اعتبرها البعض »ويكليكس الفلسطينية« ووصفها آخرون بأنها »تسونامي سياسي« قد يعصف بالوضع الفلسطيني برمته، هذا هو ملخص ردود أفعال جهات عديدة، تجاه ماتم الكشف عن أكثر من 0061 وثيقة، تتضمن محاضر اجتماعات ثنائية فلسطينية إسرائيلية، وثلاثية بوجود الطرف الأمريكي، حول قضايا المفاوضات فيما يخص المرحلة النهائية والمتعلقة بالقدس، واللاجئين، والمستوطنات، والتنسيق الأمني، إلا أن هذا لم يمنع الكثيرين من طرح عشرات الأسئلة في مقدمتها مَن وراء تسريب تلك الوثائق؟ ولماذا الآن؟ وما الهدف منها؟ وهو ما نحاول الإجابة عنه في هذا التقرير: أكدت مصادر فلسطينية في القاهرة »للأخبار« أن المفاجأة فيما حدث، ليس في الكشف عن الوثائق، ولكن في توقيتها، خاصة أنها متداولة في عدد من دوائر صنع القرار في العديد من الدول المعنية والمهتمة بالملف الفلسطيني مثل الدول الأعضاء في اللجنة الرباعية، ومصر والأردن، والسعودية والإمارات، وقطر بالإضافة إلي الجامعة العربية، حيث تم تسليم الأمانة العامة للجامعة جميع هذه الوثائق وهو ما أكده »للأخبار« مصدر مطلع في الجامعة العربية، وإن كان قد طلب التحفظ في ذكر اسمه، وأضافت نفس المصادر »السؤال المطروح.. لماذا الآن« إنها والكلام مازال لمسئول فلسطيني كبير، علي تفاصيل ما تم عملية »تشويش كامل« علي الموقف الفلسطيني، وتشويه لقيادات السلطة في لجان التفاوض سواء صائب عريقات، أو أحمد قريع، خاصة في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها القضية الفلسطينية علي أكثر من صعيد، والتحديات التي تواجهها في صراعها مع تل أبيب، وحكومة نتنياهو، وليبرمان، المستمرة في مخططات تهويد القدس، وبناء المستوطنات، والمواجهة مع أمريكا، حول التهديد باستخدام الفيتو، ضد قرار يتم إعداده لعرضه علي الجمعية العامة للأمم المتحدة حول مدي مشروعية الاستيطان. وقال المسئول الفلسطيني الكبير »هناك سؤال حائر، لم يحاول أحد الإجابة عنه.. إذا كان الطرف الفلسطيني قد قدم كل هذه التنازلات بالفعل.. فلماذا لم يقبلها الاسرائيليون، ولم يتم طوال فترات التفاوض التي تحدثت عنها الوثائق التوصل إلي أي اتفاق مع الطرف الاسرائيلي. ومن جانبه أشار سعيد كمال، أمين عام مساعد الجامعة العربية السابق لشئون فلسطين، والقيادي الفلسطيني في تفسيره لعملية تسريب الوثائق، إن ما يحدث هو محاولة للضغط علي القيادة الفلسطينية والرئيس محمود عباس، خاصة بعد انحياز التيار العام داخل السلطة والساحة الفلسطينية بأنه لا فائدة من استمرار عمليات التفاوض مع الحكومة الاسرائيلية الحالية، ولا أمل في تحقيق أي تقدم، خاصة وهناك تيار فلسطيني كان يتعامل مع آمال وتوقعات بإمكانية التوصل إلي اتفاقية سلام مع الاسرائيليين، خاصة بعد أن تم الترويج لفترة طويلة، بأن وجود الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات في السلطة، مثل عقبة في مسيرة عملية السلام، وقال »لقد كانت مفاجأة للبعض بعد أن تخلت الحكومة الاسرائيلية عن كل ما تم التوصل إليه، في المباحثات الطويلة والمفاوضات المضنية مع رئيس الحكومة الأسبق إيهود أولمرت، وأشاد سعيد كمال بموقف الرئيس محمود عباس وقال »لقد أكد الرئيس الفلسطيني أكثر من مرة، أنه لن يقبل بأي شيء رفضه الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، وقال أكثر من مرة، إنه سيلجأ إلي عمل استفتاء شعبي يشارك فيه كل الفلسطينيين علي أي اتفاق يتم التوصل إليه من اتفاقيات«. وتتحدث أطراف فلسطينية عديدة استطلعت »الأخبار« آراءها بأن هناك أكثر من سيناريو واحتمال حول الجهة التي قامت بتسريب هذه الوثائق، وهي صاحبة مصلحة في ذلك، ورصدوا ذلك في التالي: الأول اسرائيل وهي بتلك الخطوة تكون قد ضربت أكثر من عصفور بحجر واحد.. تخفيف الصغوط علي تل أبيب، خاصة مع زيادة حجم التأييد، والدعم لخطوة إعلان السلطة الوطنية لإقامة دولة فلسطين، والتي لم تقتصر علي دول أمريكا الجنوبية، ودخل علي الخط دول أوروبية، بالإضافة إلي إحداث انقسام داخل صفوف السلطة الوطنية الفلسطينية، وضرب مصداقيتها في الأوساط الفلسطينية. الثاني إمكانية أن يكون عملية تسريب الوثائق صورة من صور المشاكل الداخلية والانقسام الحاصل داخل حركة فتح، وأخطرها ما تعرض له محمد دحلان القيادي الفلسطيني وعضو اللجنة المركزية للحركة من تحقيق داخلي حول اتهامات بإعداد انقلاب داخل السلطة، وتخزين أسلحة، وعمل محور يضم إلي جانبه كلا من ناصر القدرة، وأبو ماهر غنيم، وتوفيق الطيراوي. الثالث لا يستبعد تورط حركة حماس في القصة برمتها، كجزء من خلافاتها مع فتح والسلطة الفلسطينية والوصول إلي قناعة بعدم إمكانية التوصل إلي اتفاق للمصالحة. ومهما كان الأمر، فإن عملية تسريب الوثائق، سيكون لها تداعيات خطيرة علي أكثر من صعيد، ويمثل »تسونامي سياسي«.