تجاوز النفط النطاق السعري الذي تفضله السعودية أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم بين 70 و80 دولارا للبرميل ومع ذلك من المستبعد ان تتحرك أوبك لوقف الاتجاه الصعودي مما يمهد الطريق لتجاوز السعر مستوي المئة دولار للبرميل. وفي اجتماعين عقدا الشهر الجاري - هما مؤتمر منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) في كويتو ومحادثات وزراء النفط العرب في القاهرة - تمسكت الدول المنتجة بتخفضيات الانتاج التي أعلنتها أوبك قبل عامين. وتوقع استطلاع أجرته رويترز زيادة الطلب علي نفط أوبك بواقع 600 ألف برميل يوميا في عام 2011 وان يرتفع استهلاك النفط ككل بواقع 1.5 مليون برميل يوميا. وتفيد بيانات وكالة الطاقة الدولية أن الطلب المطلق سيسجل مستوي مرتفعا جديدا ولكن معدل نمو الطلب سيكون ابطأ من المستوي القياسي البالغ ثلاثة ملايين برميل يوميا في 2004. وقال وزراء ومسؤولون انه حتي في حالة بلوغ السعر مئة دولار فانه لن يضر الاقتصاد بالضرورة ولا يعني الحاجة لزيادة انتاج أوبك اذا كان ارتفاع الاسعار ناجم عن مضاربة وليس عن أي نقص في الامدادات. وقال عبد الله البدري الامين العام لاوبك هذا الشهر "اذا بلغ (السعر) 100 دولار نتيجة للمضاربة .. لن تتحرك أوبك."وأشار كذلك الي أن المنظمة لا ترغب في ارتفاع السعر الي هذا المستوي. وانقسم المحللون بين من يعتقدون بوجود عوامل اساسية قوية في السوق بفضل انتعاش الاقتصاد العالمي الذي يقود لزيادة استهلاك الوقود ومن يركزون علي أوجه الاختلاف بين السوق اليوم حيث تتوافر امدادات جيدة نسبيا وبين حال السوق في عام 2008 حين ارتفع النفط لاعلي مستوي علي الاطلاق مقتربا من 150 دولارا للبرميل. وقال سداد الحسيني المحلل النفطي والمسؤول البارز السابق في شركة ارامكو السعودية "سنري اذا كانت (حركة) الاسعار ترجع لظروف جوية قصيرة الاجل أم مسائل متعلقة بالطلب وقضايا نقدية..وأضاف "في ظل بقاء مخزونات وفيرة ليس من المنطقي أن تبالغ أوبك في رد فعلها لما قد يكون ظرفا عابرا." وبحلول الوقت الذي يصل فيه أي انتاج اضافي الي السوق قد ينخفض الطلب مع انتهاء موسم ذروته في فصل الشتاء في نصف الكرة الارضية الشمالي. وسيضاف ذلك الي فائض الامدادات في سوق مازالت تقبل علي زيادة المخزونات نظرا الي الرخص النسبي للسعر الاجل لخام الامريكي في شهر الاستحقاق الاول. ويقول المحللون الاكثر اقتناعا بأن الاسعار ستواصل ارتفاعها ان حذر أوبك يعيد للاذهان سلوكها قبل الصعود القياسي للنفط في 2008 حين تباطأت في زيادة الانتاج. وقال باركليز كابيتال في مذكرة "الرسالة التي بعث بها اجتماع كويتو مفادها أن القلق ما زال ينتاب المنتجين من الاتجاه النزولي." وتوقع باركليز أن يبلغ سعر الخام الامريكي 91 دولارا للبرميل في عام 2011 وأضاف ان متوسط السعر هذا يشير "الي فترات طويلة من التداول فوق المئة دولار خلال بعض أوقات العام." وقال الحسيني وكثيرون داخل أوبك ان النفط المقوم بالدولار أرخص مما يبدو عليه بسبب هبوط الدولار. وأضاف "لم ترتفع الاسعار بعد الي مئة دولار للبرميل وما من شيء غامض بشأن مئة دولار للبرميل...فهذا يعادل ما لا يزيد عن 80 دولارا بسعر الدولار في عام 2005 في حال تصحيح الاسعار الحالية علي أساس التضخم." وبالقيمة الاسمية ارتفع النفط 35 في المئة عن أدني مستوي سجله في مايو أيار وذروة ارتفاعه المسجلة هذا الاسبوع تزيد نحو 15 في المئة عن سعره في نهاية 2009. وبدأت موجة الصعود الحالية في شهر سبتمبر أيلول تقريبا بعدما شرع مجلس الاحتياطي الاتحادي الامريكي في أحدث برنامج تيسير كمي للسياسة النقدية مما قاد الي موجة من الشراء في الاسواق المالية. واشارت مذكرة باركليز الي أن اجمالي حجم أصول السلع الاولية التي يجري تداولها بلغ أعلي مستوي علي الاطلاق نتيجة تهافت المستثمرين. وأظهرت بيانات لجنة التعامل في العقود الاجلة للسلع في الولاياتالمتحدة الصادرة الاسبوع الجاري أن مديري الصناديق رفعوا صافي اجمالي المراكز الدائنة من النفط الخام الي مستوي قياسي. وقال اوليفيه جاكوب من بتروماتريكس "يحفز مجلس الاحتياطي الاتحادي المضاربين نوعا ما. بوسع أوبك ان تقول ان دورها ليس زيادة امدادات النفط.".ولا يزال صعود النفط متواضعا مقارنة بالسلع التي قد تشهد عجزا في المستقبل مثل النحاس الذي سجل العديد من المستويات القياسية. ومع بدء الاتجاه الصعودي للنفط في سبتمبر ايلول انصب اهتمام المتعاملين علي مخزونات الوقود القياسية في الولاياتالمتحدة أكبر مستهلك للنفط في العالم. ومنذ ذلك الحين تراجعت المخزونات الا أن الانخفاض الحاد للمخزونات يمكن ارجاعه جزئيا لتوفيق المراكز الضريبية في نهاية العام.وبالاضافة الي المخزون تمتلك أوبك طاقة انتاجية غير مستغلة تقدر بنحو ستة ملايين برميل يوميا.ويمتلك العراق -وهو مستثني من نظام حصص انتاج أوبك حتي يتعافي من الحرب والعقوبات - امكانات كبيرة لزيادة الانتاج.