ما تزال جماعات الدفاع عن حقوق الإنسان تتمسك برأيها في أن مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) هو الذي أوقع بالشاب الأمريكي/الصومالي: »محمد عثمان محمود« ، ودس عليه عميلاً متنكراً في شكل متشدد إسلامي يملك من العلاقات والامكانيات المادية والعلمية ما يوفر له فرص شن هجمات ضد المواقع المزدحمة حتي تكون الخسائر المادية والبشرية فادحة. وإذا كان مكتب التحقيقات قد قدم أمس صورة أخري للعميل المزيف وكيف أنه كان مستمعاً فقط لاعترافات »محمد عثمان«، ومشجعاً في الوقت نفسه علي قيامه بتفخيخ سيارة لتفجيرها أثناء الاحتفال بإضاءة شجرة »بابا نويل« في بورتلاند، فإن مصادر أخري تؤكد أن العكس هو الصحيح. فالشاب الصومالي كان يعاني من مشاكل نفسية، فكان متوحداً، مشتتاً بين ما يراه ويسمعه، وبين ما يريد البعض تحديد ما يجب عليه مشاهدته واختيار ما يفرض عليه سماعه. شخص هكذا.. كان فريسة سهلة لعملاء مكتب التحقيقات الفيدرالية، ليخلقوا منه متطرفاً دينياً، وانتحارياً علي استعداد للتضحية بحياته من أجل تحقيق أهداف قيل له أنها من صميم الشريعة وأصول الدين! التفاصيل الجديدة للإيقاع بالشاب الصومالي، منشورة أيضاً في كبريات الصحف الأمريكية في مواجهة ما جاء مغايراً لها علي لسان مكتب التحقيقات الذي يدافع عن أسلوبه في الإيقاع بالمشبوهين بواسطة دس عملاء مزيفين وإرهابيين مزورين علي من يسهل توريطهم و تشجيعهم علي ارتكاب جرائم لم تكن تخطر علي باله من قبل! ما حدث مع الشاب الصومالي »محمد عثمان محمود« أنه وقع بالفعل في شباك عملاء ال (إف بي آي) نتيجة الخطأ في العنوان الإلكتروني، الذي راسل عليه أحد كوادر التطرف في باكستان. واكتشفت المراقبة الدائمة علي مكالماته وإيميلاته هذا الخطأ، فاستغله العميل الفيدرالي الذي تراسل مع الشاب الصومالي علي أنه الكادر المتشدد في باكستان كما ذكرت في مقال أمس لكن الجديد اليوم هو أنه في الاتصالات بينهما التي استمرت فترة طويلة كان الشاب الصومالي مستمعاً أكثر منه متكلماً. وإذا تكلم فلا شيء في كلماته يكشف من قريب أو بعيد عن نيته في القيام بعمل إرهابي يهز الولاياتالمتحدةالأمريكية! خصوم مكتب التحقيقات الفيدرالي أكدوا أن العميل المتقمص شخصية أحد كوادر تنظيم القاعدة في باكستان، فاجأ الشاب الصومالي ذات يوم بسؤاله عن »ماذا في استطاعته أن يقدمه من أجل نصرة الإسلام في أمريكا؟!«. وقبل أن يجيب »محمد عثمان« عن السؤال، فوجيء بالعميل المزيف يقترح عليه 5 اقتراحات لأعمال جهادية من بينها: الدعوة إلي الإسلام بين المعارف والجيران، و جمع تبرعات مالية لمساعدة فقراء المسلمين، أو القيام بعمل انتحاري وجهادي من الدرجة الأولي! وتؤكد مصادر قضائية من واقع التسجيلات الصوتية، والأيميلية أن الاقتراح الأخير لقي صدي قوياً لدي الشاب المشتت »محمد عثمان محمود«، الذي سأل الإرهابي الأمريكي المزيف عن كيفية القيام بهذه العملية الإنتحارية؟ وإلي من يلجأ لتعليمه وتدريبه؟! وبالطبع.. لم يبخل الكادر الإرهابي المزيف لا بالرأي ولا بالمشورة علي الشاب الذي وافق علي القيام بتنفيذ عملية إرهابية بشعة، ولا يعرف أي شيء عن كيفية تنفيذها! موافقة »محمد عثمان« علي »الفكرة« من حيث المبدأ وجد فيها مكتب التحقيقات الفيدرالي دليلاً علي أن الشاب الصومالي كان يحلم بالقيام بعمل إرهابي يدخله الجنة، لكنه لم يكن علي علم ولا دراية بكيفية تخطيطه وتنفيذه، وبالتالي فلم يكن في حاجة إلي تحريض، أو تشجيع، من جانب العميل الفيدرالي لإقناعه بشيء كان يحلم بتحقيقه منذ فترة طويلة، وإلاّ لما رحب علي الفور بالاقتراح وطالب محدثه بمساعدته في التجهيز والتدريب والتنفيذ! المعارضون لأسلوب التحريض علي ارتكاب جرائم ، وتقديم التسهيلات المادية والفنية لإغراء أناس بارتكابها، ثم الإيقاع بهم متلبسين بالجرم قبيل الشروع في تنفيذه.. تمسكوا بطعنهم في هذه الإجراءات والأساليب البوليسية »غير القانونية« و»اللا إنسانية«، خاصة أن خياراتهم تكاد تكون مقصورة علي الشباب ذوي المشاكل النفسية، والأزمات المالية، والعاجزين عن الاندماج في مجتمع سعوا إليه ولم يسع لهم، إلي جانب الحياري الذين ضاعوا وتشتتوا بين الولاء لبلد يؤويهم ويعلمهم ويعالجهم ويوظفهم كمواطنين، وبين كراهيتهم لنفس البلد ونظامه ومعتقدات وعادات وتقاليد وحريات وحقوق شعبه .. لأسباب كثيرة سمعوها وحفظوها علي لسان محترفي تشويه تعاليم الدين، و قرأوها في كتيبات ونشرات لا هم ولا هدف من وراء نشرها غير الدعوة إلي العنف في إبداء أبشع مظاهر كراهية الآخرين! .. وأواصل غداً.