إن كثيراً من الناس يحلو لهم ان يدبروا المكائد لبعضهم وان يكتبوا شكاوي كيدية في رؤسائهم بغياً وعدواناً، أو يكتب رؤساؤهم فيهم بالبغي والافتراء!!. وان بعضاً من المسئولين تبرر لهم أنفسهم الأمارة بالسوء أن يكتبوا تقارير ظالمة في بعض الناس من أجل تجريح شخصيتهم أو تشويه صورتهم حتي يظل هؤلاء الظالمون علي قمة المؤسسة، انهم يبتغون اقصاء البدائل من أهل الجدارة والاستحقاق ليظل هذا المسئول او ذاك كما يزعم باقياً علي رأس العمل فلا يزاحمه أحد. وقد بلغ العناد ببعضهم الي درجة ان يلصقوا تهماً ببعضهم لو صدقت لأوردتهم موارد الهلاك، فنري البعض يفتري الكذب والبهتان، ويستثمر موقعه ليزج بأخيه في ساحات القضاء وفي مواقع بعض الأجهزة، ليصب جام غضبه وليرسل بتقارير ظالمة وشكاوي كيدية دافعها الحقد والعناد والحرص علي ان يظل المشكو فيه في مكانه فلا يرقي ولا يأخذ حقه، لأن الآخر قائم علي تشويه صورته بالظلم والعدوان والبغي والبهتان!!. والعجيب أن أهل الظلم والبهتان يُسوّل لهم شيطانهم وأنفسهم الامارة بالسوء أنهم علي حق وان غيرهم علي الباطل، وأنهم بهذا ينتصرون، ويمكن لهم فيرتعون في بهتانهم، ويظلون في عدوانهم سادرين. وحفاظاً علي صلاح المجتمع أمر القرآن الكريم بالتثبت والتبين، اذا حمل فاسق نبأ فيه كذب يفتريه علي الناس فقال الله سبحانه: »يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَي مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ« سورة الحجرات آية (6). وحذر الرسول صلي الله عليه وسلم من أن يكون الرجل المسئول أُذُنًا يسمع كلّ ما يقال، ويصدق كل ما يسمع فقال: »كفي بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما يسمع« رواه مسلم. ووضح لأمته ان الله تعالي يكره قيل وقال، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: »إن الله يرضي لكم ثلاثاً ويكره لكم ثلاثاً: فيرضي لكم ان تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وان تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا وان تناصحوا من ولاّه الله أمركم ويكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال« رواه مسلم. وان واجب كبار المسئولين ان يصونوا سمعهم عن أصحاب قالة السوء الذين يبغون الافساد بين الناس وهدم بعض الشخصيات ليرتفعوا علي انقاضهم. ولطالما اغلق الرسول صلي الله عليه وسلم الباب في وجوه الذين ينقلون البهتان علي غيرهم فقال عليه الصلاة والسلام: »لا يبلغني احد من اصحابي عن احد شيئاً فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر« رواه أبو داود. وأكد الاسلام تحريم الغيبة والبهتان حين يغتاب أحدهم الناس أو يبهت أحدهم الآخر، قال عليه الصلاة والسلام: »اتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك اخاك بما يكره، قيل: افرأيت ان كان في أخي ما اقول؟ قال: ان كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وان لم يكن فيه ما تقول فقد بهته« رواه مسلم وأبو داود. وبعض الذين امتحنهم الله بالمسئولية يتخذون البهتان سبيلاً لضرب الآخرين والافتراء عليهم وتلفيق التهم الظالمة حتي ينتقموا منهم، ويبرر شيطانهم لهم، وتبرر انفسهم الامارة بالسوء الافتراء والكذب علي الناس ولو علموا عقوبتهم التي قررها الاسلام لأمثالهم لكفوا عن بهتانهم. لقد طمأن الله المظلومين الذي أسيء اليهم بأن ما حدث ليس شراً لهم بل هو خير لهم، وأما الذين اساءوا وافتروا فلهم عذاب عظيم قال الله تعالي: »إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ شَراً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّي كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ« النور آية(11). الشكاوي الكيدية ومن أخطر ما يهز استقرار المجتمع ان ترفع شكاوي كيدية لكبار المسئولين فتقع عقوبة بناء عليها ظلماً علي انسان او يمنع من حق كان له، فيصبح هذا المظلوم كارهاً ساخطاً وغاضباً فاقداً لولائه وانتمائه بسبب الظلم الذي وقع عليه، ومن أجل ذلك امر القرآن الكريم بالتبين والتثبت كما في الآية السابقة: ».... إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَي مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ«، ان هناك طبائع لبعض البشر الذين لا يرُجي منهم خير ولا يؤمن منهم شر، ولا هم لهم الا النيل من الناس وتجريحهم قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: »ألا أنبئكم بشراركم؟ فقالوا: بلي ان شئت يا رسول الله، فقال: شراركم الذي ينزل وحده ويجلد عبده ويمنع رفده، ثم قال: أفلا أنبئكم بشرّ من ذلك؟ فقالوا: بلي ان شئت يا رسول الله فقال: من يبغض الناس ويبغضونه، ثم قال أفلا أنبئكم بشر من ذلك؟ قالوا: بلي ان شئت يا رسول الله قال: الذي لا يُقيل عثرة ولا يقبل معذرة، ولا يغفر ذنباً ثم قال: أفلا أنبئكم بشر من ذلك؟ قالوا: بلي يا رسول الله، قال: من لا يرجي خيره ولا يؤمن شره.. وقال صلي الله عليه وسلم: من تنصل إليه فلم يقبل لم يرد عليّ الحوض.. رواه الطبراني. التقارير الظالمة وكما يقع بعض العاملين في شكاوي كيدية فإن بعض المسئولين الذين ولاهم الله أمر مسئولية ما عندما يحملون علي بعض من ولاهم الله امرهم، قد يشقون عليهم، وقد يقدمون تقارير ظالمة في حقهم من شأنها الاساءة اليهم وايقاع الثقة بهم، عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: »اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من امر امتي شيئاً فرفق بهم فارفق به« رواه مسلم. وحتي لا يتعرض الناس الي قسوة من بعض المسئولين أفسح الاسلام الطريق للمعارضة وابداء الرأي، وقدم الرسول صلي الله عليه وسلم من نفسه النموذج الامثل لحرية الكلمة فعندما جاء أعرابي من اهل البادية قائلاً في جرأة: »أعطني، فليس المال مالك ولا مال ابيك« فيبتسم الرسول صلي الله عليه وسلم ويقول: »صدقت انه مال الله« فيستفز الموقف عمر رضي الله عنه فيهم ليبطش بالأعرابي، فيرده الرسول صلي الله عليه وسلم في رفق وهو مبتسم قائلاً: »دعه يا عمر ان لصاحب الحق مقالا«. أخذ عمر رضي الله عنه، عن رسول الله صلي الله عليه وسلم الاهتمام البالغ والاكيد بالمسئولية تجاه الامة فلم يكن يكتفي بولاية من يراه صالحاً حتي يتابع عمله، ويري هل نفذ العدل بين الناس ام لا قال لأصحابه: ارأيتم اذا استعملت عليكم خير من أعلم ثم أمرته بالعدل أيبريء ذلك ذمتي؟ قال اصحابه: نعم، قال: كلا حتي أنظر في عمله أعمل بما أمرته أم لا، ويقول: أيما عامل لي ظلم أحداً وبلغني مظلمته فلم أغيرها فأنا ظلمته.