ليست المشكلة فقط في السلع الاستفزازية التي نستوردها وننفق عليها في العام الواحد ضعف المعونات التي تلقينانها من الأشقاء العرب!!. ولن أقول الكثير عن هذه السلع، حتي لا أستفز القارئ المحدود الدخل أو المهدود الحيل من أجل لقمة العيش، شأن غالبية المصريين.!! المشكلة أيضاً في أن معظم ما نستورده وفقاً لبيانات محافظ البنك المركزي هشام رامز ليس من السلع التي تخدم الصناعة، سواء من المصانع أو مستلزمات الإنتاج، وإنما من السلع التجارية التي تأتي علي حساب إنتاجنا المحلي، الذي يعاني علي كل المستويات.. من صناعة الملابس وحتي ورش الأحذية.!! والقصة هنا لا تتعلق فقط بأن استيراد هذه السلع أكثر ربحاً والعمل فيها سهل ولا يحتاج لإمكانيات كبيرة ولا يتحمل صاحبها عبء إنشاء المصانع وتكاليف التشغيل والعمالة. ليس هذا فقط هو الذي يجعل معظم استيرادنا من السلع التجارية، وإنما السياسة العامة التي تحكم اقتصادنا هي الأساس. إننا ندفع الآن ثمن سنوات طويلة من «الإنتاج السبهللي» الذي انتعش فيه السماسرة، وخُرِّبت فيه الصناعة الوطنية. وندفع أيضاً ثمن السنوات الصعبة التي مررنا بها قبل الثورة، في ظل فساد كان طريقه للثراء لا يمر عبر الصناعة، بل عبر نهب الأرض وسرقة المال العام. كما ندفع ثمن سنوات الاضطراب بعد الثورة في ظل حكم الإخون أو إرهابهم.. أو الاثنين معاً.!! وقد كان طبيعياً أن تكون الأولوية بعد 30 يونيو لمشروعات البنية الأساسية التي توفر أكبر عدد من فرص العمل، لمواجهة البطالة التي وصلت لحد الخطر، ولتمهيد الطريق أمام مشروعات التنمية والخروج من الوادي الضيق. وقد استوعبت هذه المشروعات مثل توسيع قناة السويس وشبكة الطرق ما يقرب من مليون عامل، كما أعلن الرئيس السيسي. ولهذا نقصت نسبة البطالة لأول مرة بعد الثورة، كما أعلن المهندس محلب قبل أيام. لكن القادم أصعب إذا كنا جادين، فبناء الدولة القوية التي نريدها، لابد أن يعتمد علي نهضة صناعية لابد أن نُعد لها الكوادر ونوفِّر لها كل الإمكانيات، ونعطيها كل التسهيلات الممكنة. ومع الترحيب بكل استثمار أجنبي، فإن مصر القوية لن يبنيها إلا أبناؤها، وفي ظروف مثل التي نمر بها، فليس علينا أن نسمع ضجيج السماسرة وأثرياء الفساد، الذين يخشون ألا يجدوا طعام كلابهم المستورد بسبب القيود علي النقد الأجنبي، الذي ينبغي أن يتوجه قبل كل شيء إلي توفير السلع الأساسية الغذائية، وتمويل المصانع ومستلزمات الإنتاج. قد يكون القادم صعباً ولكنه جميل، لأن بناء الأوطان رائع. ونحن سنبني مصر كما نتمناها، رغم كل التحديات.