الندم والحسرة على وجه عثمان محمد فتوة إمبابة الشهير ب « عنتر بن شداد » بعيدا عن أعين المارة وفي أحد الشوارع الجانبية بمنطقة الجيزة يجلس علي أحد الأرصفة.. رجل كبير السن اشتعل رأسه شيبا.. نظراته حائرة.. يتلفت يمينا ويسارا وكانه يخشي شيئا.. يرتدي جلبابا ممزقا يعكس سوء حالته. اقتربت منه لأعرف قصته. وجهه تظهر عليه ملامح الشقاء وعيناه تغرق بالدموع سألته مابه قال إنه تجاوز ال 68 عاما.. عاش حياته بالطول والعرض.. لم يكن يخشي شيئا. كان صاحب كلمة قوية وهيبة في منطقة امبابة. لكن الايام هدته وهاهو لايجد مكانا يأويه او طعاما يسد جوعه. جلست إلي جواره ففتح قلبه وكأنه يفضفض عما يكتم انفاسه ويقبض علي صدره تحولت قوته الجسمانية إلي ضعف والصحة إلي مرض. قال انه عندما كان يملك المال كانت كلمته مسموعة وعندما ذهب ماله أنفض عنه أقرب الناس إليه شقاوته في شبابه تخطت كل الحدود وكان يطلق علي نفسه لقب « فتوة الناس الغلابة» ويلقبه آخرون « عنتر بن شداد». يقول عثمان محمد عثمان الشهير ب «عنتر» لم أدخل المدرسة ولا أعرف أكتب اسمي وفي شبابي كنت أعمل قهوجيا.. تعلمت مهنة الحدادة وأصبحت حداد مسلح ومعلم أد الدنيا «في مهنتي وبعد توقف الحال بعت عدة الحدادة وسافرت إلي ليبيا والأردن وكسبت مالا كثيرا وتزوجت منذ أكثر من 25 عاما ورزقني الله بولدين وابنة.. وانفصلت عن زوجتي بعد 10 سنوات من زواجنا تعرضت للسجن مرات كثيرة تجاوزت ال20 مرة بسبب شقاوتي كنت من الخطائين.. تاجرت في المخدرات ولم اتعاطاها.. وتشاجرت مع كثير من البشر ودافعت في كثير من هذه المشاجرات عن المظلومين وأصحاب الحقوق وكنت أظن نفسي عنتر بن شداد ولكن عمري ما سرقت ولا أذيت ولم أبخل علي أحد بمالي ولا قلت مفيش. ويضيف: تجربتي كلها في الحياة عبارة عن ذنوب ربنا بيخلصها مني الآن فبعد أن كنت أملك المال أصبحت أغسل هدومي وأنتظرها حتي تنشف لأني لا أملك غيرها وأكل لما ربنا يريد وأنام في أي مكان أو في أي جامع وبعد أن كانت كلمتي مسموعة أصبحت لا أجرؤ علي الكلام مع أقرب المقربين أو الذهاب إليهم وبعد أن كنت في كامل صحتي وقوتي أصبحت أعاني من الضعف بجانب مرضي بورم كبير والتهاب في الخصية وحصوات في الكلي ولا أملك جنيهات بسيطة لأذهب لأرخص العيادات واللي انا فيه ده عقاب من الله وعقاب شنيع وأتمني أن يغفر لي. انا ندمان ندم العمر كله علي اللي عملته وعلي أخطائي كلها وطيشي في شبابي. وأضاف: يومي اقضيه سيرا علي الأقدام واللف في الشوارع بحثا عن أحد يساعدني من أصدقائي القدامي ولكن الكل يتهرب مني وآخر مرةذهبت إلي أحد الأصدقاء في مطار امبابه ورجعت تاني علي البصراوي بامبابه ثم عدت إلي المطار للبحث عن صديق لي ميسور الحال وحاولت أن أطلب منه 100 جنيه ولكنه تهرب مني ومشيت أبكي في الشارع وجلست علي الرصيف ابكي حالي ومافعله الزمن بي.. ارفع يدي للمساء دائما.. لعل الله يتقبل دعائي له لقد رهنت بطاقتي الشخصية لكشك سجائر بسبب 170 جنيها وأصبحت أسير في الشوارع بدون اثبات شخصية. وعن أولاده يقول فتوة امبابة : إنه يراهم باستمرار في المنطقة التي بها محل إقامتهم مع والدتهم.. لكنه يرفض مساعدتهم له بسبب معاملة امهم له بذل إهانة بعد فقده لمصدر دخله وعمله منذ سنوات طويلة وهو الآن يتمني أن يجد من يعالجه من مرضه ويوفر له مكانا صغيرا يأويه من النوم في الشوارع. بكي فتوة امبابة وانا اربت علي كتفه قائلا: الدنيا غدارة.. مالها امان. وربنا يتقبل توبتي حتي استريح من العذاب.