طبعا الخبر كاذب ومش هايحصل ! ففي واقع الامر فإن القوانين واللوائح في مصر تضعك امام أحد خيارين... اما الرشوة او العدول عن مشروعك او مصلحتك الا إذا كنت محظوظ ووقعت في موظف امين لا يخاف المساءلة لان القانون لا يسأل الموظف الذي يعطل او يمتنع عن التوقيع! بل يسأل فقط الموظف الذي يوقع او يوافق علي طلبك...فهو معرض للاتهام حتي لو كان بريئا! كل الموظفين وحتي الوزراء معرضون لهذه الاتهامات ولو الامر في يدي لقصرت دور الاجهزة الرقابية علي مراجعة المرشحين للوزارة للتأكد من خبرتهم وأمانتهم... ثم بعد ذلك اترك لهم حرية العمل وأحصنهم ضد الاتهامات الباطلة والكيدية وإلا فلن ننطلق! فاذا كنا لا نثق في الوزير او رئيس الوزراء فلماذا نعينه أصلا ؟ وهل يصح ان يصبح بعد تعيينه متهما او في دائرة الشك ؟ لا بد من إعادة صياغة طريقة الانتقاء وكذلك طريقة التفكير...ان كم الأفكار والمشاريع المتوقفة الان في انتظار العثور علي طريقة لتنفيذها دون الوقوع في خطر المساءلة كم رهيب ! لقد كان مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري الذي عقد في مارس الماضي في شرم الشيخ مؤتمرا ناجحا اعلاميا بكل المقاييس ووعد بالكثير من الإجراءات والإصلاحات التشريعية للنهوض بكافة قطاعات الدولة ونسف الموروثات القديمة وعلي رأسها الروتين والبيروقراطية الحكومية وهي موروثات متراكمة عبر أكثر من ثلاثين عاما ومازالت تستشري في الجهاز الإداري للدولة حتي الان وتقف عقبة في وجه إصلاح وتطوير وتحديث الإدارة العامة وهو ما ينعكس بدوره سلبا علي اقتصاد مصر ويخلق ﺑﻴﺌﺔ ﻃﺎردة ﻟﻼﺳﺘﺜﻤﺎر. لقد مر علي انعقاد مؤتمر شرم الشيخ أكثر من ثلاثة شهور الا انه مازالت هناك موضوعات مهمة لم تحسم ولا تتوقعوا ان يجني المؤتمر ثماره قبل حسمها نهائيا وبشكل جذري وهي أمور تتعلق بتطوير آلية وثقافة التعامل بين المؤسسات والأفراد ونهوض وتبديل جذري في لوائح وآليات العمل الإداري للقضاء علي الفساد الإداري ومظاهر الروتين والبيروقراطية وتعزيز ثقة المستثمرين في مناخ الاستثمار في مصر. ان قوانيننا ولوائحنا تمنع اتخاذ القرار وتكبل المسئول... وتوقف المراكب السائرة... وتصيب الدوائر الحكومية بالشلل... ففي ظل إحجام الوزراء والمسئولين الحكوميين عن اتخاذ القرارات الحاسمة لمواجهة البيروقراطية وحل المشكلات التي يواجهونها خوفاً من الوقوع تحت مقصلة باب اهدار المال العام من قانون العقوبات الذي يعرضهم للمساءلة القانونية والسجن... لن يتجرأ مسئول أو موظف عام علي التفكير خارج الصندوق للوصول إلي حلول غير تقليدية أو اتخاذ قرارات ناجزة وسريعة كما تقتضي متطلبات المرحلة التي نعيشها. ادعو إلي اصدار تشريع جديد يحمي الموظف العام الذي يتخذ قرارا في وقت معين ثبت بعده خطأ هذا القرار الا انه لم يتربح من وراء هذا القرار او يحصل علي أي منفعة له او لأقاربه ولم يثبت تقاضيه لاي رشوة. يجب ان يكون عقابه إداريا مثل توقيع الجزاءات كالخصم من المرتب او عدم الترقية او غيره من الجزاءات الإدارية وتلغي عقوبة الحبس الا في حالة التلبس بقبول رشوة او ثبوت تربحه وحصوله علي منفعة من وراء خطئه هذا. لا بد من إعادة تحديث قانون المال العام الذي صدر في الستينيات في ظل الفكر الاشتراكي البعيد تماما عن منطق اقتصاد السوق الحر والذي تسبب بعد ثورة 2011 في سجن عدد كبير من الوزراء رغم عدم ثبوت تقاضيهم لاي رشاوي او حصولهم علي منافع وما زلنا نعاني من تداعيات هذه الاحكام حتي تاريخه. انا لم ار تحسنا في هذا الملف او تعديلا في قوانين المال العام التي تسجن المسئول تحت شعار الاضرار بالمال العام فأرجو ان يكون هذا التعديل المنشود علي رأس اهتمامات الدولة فإذا لم نسارع بالإصلاحات التشريعية والاقتصادية فإن عجلة التنمية والتطور لن تدور بالسرعة التي تحتاجها بلد مثل مصر تحارب الفقر وتتطلع إلي ازدهار ورخاء اقتصادي قريب.