hassan@hassan wageih.com تحية واجبة لجهاز المخابرات العامة لقيامه مؤخرا باسقاط شبكة تجسس اسرائيلية »جديدة« كانت تهدف الي تجنيد عملاء مصريين ولبنانيين وسوريين جدد للاضرار بالأمن القومي المصري والعربي.. ويأتي هذا النجاح في اطار سلسلة طويلة من نجاحات جهاز المخابرات العامة في اسقاط واصطياد العديد من الجواسيس ممن يسعي جهاز الموساد الاسرائيلي الي تجنيدهم في اطار ما يمكن وان نسميه »بحرب الجواسيس« التي لم تتوقف منذ زمن الحروب وبالرغم من توقيع اسرائيل لاتفاقات السلام مع مصر.. وهو الامر الذي يمثل في واقع الامر انتهاكا صارخا للقانون الدولي ولصريح نصوص المعاهدة التي وقعتها اسرائيل مع مصر في كامب ديفيد في عام 8791 والتي تنص مفردات المادة الثالثة بها علي انه ينبغي ويتعين علي كل طرف من اطراف المعاهدة أن يتأكد من منع كل الافعال التي تؤدي الي محاولة تهديد الآخر والتصرف بعدوانية تجاهه الي آخره. ان ما تثيره عملية اسقاط هذه الشبكة وغيرها من شبكات التجسس السابقة لابد وانه يحتاج الي وقفة تحليلية متعمقة واثارة اسئلة مركبة ومتداخله وكذلك ادارة محاولات تفاوضية واستراتيجية في المقام الاول.. لقد تحدثنا في مقالنا السابق علي هذه الصفحة بعنوان »ويكليكيس« وهندسة لحربين في الشرق الاوسط عن تلك الوثائق التي هربها ذلك الموقع والتي تصدر فكرة ان مصر هي التي تعد لحرب قادمة مع اسرائيل وذكرنا ان تصدير الاخبار والوثائق علي هذا النحو في آلة الاعلام الدولي التي تتناقل اخبار تسريبات ويكليكس انما هي تسريبات تسوق العكس لما يجري علي ارض الواقع. حيث ان الذي يبدو وانه يعد لمنظومة من استمرار العداء والحروب وتقويض الامن القومي العربي والاستمرار في قهر الشعب الفلسطيني والتهام كل حقوقه المشروعة هو اسرائيل.. فلقد حرصت مصر منذ توقيع اتفاقات السلام الي الالتزام بنصوص المعاهدة والي التركيز علي ان يكون السلام عادلا وشاملا وان تقام الدولة الفلسطينية وان تكون عاصمتها القدسالشرقية.. وان تكون المرجعية في ذلك كل قرارات الاممالمتحدة ونصوص القانون الدولي ومبدأ الارض مقابل السلام.. ولكن التحليل الصارم والموضوعي لمسارات عملية السلام منذ بداياتها وهو ما رصدناه في كتابين سيناريوهات الحرب والسلام وفخاخ التفاوض »نهضة مصر« لكي نوضح اساليب الخداع الاسرائيلي في نقل مسئولية اخفاق السلام علي الجانب العربي اساسا. والسؤال الاستراتيجي الذي ينبغي طرحه هنا لابد وإن يتطرق للدور الامريكي الذي اخفق اخفاقا تاما مقارنة بدور كارتر الذي كان يعلم مواصفات الوسيط الاقرب الي التوازن.. في صراع معقد وممتد كالصراع العربي الاسرائيلي.. ولابد ان يأتي الكلام هنا علي تلك المحاولة الراهنة التي يقوم بها المبعوث الامريكي ميتشل لما اسماه باحياء عملية السلام وهو تعبير استعاري يؤكد علي حقيقة ان الوضع الراهن هو »موت عملية السلام«. ولكن كيف يتم احياء تلك العملية«.. بعد اخفاق امريكي تام في مجرد وقف مؤقت للاستيطان.. وكيف يمكن ان يتم احياء عملية التفاوض من اجل تحقيق السلام علي حسب الرواية الامريكية دون مرجعية محددة!. لقد تحدد في اتفاقات كامب ديفيد ان تكون المرجعية لكامب ديفيد وما يليه من عمليات سلام شامل هي قراري مجلس الامن 242 و833 فما هي مرجعية الجهد القائم وكيف يمكن تفسير التهديد الامريكي باستخدم حق النقض »الفيتو« ضد اي تحرك في مجلس الامن الدولي بعد ان انطلقت من عدة دول بامريكا اللاتينية شرارة حرة ابيه تفتح الباب امام احداث ضغط دولي وللاعتراف من جانب واحد بدولة فلسطينية علي الارض التي احتلت في عام 7691 وعاصمتها القدسالشرقية. علي الرغم من ان الموقف الامريكي الي وقت قريب يدعي وبوضوح الي نفس المبدأ.. عموما السؤال المطروح الان ليس هو الموقف الامريكي او الاسرائيلي بل ماذا علينا نحن ان نقوم به؟!. وما هي المعادلات الاستراتيجية التفاوضية.. التي علينا ان نضيفها في ظل حرب الجواسيس المستمرة علينا.. من ناحية في ظل.. عملية السلام دخلت الانعاش؟!. مع وجود اتفاقات قائمة بالفعل واخري لابد وان تحدث لكي يتحقق سلام مبني علي العدل واعادة الامور المختلة الي نصابها.. وهذا ما ينبغي ان نفتح من اجله حوارا.. مصريا وعربيا في ظل مستجدات يتسم »غموضها« بمخاطر كبري.. والله ولي التوفيق وهو وحده المستعان.