الدروس الخصوصية.. ما أبغضها للنفس ولكنها سر نجاح وتفوق الطلبة خاصة في الشهادات وباعتراف المتفوقين في الثانوية العامة أنها كانت السبب في الحصول علي الدرجات النهائية! الأمر ليس بالسهولة لمحاربة الدروس الخصوصية إنه أشبه بحرب طواحين الهواء. فكما أن الدولة لا تستطيع أن توفر العملات للاستيراد.. أيضا هي تمر بنفس الإشكالية مع التعليم فإن وجود المدرس المؤهل لتعليم الطلبة أصبح غير موجود في المدارس كما أن عطاءه قليل جدا وأصبحت الدروس الخصوصية بمثابة السوق الموازية للدولار. إصلاح التعليم هو الأساس المتين للقضاء علي الدروس الخصوصية. الدولة في كل حين تردد علي مسامعنا انها وضعت خطة استراتيجية لتطوير التعليم ومؤتمرات هنا وهناك وفي النهاية لا نجد سوي عناوين ليس لها متن. حتي عندما اخترقت الدولة التعليم الدولي وأقامت بنية تعليمية تكلفت المليارات تحت مسمي مدارس النيل الدولية لم تستطع في بواكير إنشائها أن توفر المدرس الكفء وأصبح الخطر يتهدد مستقبل الطلبة فيها، وفي العام الدراسي الذي انتهي منذ شهور استعانت المدرسة بمدرسين من الخارج استكملوا المنهج للطلاب في الكافيهات والمراكز الخاصة! واستطاع الطلبة مع بعض الدروس الخاصة في مجموعة مراكز تعليمية أن يحصلوا علي درجات أعلي من الأعوام السابقة. أري أننا علي مدار عقود طويلة من الزمان لم نستطع أن نحقق شيئا في تطوير التعليم وتخريج جيل مؤهل لسوق العمل حتي مع الدروس الخصوصية فدورها الوحيد هو ملاحقة التضخم في المجاميع حيث اننا البلد الوحيد الذي يحصل أبناؤه علي نسبة تتجاوز ال 100٪ ورغم ذلك فمن التحق بجامعة زويل حقق في اختبارات الجامعة نسبة نجاح تصل بالكاد إلي 70٪ أي أننا نضحك علي أنفسنا مرتين.. مرة بفشل العملية التعليمية وإنفاق الأهالي المليارات علي الدروس الخصوصية من أجل 100٪ حتي يستطيع الطالب أن يلتحق بإحدي كليات القمة أو كلية متوسطة.. ومرة أخري بأن الأموال الطائلة التي انفقت من أجل الالتحاق بهذه الكليات لم تحقق المراد منها في التفوق وإنما خرجت جيلا في مستوي أقل. الدرس الأول الذي يجب أن تتعلمه وزارة التربية والتعليم.. أن تبحث في جذور المشكلة.. وهو المدرس الذي لم يشبع بعد من زيادة المرتب والكادر ولايزال همه الأول هو الدرس الخصوصي.. وليس فصل المدرس أو حرمانه من الكادر هو الحل فهو يكسب أضعاف مضاعفة من الدروس الخصوصية ولكن إذا علم أنه سيمنع من ممارسة التدريس نهائيا سواء كان عاما أو خاصا فالأمر سيختلف. الدرس الثاني أن يعود الحافز مع الكادر فالمدرس الذي يبذل جهداً كبيراً من أجل تخريج طلبة متفوقين مؤهلين يجب أن ينال من الحافز الأدبي والمادي ما يستحق وأن يمنح بعثة للخارج لصقل كفاءته أكثر وأكثر. الدولة عليها أن تزيد نسبة المصروفات علي الطلبة حتي تستطيع أن توفر الإمكانيات والوسائل التعليمية اللازمة للعملية التعليمية وأن تخاطب التلاميذ بآليات العصر بعيداً عن نظريات الحفظ والتلقي وأن يكونوا عنصراً مشاركاً في الدرس وأن يكون هناك حوار من اسئلة وإجابات حول الدرس حتي يتعمق الطالب أكثر وأكثر من مذاكرة نص أو حفظ درس. معايشة الواقع العلمي والظواهر الحديثة أجدي أن تدرس مع الحفاظ علي التاريخ واللغة العربية. للأسف الطالب لا يعترف بالمدرسة لغياب المدرس الكفء وإلا لماذا ثار الطلبة لحساب 10 درجات للحضور والغياب.. لقد أصبح الحضور مضيعة للوقت بالنسبة لهم ويدفعون ثمنه دروسا خصوصية. مجانية التعليم في مفترق الطرق وهناك طرق كثيرة لمساعدة التلاميذ الفقراء الذين يتحملون عبء الدروس الخصوصية لغياب التعليم في المدارس.