عربات مكدسة بالبشر.. ركاب يتراصون علي أرفف الحقائب.. مقاعد محطمة.. وسرقات بالاكراه.. أعقاب سجائر وقشر «لب» في الممرات.. ونوافذ استبدل الركاب زجاجها المحطم بألواح كراتين.. كل ذلك وسط الظلام الدامس.. واهلا بك في قطار الفقراء. ترددنا علي محطة مصر ليلا ونهارا أكثر من مرة للوقوف علي اوضاع قطارات الضواحي. المشهد متكرر.. زحام شديد في كل الاوقات.. خاصة اوقات الذروة التي تشمل فترة وصول وعودة العاملين بالقاهرة من والي قراهم بالمحافظات وخاصة المنوفية. قررنا ركوب قطار القاهرةطنطا والذي يمر بمدن وقري محافظة المنوفية..الساعة 6 و45 دقيقة ليلا علي رصيف رقم 16. الرائحة كريهة.. والزحام لايحتمل.. الظلام يعم الاجواء.. بعض الركاب يضعون حاجياتهم من اواني وحلل وحقائب واجولة في الطرقات..النوافذ بلازجاج وان وجد فمعظمه محطم.ما اكد صدق شكاوي الركاب الذين التقيتهم علي الرصيف قبل تحرك القطار قال سيد محمد رمضان إنه كل يوم يخرج من قرية سمدون إحدي قري محافظة المنوفية متوجها لعمله بالقاهرة في إحدي محلات الحديد بالسبتيه ، ويعود إلي قريته في المساء بعد نهاية العمل ، ويتكررهذا منذ 15 عاما. شبابيك بالكرتون وأضاف : «شبابيك القطار والابواب لا يوجد بها زجاج وأحيانا كثيرة نحضر معنا الواح كرتون لنغلق بها الشبابيك «هربا من الصقيع» علي أبو علوان اكد ان الزحام شديد لدرجة أن الركاب تجلس في أماكن وضع الشنط ، و«الناس تكون فوق بعضها» ولا يوجد إنارة داخل عربات القطار مما يتسبب في حدوث سرقات وايضا لا توجد دورات مياه آدمية داخل القطار ، وليس امامنا سوي ركوب هذا القطار لنعود لمنازلنا أو لنذهب في الصباح لعملنا ، ومن يريد أن يحجز مقعدا للجلوس فلابد أن يحضر قبل موعد تحرك القطار بساعة علي الأقل ، وفي فصل الشتاء جميع الركاب يصابون دائما بنزلات البرد بسبب زجاج الشبابيك «المكسور» و«الابواب المفتوحة» ، وفي الصيف الوضع يكون أصعب نظرا لإرتفاع درجات الحرارة والزحام ودائما عندما يقف القطار وأشار محمد عبد الفتاح إلي أن القطار دائما يتأخر عن موعده ويوجد فترة بين الساعة الخامسة والسابعة مساء لا يوجد بها قطارات مما يتسبب في هذا الزحام ، مشيرا إلي ان خطوط الأقاليم بصفة عامة مهملة بسبب ان سعر التذكرة منخفض فعلا، لكننا نتمني من الهيئة ان تعمل علي تقديم خدمة جيدة للركاب وان ادي ذلك إلي زيادة سعر التذكرة. سلوكيات خاطئة وقال أ حد الكمسارية - رفض ذكر اسمه - أنه يعمل بالسكة الحديد منذ سنوات طويلة ومما يؤسف له ان بعض الركاب يوجد لديهم سلوكيات خاطئة يقومون بها داخل عربات القطارات ومنها إلقاء قشر اللب والسوداني وأعقاب السجائر داخل القطار وعندما تطلب من أحد الركاب أن يدفع غرامة لا تزيد عن 10 جنيهات اذا كان يدخن السجائر نظرا لأن التدخين ممنوع داخل عربات القطار يرفض ويمتنع عن سداد الغرامة وأشار إلي أنه لا يوجد دخل معروف لجميع القطارات وكثير من هذه القطارات سعر التذكرة به لا يتجاوز جنيها واحدا ، وعلي الرغم من وجود هذه الاسعار المتدنية للتذاكر إلا ان الهيئة تحقق مكاسب لا نراها بسبب الفساد والسرقة ، ونحن كعاملين مرتباتنا قليلة وقال : «انا بعد 31 سنة خدمة أحصل علي 1200 جنيه إجمالي مرتبي بجانب 10 جنيهات عن كل رحلة قطار أقوم بها». نقلنا شكاوي بعض ركاب القطار للمهندس أحمد حامد رئيس هيئة السكة الحديد للرد عليها والذي أكد أن الهيئة قامت مؤخرا بتطوير 116 عربة قطار داخل ورش الهيئةبتكلفة بلغت 149 مليون جنيه وهذه العربات دخلت الخدمة في خطوط قبلي وبحري والناس شعرت بالفرق . تكاليف التشغيل ويؤكد رئيس الهيئة أنه لابد إن نتفق أن سعر التذكرة لا يغطي التشغيل علي مستوي كل القطارات المكيفة والمميزة ، فمثلا قطار القاهرةالإسكندرية المكيف سعر التذكرة به للدرجة الأولي 50 جنيها والدرجة الثانية 30 جنيها ، ولابد أن نضع في حساباتنا تكلفة عربة القطار وتكلفة السكة والقضبان والإشارات والمحطات كما أن الخدمة التي تقدم علي طول السكة الحديد مكلفة ، بجانب ان الهيئة لديها 60 ألف موظف يحصلون علي مرتباتهم والمفروض ان ثمن التذكرة يغطي تكاليف التشغيل وللأسف هذا السعر لا يغطي التكاليف ولا حتي نصفها بناء علي ما جاء في بعض الدراسات الأخيرة . وفي دول كثيرة سعر التذكرة مرتفع جدا ، وأشار إلي ان أسطول السكة الحديد يقوم ب 1100 رحلة يوميا بين المحافظات وبعد انتهاء القطار من رحلته يدخل ورشة الصيانة سريعا ليتم تجهيزه مرة أخري للرحلة التالية وفي حالة خروج القطار بصورة مرضية للركاب يعود بصورة في منتهي السوء. وأوضح أنه يوجد عربات مستمرة في الخدمة منذ 35 عاما وغالبا هذه العربات هي قطارات الضواحي ، ونحن كسكة حديد لا يوجد لدينا موارد ، ومع ذلك العربات الجديدة ستدخل الخدمة قريبا.