تنادي العالم إلي حقوق الإنسان، وإلي لغة الحوار، وإلي تحرك الضمير العالمي، في مواجهة العدوان الوحشي، علي أسطول الحرية، في المياه الدولية، هذا العدوان الاثيم الذي كان خرقا للمواثيق الدولية، وجريمة غاشمة وقرصنة آثمة، ومجزرة بشعة، وارهابا همجيا ودوليا يشكل جريمة من جرائم الحرب، تستوجب علي العالم بأسره، عربا ومسلمين، ومجتمعا دوليا، ونظاما عالميا ان تكون هناك وقفة جادة، لردع المعتدين، ومعاقبة الظالمين، وفك الحصار الظالم علي أرض القدس الشريف أولي القبلتين وثالث الحرمين ومسري رسول الله »صلي الله عليه وسلم«. ان اسطول الحرية، في المياه الدولية، لا يحمل سلاحا بل يحمل الغذاء والدواء، وتلك مهمة انسانية لا يصح ان تواجه بهذا العدوان الهمجي الظالم. أين الضمير العالمي؟! أين النظام العالمي؟! وأين منظمات حقوق الإنسان؟! أين المنظمات العالمية التي تنادت بالديمقراطية والعدل؟. ان هذا العدوان الإسرائيلي الغاشم ما كان ليحدث لولا ان وراءه قوة الدول العظمي التي تحميه وتدلله وتسنده وتري الظلم والعدوان امامها وفي وضح النهار ولم تتحرك ولم توقف الظالمين، ولم تحاسب المعتدين. ان ترك أهل العدوان يعيثون في الأرض فسادا لا يعود الا بانتشار الدمار والحروب في بقاع العالم الأخري فإن قتل نفس واحدة ظلما وعدوانا يعتبره الإسلام قتلا للناس جميعا، لانه يغري بتعدد اشكال الظلم والعدوان. كما قال رب العزة سبحانه وتعالي: »من أجل ذلك كتبنا علي بني إسرائيل انه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا«. فالذي كنا ننتظره من الدول العظمي ومن النظام العالمي ألا يسكت علي عدوان المعتدين، بل كان عليه ان يتصدي لمحاسبتهم وعقوبتهم حتي لا يتكرر العدوان في غير ذلك من الدول والأوطان. وإذا كان من أهم أسباب العربدة الإسرائيلية هو تدليل النظام العالمي وعدم التصدي بحسم لهذه الانتهاكات فان هناك سببا اخر، وهو: تشرذم الدول العربية والإسلامية، وعدم وحدة صفها وجمع كلمتها، فالذين لا يقفون مع المظلوم ولا يدافعون عنه تنزل عليهم عقوبة السماء، فقد قال رسول الله »صلي الله عليه وسلم«: »لا يقفن أحدكم موقفا يضرب فيه رجل ظلما فإن اللعنة تنزل علي من حضره حين لم يدفعوا عنه« رواه الطبراني. فواجب العالم العربي والاسلامي ان يقف مع المظلومين وان يدفع عنهم بغي الباغين، وليعلم الجميع ان الله سبحانه وتعالي يجزي من يقف مع المظلومين ليثبت لهم حقهم ويدفع عنهم الظلم بأن يثبت الله قدميه علي الصراط، قال رسول الله »صلي الله عليه وسلم«: »من مشي مع مظلوم حتي يثبت له حقه ثبت الله قدميه علي الصراط يوم تزل الأقدام« رواه الاصبهاني. وإذا كنا نري ان من الأسباب التي أتاحت لأسلوب القرصنة والعربدة ان يظهر وان يتبجح: - مساندة النظام العالمي وتدليله - والتشردم العربي وتفرق عالمنا الاسلامي والعربي- فان هناك سببا قويا لذلك أيضا: ألا وهو التفكك الفلسطيني والتنازع بين الفصائل، ان عليهم ان يوحدوا كلمتهم وألا يتنازعوا فيما بينهم وان يستمعوا قول الله سبحانه وتعالي وهو يحذر من ذلك في القرآن الكريم: »ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا ان الله مع الصابرين« فنهاية التنازع الفشل وفتح الباب لاطماع الغاصبين، وعليهم ان يدافعوا عن أنفسهم وعن أهليهم وعشيرتهم. قال رسول الله »صلي الله عليه وسلم«: »خيركم المدافع عن عشيرته ما لم يأثم« رواه أبوداود. وسئل رسول الله »صلي الله عليه وسلم«: ما العصبية؟ قال: »أن تعين أخاك علي الظلم« رواه أبوداود. ومن هنا فإن واجب العالم بأسره بكل دوله ونظمه وحكامه وشعوبه ان تكون لهم وقفة جادة ،وقفة عملية، ليس بالاقوال فحسب بل بالأفعال وبتنفيذ المواثيق والقوانين الدولية التي تعاقب كل ظالم وتردع كل باغ. ألم تكن هذه الجرائم انتهاكا صارخا لكل حقوق الانسان المظلوم المحاصر؟! وهل يتصور إنسان ومعه عقله ان جماعة تقوم بالاغاثة الإنسانية، يكون جزاؤهم ان يحاصروا ويقاتلوا في أي نظام هذا في أي قانون هذا إلا في قانون الغاب؟! وإذا كان واجب العالم ومنظماته العالمية ان تتصدي بحسم لمثل هذه العربدة الباطشة ظلما وعدوانا، فان هناك واجبا علي امتنا الاسلامية والعربية ان توحد صفها وان تجمع قوتها وان تكون علي قلب رجل واحد وان تجند القوة التي أمر الله تعالي بإعدادها لردع الظالمين ورد المعتدين كما قال رب العالمين: »وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم«. وان واجب ابناء غزة وفلسطين والقدس الشريف ان يعتصموا بحبل الله جميعا، وان توحد الفصائل الفلسطينية قواها وألا تكون فصيلة وأخري أو فرقة وأخري بل نريد أبناء الفصائل ان يكونوا فصيلة واحدة وأمة واحدة حتي يكونوا أقوياء وحتي لا يستهين بهم الأعداء. ان الاعرابي الحكيم عندما دنا أجله جمع ابناءه وجمع حزمة من العصي وربطها وطلب منهم ان يكسروها فعجزوا فلما فك رباطها وفرقها استطاعوا كسرها عودا بعد عودة فنصح أبناءه قائلا لهم: كونوا جميعا يا بني إذا اعتري كرب ولا تتفرقوا احادا تأبي الرماح إذا اجتمعن تكشرا وإذا افترقن تكسرت أفرادا لا تنتظروا ان شرقا أو غربا أو ان قوة عظمي لها ضمير عالمي يتدخل ليدافع عنكم أو ليرد الظلم عن المظلومين فلم يعد في العالم ضمير عالمي، وانما يحترم العالم الاقوي، ويستهين بالضعفاء والمتفرقين والمتنازعين »ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا ان الله مع الصابرين« ووحدوا صفوفكم »واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا«.