراد في جنيف