من اليونان مرورا بأسبانيا إلي فرنسا تكتسح الأحزاب الراديكالية الانتخابات و يجب ألا يلوم المحافظون الاوربيون إلا أنفسهم لأن ذلك سيكون له تأثير مدمر علي منطقة اليورو."نعم نحن نستطيع" ربما يكون شعار لا معني له في الولاياتالمتحدةالأمريكية تحت قيادة الرئيس أوباما، لكنه في أسبانيا التي ضربتها أزمة يعد صرخة جماهيرية لأعضاء حزب بوديموس اليساري الراديكالي حديث النشأة.وفي استعراض للقوة ، تجمع أكثر من 100 ألف من مؤيدي " بوديموس" في شوارع مدريد منذ أيام للاحتجاح علي النظام السياسي الفاسد والتقشف والديون وطالبوا بتغييرات جذرية.و يري فيليب لوجرين الكاتب بمجلة فورين بوليسي الامريكية أنه لا يمكن تجاهل صيحات المتظاهرين حيث أن حزب "بوديموس" يتصدر استطلاعات الرأي التي تجري بشأن الانتخابات التي ستعقد بنهاية العام، متقدما بذلك علي أهم حزبين هم يسار الوسط ويمين الوسط. ويضيف الكاتب أن فوز حزب " سيريزا"اليساري في اليونان وتشكيله للحكومة يعتبر مصدر قلق للسياسات الأوروبية.فبعد سنوات من نجاح الحكومة في إقناع اليونانيين بأنه لا يوجد خيار للاستجابة لمطالبهم سوي التقشف وتخفيض الأجور، تجرأ اليونانيون علي الوقوف في وجه حكومة المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل ومنطقة اليورو بكاملها.و بينما يركز البعض بشكل مباشر علي المواجهة بين حكومة اليونان الجديدة وسلطات منطقة اليورو بشأن مطالبها بتخفيف أعباء الديون ومن ثم احتمال طرد اليونان من الانضمام للعملة الاوربية الموحدة ، فإن التحدي الأثيني له بالفعل تداعيات سياسية أوسع. ويوضح الكاتب أن صانعي السياسة الألمانية وانصارهم بمنطقة اليورو الذين أصابهم الرعب مما يحدث ويعتقدون أنه تمرد صريح من اليونان التي اعتادوا ان يتعاملوا معها علي أنها بلد لا يمكن السيطرة عليها بشكل كامل، ومع ذلك فانهم ينظرون اليها في نهاية الامر علي انها مستعمرة خاضعة لهم.و يشير الكاتب إلي ان حكومات الدول المدينة التي تمتثل للإملاءات الألمانية لا سيما أسبانيا والبرتغال وإيرلندا شعروا فجأة أنهم معرضون لأن يتكرر معهم ما حدث في اليونان، أما الحكومات التي ابدت تحديا خفيفا لحكومة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مثل( فرنسا وإيطاليا) فان موقفها شديد الحساسية، وتتحسس أي فرصة لتقديم أجندتهم الخاصة، في الوقت الذي يخافون فيه من أن يلتف عليهم من لديه أجندة راديكالية. ويقول الكاتب أن الناخبين الذين لم يعد يرهبهم الذعر المالي الذي دمر اليورو في 2012، وبدأوا التنفيس عن غضبهم من التكنوقراط في الاتحاد الاوروبي - الذين لم يعد اليونانيون يثقون فيهم لفشلهم في حل الازمة الاقتصادية لبلادهم - بإنشاء أحزاب سياسية راديكالية جديدة. ويتساءل الكاتب هل يمكننا أن نلومهم علي ذلك؟ مضيفا أن البنوك الغنية ودائنيهم انقذتهم أموال دافعي الضرائب بينما من عاني من عجز الموازنة هم من يعملون في المصالح الحكومية التي تعمل في المجالات الخدمية الأساسية وأطفال.فلم يفقد أحد من أعضاء البعثة الاوروبية في بروكسل وظيفته أو حتي عاني من خفض المرتب بسبب هذا التقشف المفرط العابر للحدود. ويضيف الكاتب أن المسئولين في برلينوبروكسل وفرانكفورت كانوا يصرون علي ان تسير الإدارة الجديدة المنتخبة من قبل اليونانيين علي خطي السياسات الفاشلة للحكومة السابقة لها. وبينما ساهم التصويت علي إنشاء أحزاب يسارية وسطية ويمينية وسطية في إحداث اختلاف بسيط، الا انه من الطبيعي أن يبحث الناخبون عن بديل حقيقي، والغريب ان هذا البديل يتمثل الآن في النقيضين اليسار الراديكالي أو أقصي اليمين ويعود الكاتب للحديث عن الازمة الاقتصادية فيشير إلي انه أنه لم يعد مقبولا ولا عادلا أن يتحمل المدينون تكاليف الازمة الاقتصادية كاملة.فكل مقترض متهور يقابله مقرض متهور. وفي حالة منطقة اليورو فإن البنوك الألمانية والفرنسية في المقام الاول هي التي قدمت مبالغ طائلة لدول جنوب أوروبا بشكل مباشر أو عن طريق بنوك محلية.و بينما يتم تصوير عمليات الإنقاذ لليونان وإيرلندا والبرتغال وأسبانيا علي أنها بوادر تضامن الاتحاد الأوروبي مع هذه الدول، لكنها في الحقيقة عمليات إنقاذ سرية للبنوك الأجنبية التي كان من الممكن أن تتكبد خسائر مالية فادحة بسبب الأقراض المتهور. ويختتم الكاتب مقاله قائلا انه بينما يريد حزبا "سيريزا" اليوناني و"بوديموس" الاسباني أن يجعلا منطقة اليورو أكثر عدلا، فإن اليمين المتطرف يريد أن يدمر الاتحاد الأوروبي تماما.و تحتاج أوروبا بشكل عاجل إلي بدائل رئيسية لل"ميركيليزم"(نسبة إلي ميركل) وإلا فإنها تخاطر إذا سيطرت عليها سياسة " لوبان " اليمينية المتطرفة.