لابد من الحزم والحسم لمواجهة التسيب والانفلات في توفير متطلبات الامان للسائح الذي يأتي إلينا للثقافة والترويح والاستمتاع بمقومات بلدنا السياحية الفريدة. لا يجب ان يكون ضمن برنامج رحلة هذا السائح الذي يعد ضيفا عزيزا علينا مواجهة الموت أو الاصابة في حادث اوتوبيس سياحي يقوده سائق مستهتر غير مؤهل أُسندت اليه مسئولية انتقاله. في هذا المجال اصبح شائعا تعرض بعض الافواج السياحية لحوادث دموية نتيجة اهمال السائقين المتهورين وهو ما ادي إلي ازهاق ارواح الكثير من هؤلاء السياح.. ليس خافيا ان المسئولية في هذا التصور تقع علي الشركتين المسئوليتن عن البرنامج وعن النقل السياحي حيث يجري تشغيل سائقين يفتقرون للخبرة ولآداب المرور من اجل ان يدفعوا اجورا متدنية تضمن لهم مضاعفة ارباحهم. ليس ادل علي هذه الحقيقة المؤلمة من وقوع حادثين لمركبتين سياحيتين في اسبوع واحد راح ضحيتهما عدد من السياح من جنسيات مختلفة وتشير التحقيقات الاولية إلي ان العامل البشري كان وراء الكارثتين.
لاجدال ان قرار زهير جرانة وزير السياحة بوقف اعمال الشركة السياحية التي تقوم بتسيير هذه الاتوبيسات هو اجراء ضروري يعظم من مسئولية وزارة السياحة في الحفاظ علي حياة السياح الذي تعد زيارتهم لمصر هدفا استراتيجيا لزيادة الموارد المالية وتحقيق التنمية الاقتصادية التي تخدم جموع المصريين. من ناحية اخري كنت ارجو ان تكون المحاسبة القضائية لهذا الاهمال رادعة لكل من يُقصر في عمليات التأمين والحفاظ علي تدفق الحركة السياحية إلي مصر. لابد ان نضع في اعتبارنا السمعة السيئة التي يمكن ان تتولد عن تكرار مثل هذه الحوادث والتي اتاحت بعضها الفرصة لبعض وسائل الاعلام لاصدار التحذيرات إلي السياح من خطر الموت الذي يهددهم خلال زيارتهم لمصر. ليس ادل علي التأثير السلبي لمثل هذه الحوادث علي صناعة الامل في مصر من هذا الذي نشرته احدي الصحف نقلا عن وكالة »نوفستي« الروسية للانباء. جاء في هذا الخبر المنشور ان وزير السياحة الروسي قد لفت نظر المستشار السياحي المصري في موسكو إلي هذه الظاهرة طالبا ان ينقل إلي القاهرة ضرورة تشديد قواعد المرور والرقابة علي المركبات السياحية حفاظا علي ارواح السياح الروس الذين راح اعداد منهم ضحية لبعض هذه الحوادث. لاجدال ان هذا التحذير يمثل امرا في غاية الخطورة خاصة ان السياح الروس اصبحوا يمثلون المرتبة الاولي في الجنسيات التي تزور مصر بعد ان وصل عددهم إلي ما يقرب من المليونين ونصف المليون سائح.
ولا يمكن بأي حال لوم اجهزة السياحة ودورها في هذه القضية إلا في حدود مكافحة التسيب والانفلات في متابعة شركات السياحة بمسئولياتها في ضمان النقل الآمن للسياح وهو ما اقدم عليه وزير السياحة من اجراءات والتي ارجو عدم التراجع عنها.. وليس هناك من حجة أو مبرر لهذا السلوك غير المسئول من شركات السياحة المتهمة بالإهمال خاصة علي ضوء برامج التدريب التي قامت بإعدادها الوزارة مع الاتحاد العام للغرف السياحية وكذلك الجهود الفنية والرقابية لمتابعة المركبات السياحية. هذا البرنامج يشمل وضع اجهزة تقييد لسرعة هذه المركبات تحقيقا لعامل الامان خاصة ان الحوادث كلها تكون نتيجة التهور وانفلات السرعة. السؤال الآن عما هو مطلوب حتي تلتزم شركات النقل السياحي بالضوابط اللازمة للحفاظ علي حياة السياح.
بالطبع فإنه ليس هناك من سبيل للمواجهة سوي الردع وزيادة عمليات الرقابة والمتابعة التي لابد وان تشارك فيها اجهزة المرور التي عليها المساعدة في إعمال القوانين التي تحكم اصدار الرخص والسماح بقيادة السيارات بشكل عام. ان تصاعد حوادث المركبات السياحية يحتاج إلي وقفة وحسم تنفيذي وقضائي حفاظا علي الصالح الوطني.