»اليهود يضربون حلقة محكمة حول الرأي العام الأمريكي.. ويغرقون الأمريكيون بالأكاذيب!« الاثنين: حدثني صديق امريكي يزور مصر بين الحين والآخر، ويشتغل في مجال المال والأعمال، وله صداقات كثيرة في منطقة الشرق الأوسط، كما أنه من اكثر الامريكيين انصافا وتحمسا لحق العرب، واعجابا بثقافتهم وتاريخهم، وكنت أسأله عن احتمالات المستقبل في المنطقة، فقال ان وجود اسرائيل كان غلطة كبري، فقد قلب الامور في هذه المنطقة قلبا. واستطرد يقول: ان الامريكيين تصلهم كل الاخبار والمعلومات عن مأساة فلسطين غير مطابقة للحقيقة والواقع، فاليهود يغرقونهم بالأكاذيب، وهم لا يسمعون إلا صوتا واحدا! قلت: وما هو ذنبنا نحن، وهل لابد أن ننتظر حتي يعرفوا الحقائق، وحينئذ تكون اسرائيل قد ابتلعت كل الدول العربية، وقضية فلسطين أيضا! واذا كان الامريكيون العاديون لا يعرفون، فهل الرئيس الامريكي ووزيرة خارجيته لا يعرفان ايضا؟ وسكت لحظة ثم قال: إن اليهود يسيطرون علي الاذاعة والتليفزيون والصحافة ودوائر الأعمال والمال، ويضربون حلقة محكمة حول الرأي العام الامريكي، وأؤكد لك ان الامريكيين لا يحبونهم! ضحكت وقلت: إذن أنتم في حاجة الي من ينقذكم من اليهود! قال الرجل: إذا وافقتك ربما تدهش.. ولكن هذه هي الحقيقة! عشرون سنة إلي الوراء! الثلاثاء: رجعت الي بعض ما كتبته منذ عشرين عاما، ويحلو لي في أحيان كثيرة أن أعيش في الماضي، وعجبت اذ لاحظت أن أفكاري وآرائي وخواطري ونظرتي الي الحياة لم تتغير، وقد عرفت بعض الناس تتحول آراؤهم بين يوم وليلة، وقد لايتاح للكثيرين -كما أتيح لي- من الاستماع الي الناس، وفي أحيان أكاد لا أتكلم وأحسن الإصغاء، وفي أحيان أخري - وهي قليلة والحمد لله - أكاد لا أسكت! ولا أدري اذا كنت أفيد من الكلام اكثر مما أفيد من السكوت، ولكن الذي أجزم به أنني أفيد من القراءة والتفكير اكثر مما أفيد من أي شيء آخر.. وقد قال »أديسون« ان اصابته بالصمم لم تعد عليه بضرر يذكر، فإن اكثر أحاديث الناس تافهة، وهو يرجع ما وفق اليه من نجاح في الحياة الي أن صممه أتاح له الفرصة للتفكير، كما أنه أراحه من سماع ما لا يحب أن يسمع من ألفاظ نابية وآراء تافهة. وقد عودت نفسي أن أعف من الشتائم، ولكن للأسف أن بعض الناس يؤثرون أن يتمادوا في الشتائم كأنها صناعة وفن، وما سمعت شخصين يتجادلان إلا وانقلب جدلهما الي تراشق بالتهم، وخروج عن الموضوع. ولا أريد أن أستثني نفسي، فبالرغم من محاولاتي لأبعدها عن الانفعال والاندفاع، تخرج عن طوقي أحيانا، فإذا باللسان يزل، واذا أنا متمسك بوجهة نظري، أدافع عنها وكأنها ابن عزيز يجب أن أقف في صفه أصاب أو أخطأ.. وصدق من قال »إننا نخلق الآراء، فإذا هي تستعبدنا«!! واني لأنظر باحترام شديد الي الرجل الذي يعترف بخطئه، وقد عرفت صديقا غزير العلم والثقافة، قلما دخل في جدل أو عارض رأيا من الآراء، وقد سألته تفسير ذلك، فقال إن تجربته دلته علي أن الجدل لن يفيد في تحويل أحد عن رأيه، وقال إنني خسرت الكثير من الأصدقاء بسبب الجدل، فلما كففت عنه احتفظت بأصدقائي.. واستطرد يسألني: أتراني خسرت شيئا؟ قلت: ما أحسبك فعلت، فإن الناس يؤثرون أن يتكلموا، وقليل منهم من يتعلم الصمت أو يصبر عليه!! أتعس شباب العالم! الاربعاء: حالات الانتحار التي وقعت في الأيام الأخيرة، ترجع معظمها الي حالات نفسية، أو اضطراب في التفكير أو في النظرة الي الحياة، ولعل شبابنا من أتعس الشباب في العالم، فإنهم يعانون من عقد خفية، أو انحرافات لا يستطيعون الإفضاء بها لأحد بسبب التقاليد والبيئة التي يعيشون فيها، واذا تجرأ أحدهم وفعل لا يجد من يسمعه أو يفهمه أو يتصرف معه التصرف الذي يرضيه، ومن هنا يؤثر كل منهم أن ينطوي علي نفسه، ويعيش مع أوهامه أو أحزانه أو خيالاته. وهذه الأوهام أو الاحزان أو الخيالات، كثيرا ما تستفحل مع الوحدة والكبت والخوف، فتضيق الحياة علي صورة يبدو معها الموت وكأنه أخف منها، وكأنه صخرة النجاة الوحيدة! إن تكرار هذه الحوادث يجب ان يفتح أعيننا علي مقدار ما يعانيه الشباب في هذا الوطن، ومقدار حاجتهم الي التوجيه النفسي، والرعاية العاطفية، والأوامر والنواهي لا تجدي، بل إنها في كثير من الأحيان تجيء في الفترة الحاسمة، فتصيب الشاب باليأس، وتقطع كل صلة له بالحياة والأحياء. نحن لسنا في حاجة الي جمعيات خيرية، بقدر ما نحن في حاجة الي جمعيات وهيئات ومؤسسات تعني بصحة الشباب النفسية، فالذين يتخلصون من الحياة بسبب الفقر عددهم محدود. أما الذين يحاولون التخلص منها لأسباب نفسية أو عاطفية فكثيرون.. وهم المشكلة الحقيقية. خارجون علي القانون! الخميس: هذا موضوع قد يبدو قليل الأهمية، ولكنه في مثل هذا الزحام الهائل في شوارع القاهرة ووسائل المواصلات المختلفة، تتبين أهميته، فقد يؤدي الي حوادث نحن في غني عنها، كما أنه يؤدي حتما الي تعطيل السير وارتباك حركة المرور.. وما اقصده هو الدراجات البخارية وغير البخارية التي تسير في الشوارع بغير نظام، وبغير تقيد بقواعد المرور وقوانينه وكأنها مستثناة منها، فأصحابها يخرقون الاشارات وهي مغلقة، ويسيرون في الاتجاه المعاكس، واحيانا فوق الأرصفة، ويتسللون بدراجاتهم بين السيارات الواقفة أو السائرة، واحيانا يحمل بعضهم علي رؤوسهم الخبز أو غيره من البضائع، وقد يحملونها بيد ويقودون الدراجة باليد الأخري في مهارة أشهد لهم بها، وقد يحملون الاطفال امامهم علي المقعد أو خلفهم، كل هذه التصرفات تربك سائقي السيارات، وباختصار شديد انهم يسيرون في الشوارع وكأنها مكانا الاختراق وتحدي كل القوانين، وأحيانا يسيرون بدون أضاءة، وفي معظم الاحيان لا يلتزمون بارتداء الخوذة، مما يعرضهم للاصابة في حالات الحوادث. ومما لاشك فيه ان لوائح المرور وقواعده لابد وانها تشمل هذه الطائفه من راكبي الدراجات بالتنظيم والنص علي العقوبات في حالة المخالفة، ولكننا للأسف لا نجد الشرطة تلتفت اليهم وكأنها تقر استثناءهم من كل القيود، وقد زاد عددهم زيادة كبيرة، بعد ان أقبل الكثيرون علي شراء هذه الوسيلة للركوب لرخص ثمنها، فهل أطمع في استجابة قيادات المرور لهذه الملاحظة والاهتمام بإخضاع هذه الفئة للعقاب مثل غيرهم من ركاب السيارات والمركبات الأخري، خاصة وان الشوارع أصبحت تضيق بما فيها ومن فيها! السماحة في الاعتراف بالخطأ الجمعة: قال صديقي: نحن نعترف بأخطائنا علي أمل ان تنقذنا صراحتنا وصدقنا من العقوبة التي يمكن أن توقع علينا بسبب هذه الاخطاء.. ثلاثة أرباع الناس يفعلون هذا وقلما نجد أحدا، الا نادرا جدا يعترف بخطئه لاقتناعه بأنه مخطيء فعلا، فحب الذات غريزة متأصلة بالانسان وهو يضع نفسه غالبا فوق الخطأ. قلت: وحتي لو اقتنع بينه وبين نفسه بأنه مخطيء فعلا فإنه غالبا لا يعترف به ويلجأ الي المكابرة والكذب والتضليل والادعاء وينفي عن نفسه الخطأ. واذا اعوزته كل هذه الوسائل اتهم الاخرين بأنهم يتعمدون اتهامه والاساءة اليه، دعك من اخطاء الموظف أو العامل واعترافه لذوي المسئولية في الغالب الأعم، وانظر الي مناقشة أو جدل يجري بين الاصدقاء ويخطيء احدهم في حق صاحبه، وانظر كيف تجري المناقشة وكيف يطول الجدل لا يريد احدهما ان يسلم بأنه اخطأ ولا يريد الآخر ان يتنازل عن اتهامه. السماحة هنا في التنازل عن الحق أو الاعتراف بالخطأ هي السماحة المحمودة، وهي السماحة التي تحسب للانسان فضيلة، وليست سماحة الاعتراف أو هروبا من مسئولية. قال: وكيف تجعل التنازل عن الحق فضيلة وانت الداعي للتمسك به. قلت: التنازل عن الحق الشخصي فضيلة في بعض الاحيان أما التنازل عن الحق العام فلا يجوز.. الحق الشخصي أملك التنازل عنه سماحة أو بناء علي صداقة أو حلا لاشكال أو تيسيرا لامور لا اريد لها ان تتعقد افرض ان انسانا وجه لي كلمة نابية أو اساء الشهادة في حقي أو اساء التصرف معي هل اذا تجاوزت عن اساءته اكون مخطئا؟ كلا.. أما الحق الذي يتصل بالصالح العام فليس لي ان اتنازل عنه لانه ليس حقي انا وحدي ولكنه حق الجماعة ايضا وهو ما لا املك التنازل عنه! سبوبة.. يا د. هاني! السبت: منذ اكثر من شهرين -وفي هذا المكان- توجهت بشكري تحت عنوان »الي عدالة الدكتور هاني هلال«، وكانت الشكوي من أربع سيدات متقدمات في السن، ومعظمهن من المرضي، وقد رحلت احداهن منذ ايام عن دنيانا متأثرة.. بآلامها واوجاعها.. وهن يملكن منزلا في شارع المساحة بالدقي رقم 52 تحتله الآن جامعة القاهرة لاستغلاله في تسكين بعض الطالبات، وكان ذلك منذ بداية الستينيات وكان العقار حينئذ يخضع للحراسة، وفي ابريل سنة 7991 صدر قرار من مجلس الوزراء بإلزام الجهات الحكومية باعادة الرحدات التي تشغلها الي اصحابها، الا ان جامعة القاهرة ضربت بهذا القرار عرض الحائط، ولم تسلم العقار، ويقال ان السبب هو استفادة بعض القائمين بالاشراف عليه من عمليات الصيانة والاصلاحات، وأن السبوبة هي التي تقف حائلا دون تسليم العقار خاليا لمالكيه، واني لا أريد ان اؤكد ذلك فالعلم عند الله، ولكنني اتساءل اذا لم يكن هذا هو السبب فلماذا لم يتم تسليم العقار حتي الآن، وقد مضي علي قرار مجلس الوزراء اكثر من أربعة عشر عاما؟ ولماذا لم ترد جامعة القاهرة علي الوزير في اعقاب ما نشرته لتوضيح اسباب تقاعسها؟ انني اناشد مرة أخري الدكتور هاني هلال أن يطلب التحقيق في هذه القضية فورا، فإن عدم الرد يمس بسمعة الجامعة ويسيء اليها، وهي صرح علمي كبير، ويمس ايضا عدالة الدكتور هاني هلال الوزير الذي يلقي التقدير والاحترام من الجميع. أين العلم المصري؟ الأحد: الصديق الدكتور فاروق فؤاد الرزيقي إتصل بي تليفونيا في أعقاب الاعتداء الإرهابي السافر علي كنيسة القديسين بالاسكندرية، وقال لي بصوت يبدو في نبراته الأسي: انا حزين لانني لم أشاهد العلم المصري في المظاهرات التي خرجت الي الشارع للتعبير عن الوحدة الوطنية والتنديد بالارهاب، فعندما انتصرنا في الدورة الافريقية، وفزنا بالكأس، ظهر العلم المصري في المظاهرات والاحتفالات، وكان يرفرف علي جميع المنازل ويتدلي من النوافذ والشرفات، ويعلق علي واجهات المحلات العامة، كان كل المصريين مسلمين ومسيحيين يلتفون حوله حبا في مصر.. ثم يتساءل الدكتور فاروق في حزن وأسف: ماذا فعلنا عندما وقع الاعتداء علي كنيسة القديسين الذي هز كيان جميع المصريين مسلمين ومسيحيين، بعضنا رفع الصليب، وبعضنا رفع الهلال، وبعضنا رفع الهلال والصليب، ومنا من رفع المصاحف والأناجيل، ولكني لم أجد من يرفع العلم المصري رغم اننا جميعا نعرف ان الضربة موجهة لنا جميعا كمصريين، وإلي قلب مصر.. فأين العلم المصري الذي هو رمز مصر وشعار وحدتها في هذه الملحمة الوطنية الرائعة! ثم قال: أرجوك ان توجه هذا النداء علي لساني الي كل المصريين: ارفعوا علم مصر في كل مكان، علي العمارات والمصالح والوزارات، وعلي كل مشروع وفندق.. بل وعلي كل عامود إنارة، ارفعوه بصفة دائمة، وليس خلال الكوارث والازمات والانتصارات فقط..! ويضيف: أما الصليب فنحن نرفعه داخل الكنائس، ونرفع المصاحف داخل المساجد، ومع كل صلاة وأذان. ابتسم للحياة ذهب أحد الاشخاص الي مكتب زواج يطلب زوجة غنية مهما كان شكلها، وحدد له المكتب موعدا ليري العروس المرشحة، فلما رآها أخذ يهمس في اذن الموظف: يا سيدي ان شعرها اكرت، وعيونها عمشاء، وأسنانها مخلوعة، وسيقانها ملتوية، فقاطعة الموظف قائلا: تكلم بصوت مرتفع، إنها طرشاء ايضا!!