الإبداع نعمة كبيرة من الله سبحانه وتعالي منحها للإنسان ضمن نعمه الكثيرة التي لا تعد ولا تحصي، وهي تمتاز عن غيرها من النعم في انها تظهر ما فضل الله به بني آدم عن غيره من المخلوقات وهو العقل. فالإبداع أنواع، أعلاها قدرا ما ارتبط بإعمال العقل لاستكشاف الكون وحل ألغازه، والقدرة علي حل ما يواجهه الانسان في حياته وفي بيئته من مشكلات تستعصي علي الحل، هذا النوع من الابداع هو ما نحتاجه أشد الاحتياج، ونفتقده أشد الافتقاد، ذلك ان قراءة سطحية وبسيطة في واقعنا الذي نعيشه تبين لنا عظم المشكلات التي نواجهها سواء كانت اقتصادية أو بيئية أو سياحية أو أمنية.. الخ وكلها في حاجة الي إعمال العقول للبحث عن مخرج لها وحلول ممكنة التنفيذ ولكننا للأسف الشديد بدلا من أن نكرس الجهود ونجيش الاعلام والأموال لخدمة هذا الهدف النبيل، والبحث عن عقول مبدعة في مختلف المجالات الهندسية والتكنولوجية والبيئية والأمنية والاقتصادية، لا نري في وسائل الاعلام وعلي الساحة سوي مسابقات ترصد لها الأموال وتفرد لها المساحات الاعلانية والبرامج للبحث عن مطربين أو راقصين أو ممثلين.. الخ.. نحن لا نقلل من قدر أي إبداع، ولكن قديما قالوا.. الحاجة أم الاختراع.. ونحن في أشد الحاجة الي العقول المبدعة في هذه الفترة العصيبة من تاريخ أمتنا لكن ما يحدث يبين بشكل مؤلم مدي انفصال هذا الاعلام ومن وراء هذه المسابقات من رجال اعمال ومستثمرين عن الواقع المؤلم الذي تعيشه الأمة. إنني عندما اشاهد هذه المسابقات اشعر أنني اشاهد اعلام دولة أخري غير بلدنا الحبيب مصر وأتعجب من تجاهل كل من وراء هذه المسابقات عن هموم ومشاكل وطنهم، واتساءل لماذا لا يجيش هؤلاء الجيوش لعمل مسابقات بين العقول المبدعة تقوم كل واحدة منها بتبني مشكلة تعاني منها الامة وتبحث عن طريق هذه العقول المبدعة عن افضل الحلول لها؟! هل نحن شعب غابت فيه العقول؟! بالتأكيد لا فالعقول المصرية المبدعة بخير والحمد لله، ولكنها مهمشة لا يلقي عليه الضوء ولا يتم تشجيعها، وعندما يجتاز أحدها العقبات والصعوبات وينجح في حل مشكلة تتجاهله الجهات المسئولة في بلدنا وتتلقفه مثيلتها في الدول الأخري، أما آن الأوان لنفيق ونتسابق بحثا عن حلول لمشكلاتنا المتفاقمة، بدلا من البحث عن حناجر تصيح وأرداف تهتز.