إن هيمنة العولمة بالقسط الوفير الذي باتت عليه اليوم جعل لصداها النصيب الاعظم في حقل المستجدات المعرفية والفكرية والتقنية من جهة ومن جهة ثانية انها احرزت تطورا ملحوظا من خلال قنواتها المعلوماتية والعلوماتية.. مما جعلها تزداد قدرة وصلابة يوما بعد يوم بفرض هيمنة منظوماتها علي العالم اجمع التي باتت اكثر انتشارا وأوسع قبولا وبالتالي ادي هذا الكم الهائل المتدفق من العلوم إلي إلزام العالم الثالث اي الدول النامية الي اعادة النظر لتقييم ثقافاته وعلومه قبل ان تذوب وتتلاشي امام هذا الزحف الوفير من العلوم والمعرفة التي موضعت مفاهيمها ومناهجها في طليعة ما ترمي اليه الشعوب المتقدمة من تقدم وازدهار ازاء هذا الطوفان الزاحف الذي بات له انياب يقتضم كل من يحاول رده.. لذا لابد من تقييم تلك الثقافات المستجدة علي الساحة وضرورة تبلور مفاهيمها من جديد وفقا لما يحدث علي الساحة لغربلة المعوقات وعزلها من امام هذا الفيض من العلوم التي استحدثت منظومة جديدة فرضت افرازات مفاهيمها علي الكرة الارضية قاطبة دون ان تستثني او دون ان تستبعد ايه بقعة من بقاع العالم من دائرتها العلمية التي باتت حتمية ولزامية علي العالم ككل. لذا لابد للشعوب المتطلعة الي الغد ان تعي ابعاد هذا التدفق الهائل والمستجدات كما ونوعا من العلوم وتعيد صياغة بنيتها من جديد انطلالا من الموقع العلمي الذي وصل اليه العالم اليوم في شتي حقول المعرفة والعلوم وتعترف اعترافا كاملا وتلتزم به عبر التغير والتحول علي ان تعي ان هناك واقعا متغيرا من آونة لاخري يحمل في طياته بين الفينة والفينة افكارا وتقنيات بات الانسان في امس الحاجة اليها ما من دولة متقدمة الا بدأت تسير في هذا الطريق وتمحور افكارها وعلومها وتموضع مفاهيمها وفقا للتيارات الجامحة وتعي الآتي جيدا قبل قدومه.. يقول الفيلسوف اينشتاين: التحول ليس المرحلة الاخيرة.. انه التمهيد لما سوف يتم بعده.. لذا انه قد اعتبر لكل نهاية بداية جديدة فلابد من ان الدول النامية تعي جيدا ما يحدث علي الساحة العلمية كي تهيئ نفسها حتي تكون قادرة علي مواكبة هذا الفيض الزاحف من الانتاج العلمي الغزير المتدفق بمعطياته الذي غير شرعية قوانين العلوم والتحول مما جعل العالم في وضع جديد لابد من ان تقابله الدول النامية بجدية وتبصر حيث ثمة عنصر اساسي مرتبط بهدف التحول التدريجي لصناعة الغد القادم من منطلق مراكز العملية العلمية البحتة التي فرضت وسائلها وقواعدها الهائلة التي باتت محورا لعلوم العصر.. ولابد ان تعي بعض الشعوب مدي مخاطرة هذا الزحف عليها ما لم تتواكب مع هذا الصعود الثقافي الهائل وتدع الثقاقات المحلية المحدودة جانبا من حيث انها شاخت وباتت هشة مهددة بالزوال امام الصعود الهائل من الثقافات العالمية الزاحفة كالفيض المتدفق لذا عليها ان تهجر تلك الافكار البالية التي لم تعد تتوافق ولا تلتقي مع هذا الزحف العلمي من اجل الدخول الي طور العالمية فيما تهدف اليه وما تسيغه وتستسيغه من مفاهيم وعلوميات في مجري منظومات التحديث. لذا لابد من إعادة تشكيل العقل علي ضوء ما بات مفروضا من الثقافات المتطلعة والطامحة عبر الوصل والتواصل والاتصال حتي لاتكون افكارنا مهمشة مفرغة من محتواها العقلاني نتيجة محاولات تحفظها علي بقايا ثقافات عناصر اوليه مستقلة من ثقافات اضمحلت ولم تعد تلعب أو يكون لها أي دور في تنظيم الحياة الاجتماعية الهامة لتجديد اساسها المعنوي في انتاجية تصلح لبناء حضارة تقوم علي اساسها المشاركة في الاصلاح والتحديث.. وبهذه الطريقة استطاعت الدول المتقدمة ان تحقق من خلالها هيمنة العولمة لتحل مكان الثقافات المحلية الاخري التي تعوقها وتتمخض في نزاعات سقطت من مفاهيم العلوم منذ سنوات وباتت مستحيلة لحل المشاكل القائمة علي ضوء المستجدات والتحديث. كاتب المقال : عضو اتحاد كتاب العرب