انتشرت في السنوات الاخيرة ظاهرة »صكوك الاضحية« بديلا عن قيام الناس بشراء خروف وذبحه وسلخه وتقطيعه وتوزيعه علي من يراهم فقراء ومحتاجين من القريبين منه. اراحت هذه الظاهرة كثيرا من الناس - وانا منهم بالطبع - الذين لا يجيدون شراء الخراف.. ويتعرضون أحيانا كثيرة لعمليات نصب من التجار الذين يستغلون هذا الموسم أفضل استغلال.. أو بالاصح أسوأ استغلال.. الناس الذين لا يملكون مكانا لاستضافة الخروف العزيز الغالي يوما او يومين علي الأقل وتحمل مسئولية أكله وشربه وهموم تنظيف فضلاته وبقاياه.. الناس الذين يجوبون الشوارع بحثا عن جزار او ما يشبه الجزار لينفذ أمر الله في المأسوف علي شبابه خروف العيد.. الناس الذين قد لا يكون بالقرب منهم من ينتظر هذا اليوم ليذوق طعم اللحم.. فيضطرون إلي توزيعه عشوائيا ليخلي كل واحد منهم ضميره ويستريح ويقول: أنا ضحيت. رأيت ان »صك الاضحية« يقوم بكل هذا نيابة عنك.. وضميرك مستريح أيضا.. وانقذت نفسك ومالك وبيتك.. ووصلت اللحمة إلي من يستحقها بطريقة آمنة وسليمة وليس كما تدعي حكومتنا بأنها توصل الدعم إلي مستحقيه.. لكن صكوك الاضحية ارتبطت هذا العام بصكوك الانتخابات.. وهي تضحية من نوع مختلف.. واضاحي من نوع مختلف أيضا.. وقد جاء هذا الارتباط عندي عندما جاءني صديق شاكيا باكيا لأن الحزب الوطني قد استبعده من الترشح لانتخابات مجلس الشعب.. وسألته لماذا أصلا تقدمت للانتخابات من خلال الحزب.. قال لي فيما قاله -وبعض ما قاله لا استطيع كتابته - بأن غطاء الحزب الحاكم يضمن له علي الأقل نصف الطريق إلي الحصانة.. ان لم يكن كل الطريق. قلت له اذن فأنت الذي ضحيت بنفسك لا الحزب. انت الذي اشتريت صك الاضحية وتركت لغيرك كل المهمة.. ولا يحق لك ان تحزن وتندب.. والحقيقة انه قد يتبادر إلي الذهن من الوهلة الأولي ان الحزب الوطني هو الذي ضحي بهؤلاء.. وقد يكون هذا التصور صحيحا بعض الشيء.. لكن هذا الحل كان هو اذكي الحلول وافضلها لتوحيد كلمة الحزب وشعاره ومجهوده خلال العملية الانتخابية. تصور ان اربعة او خمسة اعضاء في الحزب ترشحوا في دائرة واحدة.. وحدث هذا في كل الدوائر.. فكيف تعمل آلة الدعاية في الحزب.. وتخيل نجاح احدهم مستقلا ثم ينضم للحزب مرة أخري بعد ذلك.. فهذا يفقد مصداقية المرشح والحزب معا في الدائرة.. وانا كنت اتمني ان ينفذ الحزب هذا المبدأ في كل الدوائر ولا يترك بعضها مسرحا لصراع بين اربعة أو خمسة من اعضائه لان المبدأ يجب ان يكون علي الجميع.. وقواعد اللعبة يجب ان تنفذ علي الكل حتي لا يقول الناس ان هناك »شمام وكانتالوب«. الاضحية.. أقصد المرشحون الآن في يد الناخبين.. وعليهم أن يثبتوا ذاتهم.. هناك 1815 مرشحا منهم 1084 علي 444 مقعدا و083 سيدة علي 46 مقعدا مخصصا للمرأة. ضمن رجلان وامرأتان مقاعدهم بالتزكية وبقي الصراع ساخنا علي المقاعد الأخري.. وعلي كل المرشحين ألا يضحوا بمبادئهم من أجل الفوز بالمقعد.. لان المرشح الذي سيضحي بمبادئه سيضحي به الناخبون في أقرب عيد.. وعلي الذين اشتروا صك الانتخابات ان يدركوا بأن المقعد سيذهب إلي من يستحقه.. فطالما انني ارتضيت بهذه اللعبة وقواعدها.. لا يصح ان »أحمرق« أو اعترض مهما كان السبب. صك الاضحية وفر علينا أشياء كثيرة كنا نعاني منها.. وصك الانتخابات وفر علينا متاعب كثيرة كنا سنعاني منها. أما أنا وانت وكل الناس.. الذين ضحوا بأنفسهم.. أو اشتروا صك الاضحية.. فعلينا ان نختار جيدا.. والا يكون هناك مجال في المجلس القادم لمن زور وشتهور.. وتاجر وشاجر.. أو نام وصمت.. أو اكتفي بقزقزة اللب والسوداني أثناء الجلسات. إما أن نضحي بهؤلاء.. أو نضحي بأنفسنا!