بعيدا عن الأسباب والمبررات التي أدت الي الاطاحة بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي، بعيدا عن التحليلات والنظريات التي يمكن أن تكون خاطئة مادامت الصورة الكاملة غير متوافرة تماما.. بعيدا عن كل هذا وغيره الكثير، فقد استوقفني، حتي هذه اللحظة، في تلك الأحداث والتطورات السريعة والمفاجئة ثلاث مشاهد وتطورات رئيسية: أولها: أنه مهما كان إخلاص المواطنين الذين هبوا دفاعا عن أوطانهم ومستقبل شعوبهم، فإن الرعاع لابد وأن ينتهزوا الفرصة فيخرجوا من جحورهم ويشرعوا فورا في أعمال النهب، والسرقة، والاعتداء علي الآخرين، وإشعال النيران.. هكذا كانت الأمور منذ فجر التاريخ، وحتي القرن الحادي والعشرين، في أي دولة وبين اي شعب! ثانيها: كان من الواضح أن الشخصية الغربية تتسم بالبرود، وجفاف المشاعر والعواطف. وتمثل ذلك في رفض الرئيس الفرنسي ساركوزي السماح بهبوط طائرة زين العابدين في الأراضي الفرنسية، ثم بعد ذلك خروج الرئيس أوباما علي الجانب الآخر من الاطلنطي مرحبا بخلع زين العابدين ومتجاهلا علاقات كانت وطيدة، وتعاونا كان وثيقا بين البلدين! أما بالنسبة للشرق فالأمر يختلف تماما، ومن ثم رأينا العاهل السعودي يرحب باستضافة الرئيس التونسي المخلوع وعائلته.. تماما كما رحبت مصر السادات بشاه ايران وعائلته، بعد ان تنكر لهم العالم كله.. وفي مقدمته واشنطن!! ثالثها : بالرغم مما رأيناه جميعا من ان السلطة غدارة، وانها مهما اعطت فإنها في لحظة واحدة قد تنسف كل عطاياها، بالرغم من ذلك فإنه بمجرد ان استسلم الرئيس زين العابدين لمصيره، خرج علي الفور الطامعون في السلطة - وفي مقدمتهم وزير تونس الأول السيد محمد الغنوشي الذي أراد اقتناص مقعد الرئاسة بدون اي سند قانوني، ورغم ما رآه بعينيه لما جري للرئيس زين العابدين وعائلته.. وإصهاره وأنسابه الذين يتم ملاحقتهم حاليا!!! وهكذا تستمر كوميديا البلاهة الانسانية منذ بداية الخليقة، وحتي يوم الدين!! تنويه: جاء في مقالي بالأمس أن الدراسة التي تناولتها اشترك في اعدادها منظمة »اليونيسيف« وليس هذا صحيحا والصحيح هو انها عمل مشترك بين مجلس السكان الدولي ومركز المعلومات التابع لرئاسة الوزراء، بالتنسيق مع صندوق الأممالمتحدة للسكان في مصر.