أنا المصري كريم العنصرين بنيت المجد بين الأهرمين ، جدودي أنشأوا العلم العجيب ومجري النيل في الوادي الخصيب ؛ لهم في الدنيا الاف السنين ويفني الكون وهما موجودين . وكما يقول الحكيم " إن هذه الأمة المصرية العتيقة ، دون سائر الأمم والشعوب ، تدل طبائع أبنائها ، كما تدل آثارها علي البقاء والخلود ، فكم من مرة اجتاحها الغاصبون الأقوياء ، وظنوا أنهم حولوا أرضها رماداً تذروه الرياح ، وظنوا أنهم قلبوا مدنها وقراها أنقاضاً فوق سكانها فإذا بأولئك السكان ينقضون عنهم ما ظنه الغاصبون فناء ، ويبعثون من تحت الأنقاض أعزة أقوياء ، ليعيدوا البناء والكفاح من جديد" . وقد علمتنا الحياة واثبتت التجارب علي مر التاريخ اننا اقوياء بلاحدود في الازمات ونملك ارادة حديدية تقهر اي محاولة للنيل من وحدتنا وارضنا وحدودنا ونستطيع التماسك والترابط وقت الشدة ونتفاني في خدمة هذا الوطن ونضحي من اجله بارواحنا واموالنا 0 ومع بداية العام الجديد 2011- والذي كنا نأمل أن تتغير في رحاب هذا العام ملامح وسلوك وطريقة تعاملنا مع هذا الوطن الذي منحنا أكثر مما نستحق ولم نمنحه ما يستحق- وبعد منتصف الليل بقليل وعقب خروج الإخوة الأقباط من كنيسة القديسين بالأسكندرية وقعت الواقعة التي هزت أركان الشعب المصري وضربت حالة السكون النفسي والامان الاجتماعي واختلطت فيه مشاعر ودموع المسلمين والمسيحيين ، والتي نتجت عن قيام انتحاري بتفجير نفسه المريضة وعقله الفاسد أمام الكنيسة الأمر الذي أدي إلي إزهاق أرواح الأبرياء الذين لم يرتكبوا أية جريمة تبرر قيام هذا الموتور بارتكاب هذه الحماقة التي فاقت بشاعتها كل الحدود وأدت الي تناثر أشلاء الضحايا من شدة وقوة الأنفجار0 وصدق من قال ان العقل الكبير 00عقل كالمصفاة 00يسمح للدسم بالمرور من خلاله ويحتجز السم ويختبر كل جديد بعينه الفاحصة ، ولاشك ان كلمات البابا شنودة بابا الأسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية عقب الحادث كانت علي قدر مكانته وقيمته في المجتمع المصري والتي قال فيها أنه يجب التعامل في مثل تلك الظروف بشئ من الحكمة متمنيا سرعة القبض علي الجناة لأنها ستريح الأقباط. وبعيدا عن فلاسفة التأويل والتفسير نقول ان هذه الجريمة لاتدخل في عداد مايسمي بالفتنة الطائفية ولاينتمي مرتكبها الي اي دين سماوي ولايعرف معني الرحمة ولايفقه مدلول الحلال والحرام وقيمة حق الحياة ولاينتمي الي الشريعة الاسلامية السمحاء التي تحض علي معاملة اهل الكتاب بالحسني وعدم التعرض لهم بأذي وفقا للدستور الدائم الذي دونه النبي صلي الله عليه وسلم والذي نص في المادة الاولي منه علي انه "من آذي ذميا فأنا خصمه ، ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة ، ومن آذي ذميا فقد آذاني ومن آذاني فقد آذي الله" 0 ويجب أن تخمد الآن نار الفتنة والحديث عن الملفات الشائكة في العلاقة بين المسلمين والاقباط وأن يعلم كل من يتكلم تأثير كلمته علي من يسمعها ولانتباري في البحث عن بطولة وعمل الفرقعة الاعلامية والصيد في الماء العكر والادعاء بالمعرفة والقدرة علي التحليل الجنائي والسياسي والتاريخي وتوجيه الاتهامات بدون سند أو دليل، وفي الوقت نفسه ترك الامور لجهات التحقيق لاداء عملها بهدف سرعة ضبط مرتكبي هذه العملية الارهابية 0 ويجب علينا جميعا - دون النظر الي خانة الديانة - التصدي بقوة لشبح الإرهاب واعوانه والمتربصين بأمن الوطن واستقراره، وان يعلم الاخوة الاقباط علم اليقين انهم لم يكن وحدهم المستهدفون في هذه الكارثة المروعة وانما مصر كلها ، ومصلحة مصر تقتضي الالتزام والتوحد، وان عظمة النفس البشرية في قدرتها علي الاعتدال والانضباط لا في قدرتها علي التجاوز.