مقاتلو النصرة يثيرون الرعب بأفعالهم من التنظيمات التي تشكلت حديثًا في العالم العربي وهي تنتمي للفكر السلفي الجهادي, وتم تشكيلها أواخر 2011 خلال الأزمة السورية وسرعان ما نمت قدراتها لتصبح خلال أشهر من أبرز قوي الثورة وأقساها علي جيش نظام بشار لخبرة رجالها وتمرسهم علي القتال. دعت الجبهة في بيانها الأول الذي أصدرته في 24 يناير 2012 السوريين للجهاد وحمل السلاح في وجه النظام السوري. لا يُعرف علي وجه التحديد أصل جبهة النصرة, لكن يبدو أنها نشأت في مدينة حمص وسط سوريا وقد ربطتها تقارير استخبارية أمريكية بتنظيم القاعدة في العراق. جميع عناصر الجبهة عند تأسيسها كانوا من السوريين الذي قاتلوا من قبل في العراق وأفغانستان والشيشان وغيرها, ممن لهم باع طويل في قتال الجيوش. وهي مطعمة كذلك بمقاتلين عرب وأتراك وأوزبك وشيشانيين وطاجيك وقلة من الأوروبيين. وللانضمام للجبهة يجب علي المتقدم أن يستوفي عدداً من الشروط مثل الالتزام بالفروض الدينية والحصول علي تزكية من شخص موثوق وإثبات الجدية والانضباط. وتعتبر جبهة النصرة لأهل الشام إحدي جماعتين جهاديتين تتخذان من حمص مركزا لهما في قتالهما ضد النظام الحاكم في سوريا. وقد سادت حالةً من النقمة الشعبية جنوب البلاد علي جبهة النصرة التي بدأت تظهر وجهاً "داعشياً" في الفترة الأخيرة مختلقةً الحجج لقتال فصائل الجيش الحر, وفرض الأحكام الشرعية علي الناس, وخصوصاً في مدينة نوي, ما أدي لبروز مشاكل كبيرة مؤخراً مما قاد لتعثر الجهود العسكرية للثوار, وبرود جبهات القتال مع نظام الأسد في المنطقة.المشاكل بدأت بعد تحرير الجيش الحر لمدينة نوي حيث برزت مطامع الإمارة والهيمنة لدي جبهة النصرة من خلال عدة حوادث حاولت من خلالها فرض سلطة الأمر الواقع علي السكان.فقد دخل "مجاهدون" من النصرة إلي مدرسة البنات في مدينة نوي للوعظ عن أهمية الزي الشرعي وعدم الاختلاط, وهو ما أدي لخروج عدة طالبات من المدرسة وحصول مشادّات كلامية بين الأهالي وعناصر الجبهة. وفي نفس المدينة قامت جبهة النصرة باعتقال عدد من أصحاب المحال التجارية بحجة عدم إغلاق محلاتهم التجارية أثناء أوقات الصلاة, أو بسبب بيع بعضهم للسجاير, حيث صرح أحد الأمراء الأجانب في جبهة النصرة قائلاً:"سوف أحرق كل شخص يدخن أو يبيع الدخان." وهكذا حصلت أكثر من مشادة وحالة احتكاك بين عناصر جبهة النصرة ومقاتلي الجيش الحر من أبناء المدينة الذين هبوا للدفاع عن أهلهم, متهمين عناصر الجبهة بالاختباء ووضع اللثام علي وجوههم, وتنفيذهم لأحكام غريبة ما أنزل الله بها من سلطان.لا تتجاوز أعداد مقاتلي جبهة النصرة 3000 مقاتل. وفي مدينة نوي تحديداً, لا يزيد عناصرها علي 150 دخلوا المدينة بعد تحريرها مطالبين بالغنائم , رغم عدم اشتراكهم في القتال أثناء تحريرها, وهو ما أدي إلي نزاعٍ مع فصائل الجيش الحر. غير أن الأمر يبدو مختلفاً في الجنوب, وها هي النصرة تواجه مقاومة عنيفة انتهت بالاقتتال المباشر, وهو اقتتال ينذر بنكسةٍ خطيرة للنصرة, إذا ما قسنا ذلك علي حجم الخسائر البشرية الفادحة التي مُنيت بها منذ الأيام الأولي لمعركتها ضد أحد فصائل الثوار. تختلف الآراء في تحليل ما يجري في جنوب البلاد. فجبهة النصرة تقول إن معركتها هي لمنع تمدد داعش إلي حوران متهمةً لواء شهداء اليرموك بمبايعة داعش. لكن اللواء أعلن صراحةً عدم مبايعته لهذا التنظيم, وان الأمر مجرد ذريعة واهية للنصرة. وأرجع بعض المراقبين أسباب الخلاف إلي صراعٍ علي مناطق النفوذ وخطوط التهريب في وادي اليرموك مع الأردن, فيما أبدي بعض النشطاء تخوفهم من أن النصرة قد تتحرك بأيد خارجية معادية للثورة وتهدف من خلاله زرع الشقاق والاقتتال مع فصائل الثوار بهدف وقف الانتصارات الكبيرة التي حققها الثوار في جنوبسوريا مؤخرا.