والفكر المنحرف هذا علي تعدد جماعاته وتنوع جذوره ينتمي إلي فكر الخوارج المعوج الذين كفَّروا الإمام علي بن أبي طالب وهو فكرٌ ضال كلما ضمر ظهر في بيئات الجهل والدينار. بدَّع السلفيةُ كل جديد، وتحجَّرت عقولهم عند ظاهر النصوص دون مقاصدها، وصارت فتاواهم مهزلةً علميةً يتندر بها الغرب والشرق واهتبلها الجُهال راغبو السلطة الدينية الموهومة فكدَّروا علي الناس معيشتهم وقلَّبوا علي القوم أبناءهم فصاروا شيعاً يُفسق بعضهم بعضاً ويستحل بعضُهم رقاب بعض. زعموا أنهم يريدون أن يعيشوا زمن النبي صلي الله عليه وسلم، وأهل العلم الربانيون يريدون من الناس أن يعيشوا زمانهم، ولكن بمنهج النبي ﷺ، وشتان ما بين العلم ومدعيه. إن فتاواهم الغريبة التي تنتشر اليوم علي أغلفة الفضائيات وأبواب المساجد وأبواق الذقون المتناثرة والجلابيب القصيرة لتبعث علي الدهشة والسخرية بين مُحرِّم للاحتفال بالمولد النبوي ومُحرِّم للبوفيه المفتوح وفتاوي في السياسة تكفِّر المشارك في الانتخابات، إذا هم قاطعوها، والممتنع عنها، إذا هم أرادوها.. أقوال متضاربة وفتاوي متناقضة. يدَّعون الوطنية والإصلاح وقد اشرأبت أعناقُهم طمعاً ورَغباً في سلطة دينية ودنيوية يسعون لنوالها بشتي السبل المشروعة والممنوعة! إن القول بأنهم بعيدون عن العنف أو أنهم يختلفون عن الإخوان، وداعش، والقاعدة، في عدم سعيهم للسلطة وما يتشدقون به ليل نهار من أنهم أهل سلم وسلام ولا يبغون من سعيهم هذا إلا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأنهم لا علاقة لهم بالرياسة والخلافة، قول يكذبه الواقع ويدحضه ما يُصدرونه من فتاوي أقل ما يقال فيها إنها تكدر السلم والأمن الاجتماعي وتنغص علي الناس دينهم ودنياهم. السلفية في مصر وغيرها جماعاتٌ متعددة لأفكار متشعبة، وآراء متناقضة، تجمع بعضَهم عقولٌ لا تُدرك، وقلوبٌ لا تفقه، قد سكِّرت عقولهم فعليها ران من جهل وغباء، وعميت أفئدتهم فعلي قلوب أقفالها. والفكر المنحرف هذا علي تعدد جماعاته وتنوع جذوره ينتمي إلي فكر الخوارج المعوج الذين كفَّروا الإمام علي بن أبي طالب وهو فكرٌ ضال كلما ضمر ظهر في بيئات الجهل والدينار. وقد ظهر هذا الفكر المشوه حديثاً علي يد زعيمهم الذي بدَّع وفسَّق خصومه من أهل العلم والتقي فانتشر فكره هذا في بلاد الخليج العربي ووجد من يقايضه بالفكرة السلطة فتقاسماها وصارت السلفية الحديثة محفوفة ومحفوظة بقوة السلطة والدينار.. وصادفت بيئة ذات عصبية قبلية محاطة بعقول جامدة، جاحدة تحرسها أموال مغدقة، فنثروا الأموال وطبعوا الأفكار وشيدوا المؤسسات التي تنادي بأفكار معتلة يسبقها رنين الدينار والدرهم وهو رنين يسبي العقول ويختم علي القلوب ويصادف هوي لأنفس مريضة. إن الفكر السلفي والسلف منهم براء إنما يصدر عن نفس مريضة وعقل متحجر، يبذر في رءوس شبابنا بذرة الشقاق والكبر والتعالي علي الخلق، وإن تركهم هكذا وعدم التضييق عليهم، والضرب علي أيديهم، والرد علي فتاواهم الشاذة وأفكارهم الضالة سينبت في مصرنا ألف داعش يسفك الدماء، يسوقون - كالأغنام- شباباً غرا، بلا رصيد من علم أو فهم، فتنوا براية - السلفية - كما فتن إخوة لهم من قبل براية - الإسلام هو الحل - وظنوا تجمُّعهم - في رابعة - شهادة في سبيل الله، فلما طلع الفجر، وجدوا قادتهم قد هربوا، وولوا الأدبار، واستيقظوا علي شمس الحقيقة مشرقة، فأغمضوا عيونهم وأنكروا الضياء، وراحوا في غيهم يُجادلون.. ألا بُعداً لقوم لا يفقهون.