التعاون علي البر والتقوي معناه ان يتعاون المسلم مع أخيه ويعينه في فعل الخيرات وعلي طاعة الله عز وجل وتجنب المعصية وبالتعاون يتم انجاز الاعمال الكبيرة التي لا يقدر عليها الافراد وبه يشعر الفرد بالقوة ويستطيع مواجهة الاخطار وهو سبب من اسباب الألفة والمحبة بين الناس وهو دليل حب الخير للآخرين وثمرة من ثمرات الايمان ويعتبر التعاون اساسا من اسس التقدم والانتاج والنجاح والتفوق ومن اهم الاسباب الموصلة الي محبة الله ورضاه وجنته. والتعاون واجب ديني وضرورة اجتماعية فالانسان مدني بطبعه لابد له من الاجتماع والتعاون مع الاخرين فهو يحتاج الي التعاون مع الاخرين والحصول علي غذائه ويحتاج اليهم للدفاع عن نفسه وانفسهم ويحتاج للتعاون لتوفير مسكنه وملبسه ومكان اقامته وغيرها من الامور الدنيوية اذن فالتعاون ضروري للبشرية من اجل البقاء وحفظ النوع ويقول الحق تبارك وتعالي في سورة المائدة: »وتعاونوا علي البر والتقوي ولا تعاونوا علي الاثم والعدوان واتقوا الله ان الله شديد العقاب«. وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: »من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر عن معسر يسر الله عليه في الدنيا والاخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والاخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون اخيه، ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا الي الجنة، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم الا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه«. ومحبة الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم تتمثل في طاعته واتباعه والاقتداء به واحياء سنته، فعن ابن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: »ان رجلا جاء الي النبي صلي الله عليه وسلم وفقال: يا رسول الله اي الناس احب الي الله تعالي واي الاعمال احب الي الله تعالي، فقال الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم: احب الناس الي الله تعالي انفعهم للناس واحب الاعمال الي الله تعالي سرور تدخله علي مسلم او تكشف عنه كربه او تقضي عنه دينا او تطرد به جوعا ولان امشي مع اخ في حاجة احب الي من ان اعتكف في هذا المسجد »مسجد المدينةالمنورة« شهرا«. ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظه ولو شاء ان يمضه امضاه ملأ الله قلبه رجاء يوم القيامة، ومن مشي مع اخيه في حاجة حتي يتهيأ له اثبت الله قدمه يوم تزول قدمه«. وعن انس ابن مالك رضي الله عنه قال: »قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ان من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر وان من الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير فطوبي لمن جعل الله مفاتيح الخير علي يديه وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر علي يديه«. ودعي الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم الي التكافل والتضامن والتعاون بين الناس والوقوف الي جانب المعسر، فعن ابي قدادة رضي الله عنه قال: »سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول من سره ان ينجيه من كرب يوم القيامة فلينفث عن معسر او يضع عنه«. دعا الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم الي عدم ظلم المسلم لاخيه المسلم وشبه المؤمن للمؤمن بانه بنيان يشد بعضه بعضا واخبرنا ان المؤمنين مثل الجسد الواحد كل هذا من اجل ان نتعاون جميعا علي البر والتقوي يقول صلوات الله وسلامه عليه »المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا« ويقول صلي الله عليه وسلم: »مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد اذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمي« وقال الصادق المصدوق صلي الله عليه وسلم »المسلم اخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ومن كان في حاجة اخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة« وقال صلي الله عليه وسلم: »لايزال الله في حاجة العبد ما دام العبد في حاجة اخيه« وقال: »من مشي في حاجة اخيه كان خير له من الاعتكاف عشر سنين«، »ومن اعتكف يوما ابتغاء وجه الله جعل الله بينه وبين النار ثلاث خنادق كل خندق ابعد مما بين الخافقين »المشرق والمغرب««. وكما دعا الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم الي التعاون علي البر والتقوي والبعد عن الاثم والعدوان، دعا الخلفاء والصحابة والتابعين الي هذا السلوك القويم ومازالت الدعوة مستمرة الي وقتنا هذا يقول الخليفة الثاني الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: »عليك باخوان الصدق فعش في اكنافهم فانهم زين في الرخاء وعدة في البلاء« وقال المغيرة بن شعبه رضي الله عنه »التارك للناس متروك« وقال ابوجعفر ابن صهبان رحمه الله تعالي »كان يقال اول المودة طلاقة الوجه والثانية التودد والثالثة قضاء حوائج الناس« وقال داود الطائي لرجل طلب منه وصية »اصحب اهل التقوي فانهم ايسر اهل الدنيا عليك مئونة واكثرهم لك معونة« وقال ابن المعتز رحمه الله تعالي: »من اتخذ صحبة كانوا له اعوانا وقال بعض البلغاء »صديق مساعد عضو وساعد«. اذا فالتعاون علي البر والتقوي دليل حب الخير للاخرين وسبب من اسباب الالفة والمحبة بين الناس وهو طريق موصل الي محبة الله تعالي ورضاه ومحبة الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم. كاتب المقال: نقيب السادة الأشراف