لم اكن أريد الكتابة في هذا الموضوع حتي بلغ الامر حدا لايمكن السكوت عنه. اما بالنسبة للمستقبل، فالمرجو والمأمول من المجلس الجديد ان يكون افضل من المجلس الحالي في حسن استخدام اللغة العربية، وقراءة البيانات المكتوبة قراءة صحيحة. وفي البداية أقرر بكل اطمئنان انني- علي الرغم من متابعة جلسات المجلس الموقر التي يذيعها التليفزيون- لم اجد نائبا واحدا يجيد اللغة العربية او يلتزم بقواعدها، والأسوأ من ذلك ان الذين يقرأون بيانات اللجان يخطئون في نطقها، فينصبون الفاعل، ويرفعون المفعول. أن تاريخ مجلس الشعب أو الامة أو البرلمان المصري يمتليء بالصفحات المشرقة لنواب محترمين كانوا نماذج رائعة في حسن الاداء اللغوي، بل والتميز البلاغي الراقي؟! ولعلني هنا أذهب إلي ان يتحدث النائب باللهجة العامية المصرية افضل بكثير من ان يحاول التحدث باللغة العربية الفصحي ثم يخطيء فيها تلك الاخطاء الشنيعة، التي تجعل منظر المجلس غير لائق لمن يتابع جلساته من العارفين باللغة العربية في مصر أو في البلاد العربية الشقيقة. طبعا هناك أعذار لأخطاء نواب الشعب في اللغة العربية، وأولها ان تعليم هذه اللغة غير فعال حتي الآن، تماما مثل تعليم الانجليزية في مصر، وهناك ايضا عدم ممارسة اللغة الفصحي في الحياة العامة او الخاصة بحيث يتعود اللسان عليها، وتصبح ملكة عفوية كما هو الحال لدي مذيعي بعض القنوات الفضائية العربية التي قد لا نتفق مع مضمونها، ولكننا لانريد ان نتعلم من اسلوبها.. وهناك ثالثا ان اللغة العربية الفصحي لا تمثل لهؤلاء النواب الذين يخطئون في نطقها والتحدث بها شيئا ذا قيمة، سواء في هويتهم الثقافية، او في تراثهم الحضاري. فماذا سيحدث اذا اخطأوا؟ ومن هو الشخص الذي يتنبه لذلك؟ وهل يتم التصحيح، او يقبل المخطيء هذا الصحيح؟ والسؤال فقط: هل يستمع نوابنا الافاضل إلي مجلس العموم البريطاني او جلسات الكونجرس المذاعة، ويلاحظون أي خطأ لغوي في حديث هؤلاء الاجانب أو الخواجات؟! ايها السادة النواب.. لم يبق الا ان تقبلوا بتلقي الارشادات من خبراء في اللغة العربية، ولم يبق الا ان تحضروا بعض الدورات التدريبية علي الاداء الصحيح، لان ماتنطقون به يسمعه الملايين من مصر، والبلاد العربية.. ولم يبق اخيرا إلا ان تعطوا بعض الاهتمام للغة العربية التي يقرر الدستور أنها اللغة الرسمية لمصر؟! كاتب المقال : نائب رئيس جامعة القاهرة السابق