لو لم يكن »محمد عثمان محمود« شابا بسيطا، طيبا، وساذجاً، هل كان يعقل أن يترك أحد المندسين عليه من عملاء ال »إف بي آي« ليقنعه بتفخيخ سيارة وتفجيرها وسط مئات المواطنين اثناء احتفالهم بشجرة بابا نويل في قلب مدينة »بورتلاند« بالولاياتالمتحدة؟! هذا بالضبط ما حدث لمواطن أمريكي مسلم الديانة، من أصل صومالي اشتبه مكتب التحقيقات الفيدرالي في اتصالاته وتحركاته ونظروا إليه ك »مشروع إرهابي إسلامي« يسهل الإيقاع به ! . أحد عملاء المكتب من جذور هندو/باكستانية تنكر في هيئة متشدد ديني علي خلفية إسلامية متطرفة سبق الإلمام بها ضمن برنامج دراسي تدريبي لتخريج متشددين إسلاميين مزيفين من بين ضباط مكتب التحقيقات الفيدرالي. ببساطة وسذاجة متناهيتين.. تحمس الشاب »محمد عثمان محمود« 91 عاما لاقتراح »المتشدد المزيف« بالقيام بعمل انتحاري يقضي علي أكبر عدد من الأمريكيين، ليتعاظم ثوابه في الجنة! مشكلة »محمد عثمان« الوحيدة إن الامكانيات العلمية والمادية الضرورية لتنفيذ هذه العملية الاستشهادية ليست متوافرة لا في رأسه ولا في جيبه! والحل؟! تقدم به ضابط ال »إف بي آي« قائلا: »لدينا كل ما تحتاجه من مال وتدريب واختيار أفضل زمان ومكان لتنفيذ العمل الجهادي العظيم!«. لم يلعب الشك في رأس الشاب بعد تعدد اللقاءات »السرية« ليس فقط مع »المتشدد المزيف« وإنما مع آخرين اصطحبهم الأخير معه وقدمهم إليه ك »خبراء تفخيخ، واتصالات الكترونية.. سيتولون تعليمه وتدريبه علي القتل الجماعي«. كما أرشدوا الشاب إلي »وكر« سري تباع فيه معدات ومستلزمات صنع القنابل، لمن يثق صاحب الوكر فيهم وبناء علي توصيات مؤكدة! أي أن مكتب ال »إف بي آي« لا يجد ضررا ولا حرجا مع التوصية علي »محمد« لتزويده بما يريده، ويدفع ثمنها من الأموال التي أعطاها له المتشدد المزيف، من أموال مكتب التحقيقات الفيدرالي.. أي من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين! المتشددون المزيفون اصطحبوا الشاب »محمد عثمان محمود« إلي مكان بعيد، غير مأهول، بهدف القيام بتجربةتفجير قنبلة عن بعد. وهناك.. سلموا الشاب »تليفونا محمولا« وطلبوا منه طلب رقم محدد، أعقبه انفجار قنبلة مزيفة في سيارة نصف نقل تركوها في أحد الشوارع، وهو ما طمأن الشاب علي بساطة وسهولة تفجير سيارة عن بعد، والفرار بعد ذلك سالماً آمناً.. كما وعده زميله »الإرهابي المزيف«! وصرحت مصادر قضائية قامت بالتحقيق في هذه القضية، بأن التسجيلات أثبتت تقاضي المتهم »محمد عثمان محمود« ثمن المعدات والمستلزمات المطلوبة لصنع المتفجرات، كما حصل من نفس المصدر أي ضابط ال »إف بي آي« المتنكر في شخص وملابس متشدد إسلامي علي مبلغ نقدي 0072 دولار لدفع إيجار شقة يلجأ إليها عقب تنفيذه عملية القتل الجماعي العشوائي، ويقيم مختفياً داخلها إلي أن يأتي »المتشدد المزيف« ليصطحبه إلي خارج حدود الولاياتالمتحدةالأمريكية، ومنها ينطلق إلي باكستان أو أفغانستان أو يعود إلي وطنه: الصومال!.. أو هكذا أوهموه، إلي هذا الحد وثق فيهم وصدقهم! شيء من هذا كله لم يتحقق بالطبع.. الهدف الأول لعملاء ال »إف بي آي« هو جمع أدلتهم، وتستيف وثائقهم، واختلاق دوافع وهمية، وذلك كله لبناء قضية كاملة الأركان ضد شاب متشتت نفسياً، وقع الاختيار عليه لسهولة توريطه، وإغرائه، واقتياده لتنفيذ كل ما يطلب منه. بعدها.. حدد »الارهابيون المتنكرون« موعدا لتنفيذ الجريمة الجهادية التي ستصبح حديث العالم لأسابيع وشهور وسنوات، وطلبوا من »محمد« ان يستريح في منزله، عدة ساعات قبل أن يغادره حاملاً تليفونه المحمول في طريقه إلي الميدان الكبير الذي تقف فيه السيارة المفخخة، والمنتظر انفجارها بعد »الرنة« الأولي! وانتظر »مشروع إرهابي« في غرفته، تنفيذاً للأوامر المشددة التي تلقاها من »الكادر الإرهابي الأكبر« لكنه أي »محمد عثمان« لم يستطع النوم، فقد ظل راقداً يسترجع في رأسه سيناريو الجريمة الجهادية خطوة بخطوة، ولحظة بعد أخري.. حتي لا ينسي خطوة أو يتأخر عن توقيت مما قد يهدد العملية كلها بالفشل! وفجأة.. انتفض »محمد عثمان« واقفاً علي صوت تحطيم باب الشقة، وتدفق أفراد ال »إف بي آي« داخلها يصرخون فيه ويأمرونه بالركوع علي الأرض ووضع كفيه علي رأسه قبل أن يتقدم واحد منهم يقوم بتقييد اليدين بالكلابشات الحديدية. في البداية.. تصور الشاب الساذج حدوث أي شيء، وكل شيء، أدي إلي اعتقاله.. ما عدا حقيقة ما حدث بالفعل! وكانت صدمته كبيرة عندما سمع في اليوم التالي عن التصفيق والتهليل، لنجاح »الضربة الوقائية القاصمة، التي حققها مغاوير ال »إف بي آي« بنجاحهم المذهل في إحباط جريمة قتل مئات المواطنين من الأطفال والنساء والشيوخ« والقبض علي الإرهابي الخطير قبل دقائق معدودات من تنفيذ جريمته!