دقت الحكومة الإسرائيلية المسمار الأخير في نعش السلام مع الفلسطينيين بعد موافقتها علي قانون يهودية الدولة الذي يطمس ما تبقي من العروبة علي الأراضي المحتلة ويؤسس دولة لليهود فقط دون الآخرين. فمشروع القانون الذي ينتظر إقراره نهائيا من الكنيست يتضمن أبعادا ديموجرافية وجغرافية سلبية لأكثر من مليون و600 ألف عربي يشكلون قرابة 20% من سكان إسرائيل الذين أصبحوا وفقا للقانون الجديد غير مرغوب فيهم، ومواطنين من درجة أقل وهو تغيير جوهري للعلاقة ما بين الأقلية العربية وبين الدولة ومؤسساتها بل يزيد من معاناة اللاجئين الفلسطينيين بالخارج الذين أصبحوا أيضا لا مكان لهم علي أراضيهم التي اغتصبت منهم منذ عشرات السنين. هذا القانون الذي يعود بالقضية إلي نقطة الصفر ينذر بنكبة فلسطينية ثانية تكرر الأولي التي شردت مئات الآلاف عام 1948 خارج ديارهم لصالح إقامة دولة الاحتلال. ومن حيث التوقيت يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحاول من خلال هذا القانون أن يستبق خطوة الفلسطينيين بالذهاب إلي مجلس الأمن لتقديم وثيقة «إنهاء الاحتلال» في ظل اعترافات دولية متوالية بالدولة الفلسطينية، ووسط ضغوط دولية متصاعدة ضد سياسة الاحتلال الاستيطانية. ويظل قانون يهودية الدولة محاولة من محاولات عدة يستهدف بها الاحتلال دحر الوجود العربي في الأراضي المحتلة سبقها بمخطط «برافر»، الذي يسعي إلي مصادرة أراضي الفلسطينيين في النقب والبالغ عددهم نحو 200 ألف نسمة وتجميعهم في مساحة أقل من 100 ألف دونم، أي علي أقل من 1 في المائة من مساحة صحراء النقب. هذا المخطط يضاف أيضا إلي القوانين العنصرية العديدة التي سنتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة علي شاكلة قوانين الجنسية والمواطنة والولاء الذي يفرض علي الأقلية العربية الاعتراف بيهودية إسرائيل قبل الحصول علي الجنسية الإسرائيلية.