ليس هناك من يملك الاعتراض علي حرية التعبير والتي يكون محورها المطالب العادلة التي تتوافق مع العقل والمنطق وتعبر عن الواقع بعيدا عن اي مؤثرات او اتجاهات تتربص بأمن مصر واستقرارها. في هذا الاطار فإن من حق المواطنين ان يتظاهروا سلميا وبصورة حضارية مجردة تماما من العنف والتخريب. لابد ان يدرك الجميع ان لا وسيلة لسداد ثمن اي تداعيات تدميرية أو تعطيل للانتاج سوي بالاقتطاع من قوت وحاجة الشعب المصري الذي يكافح ويناضل من اجل لقمة العيش الكريمة والحياة الحرة المستقرة. من هنا يلزم التحذير من المندسين الذين يحاولون ركوب الموجة لحساب اجندات بعينها مستغلين حسن النية لدي ابرياء المواطنين للايقاع بهم وشحنهم نفسيا ودفعهم الي الخروج علي القانون والسلوكيات السوية .. لا لشيء سوي خدمة اهدافهم التي تكون دوما وبالتجربة في غير صالح آمال الغالبية المتطلعة لحل مشاكلها سواء كانوا افرادا او فئات مجتمعية. الممارسات المريبة لهؤلاء المندسين الذين من المؤكد انهم يمثلون اتجاهات ايدلوجية بعينها عملت بكل السبل لكي تتحول المظاهرات السلمية المسموح بها قانونيا ودستوريا الي صدامات تؤدي الي فوضي . ان هدف هؤلاء المندسين ليس غائبا علي احد . انه يتركز في العمل علي اتاحة الفرصة للذين يعملون لحسابهم للتواجد علي الساحة للامساك بزمام المبادرة والقفز الي السلطة. وهو الامر الاوحد الذي يحظي باهتمامهم. ان هذه العناصر المندسة التي تعمل بتوجيه من التنظيمات غير الشرعية تم تدريبها للقيام بهذا الدور الهدام . ان اداءها لتنفيذ مخططاتها يعتمد علي التكنولوجيا الحديثة للاتصالات باستخدام الشبكة العنكبوتية »الانترنت« لاصدار التعليمات والتوجيهات. لا مانع في اطار هذا المخطط من تغطية دورها المريب بالتضليل ونشر الاشاعات والاخبار الكاذبة مع الاحتفاء والتظاهر بالبعد عن هذه والتظاهرات والاحداث . حدث هذا في المظاهرات الاخيرة حيث اعتقدوا في امكانية ان تنطلي هذه الحيلة علي احد رغم انها تكررت مرات عديدة وتم كشفها في مناسبات كثيرة ومنها المعارك الانتخابية التي كانوا يخوضوها علي كل المستويات سواء كانت مهنية او تشريعية. كان واضحا بشكل جلي من خلال متابعة التطورات اصرار هذه التنظيمات علي استغلال احداث تونس لتحريك الشارع المصري سلبيا لتحقيق مكتسبات سياسية لصالحهم قبل ان تكون لصالح جماهير الشعب . انكشف دورهم عندما جاهدوا من اجل عدم انفضاض المظاهرات سلميا . كان جوهر الشعارات المرفوعة في الاساس تتركز علي معالجة مشاكل البطالة والعدالة الاجتماعية ورفع مستوي الدخول لمواجهة ارتفاع الاسعار وكلها مطالب مشروعة. بعد ذلك كثفت هذه الفئة الخارجة تدخلها للانحراف بهذه الشعارات لتصبح هتافات متطرفة تدعو الي الصدام مع قوي الامن التي تمحورت مهمتها منذ البداية في حفظ الامن ومنع اثارة الفوضي التي تقود الي التخريب وعدم الاستقرار الذي تتطلع اليه هذه التنظيمات. ان ما يؤكد هذه الحقيقة ما جاء في بعض التقارير الصحفية عن تجمعات المظاهرات التي اعتصمت في ميدان التحرير وقيام مجموعات منظمة بتمويل شراء الاطعمة والمشروبات للمشاركين فيها لاغرائهم علي البقاء ودفعهم الي مصادمات بهدف ايقاع ضحايا لاستثمار ذلك في عمليات الاثارة. ولسوء حظهم ان هذا الهدف كان مكشوفا ومعروفا وتم اجهاضه بالتزام رجال الامن بتعليمات ضبط النفس وتجنب الوقوع في هذا الشرك. لا يمكن ونحن نتناول محاولات نشر الفوضي في مصر وترويع المواطنين- دون المساس بالحقوق المشروعة في التعبير الجماهيري السلمي- اغفال ما قامت وتقوم به فضائية »الجزيرة« المشبوهة التي استهدفت في تعاملها مع الاحداث المشاركة في عملية التهويل والاثارة املا في تحويل الشارع المصري الي ساحة حرب. هل هذا الذي يحدث هو ما يريده شعب مصر؟.. بالطبع لا. كل الدلائل تؤكد ان ما يجري يتوافق تماما وما يريده اعداء مصر. نعم .. شعب مصر يريد الحياة الكريمة التي لا يمكن تحقيقها الا في ظل الامن والاستقرار والاداء الاقتصادي والسياسي السليم. تحقيق هذا الهدف يحتم الانحياز العملي الي امال الجماهير وتطلعاتهم الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. لا جدال ان مواجهة عمليات التضليل المبرمجة للعبث بالمشاعر.. تدعو الي العمل الجدي من اجل قطع الطريق علي كل هذه المخططات المريبة . في هذا الشأن مطلوب ان تتحرك الدولة وأجهزتها المختلفة واحزابها وقواها السياسية الشرعية بحكمة وكياسة لاكتساب ثقة ابناء الشعب الذين يذوبون حبا في وطنهم مصر. يجب بذل كل الجهود الممكنة من اجل ان يكون هناك احساسا بمتاعب الناس المعيشية وتنمية الادراك لديهم باهمية المشاركة في معايشة المشاكل . هذا يحتاج الي عرض الحقائق والتوعية واتخاذ الاجراءات اللازمة لزيادة الشعور بأن هناك عدالة ورعاية مع الترويج المقنع الصادق لكل ما يتم من انجازات . من المؤكد أن الاسراع في الالتزام بهذه المهام سوف يدفع باليأس الي نفوس هؤلاء المتآمرين علي أمن مصر واستقرارها نتيجة حرمانهم وتجريدهم في هذه الحالة من اسلحة الاثارة والخداع والتضليل. جلال دويدار [email protected]