الشاعر العربي الكبير ادونيس له رؤية خاصة لما يجري في العالم العربي من أحداث، خاصة ما اصطلح علي وصفه بالربيع العربي، ادونيس مفكر كبير، وأحيانا ما يكون الشاعر والمفكر مثل زرقاء اليمامة يري ما لا يراه قومه، وتمر الأيام ويصدق ما يقول. عن جريدة »الحياة« انقل مقتطفات مما كتبه، اما مناقشته أو التعليق عليه فمتروكة للقراء، العنوان الذي اختاره لرؤيته »لا تنم أيها الأمل..« ثم كرر »لا تنم، يقول ادونيس: إذا كان الحراك العربي الحالي قد انطلق طلبا للحرية ورفضا للاستبداد، فإنه الآن في طريقه إلي توسيع هذه القضايا لتمس هويات هذه البلدان ومعناها. ولم تعد المسألة في البلدان العربية، كما تؤكد الممارسات في هذا الحراك، مجرد مسألة أنظمة ومعارضات، حرية أو استبداد.. صارت المسألة أوسع وأعمق: هويات هذه البلدان، جماعات وأفرادا، تضطرب، تتغير، تغامر في فقدان معناها الأصلي. كأن هناك في وعي فئات كثيرة من المسلمين، نوعا من العودة إلي بداية الفتوحات الإسلامية. كأن قادة هذه الفئات لا يعرفون الأرض ولا البشر. كأنهم يهبطون من فضاء فوقي. عادة، يعمل الثوار علي استئصال الظلام والظلم، ويفتحون دروب الحرية والعدالة، فما بال الذين يزعمون انهم محررون في البلدان العربية، يلتقون مع الحكام في جوقة العنف، ويحولون الصلاة إلي سيف، والفضاء إلي ممالك وخزائن؟ ما بال هؤلاء جميعا يحصدون البشر كأنهم يحصدون قشا؟ بدأ ميشال فوكو، في السنتين الأخيرتين من حياته، يلقي محاضراته تحت عنوان »شجاعة الحقيقة«. مستندا إلي مفهومها الأصلي اليوناني Parresia يعني هذا المفهوم قول ما هو حق وصدق في كل شيء. لكن أين العالم اليوم، من هذه الشجاعة؟ علي العكس، يزور الواقع نفسه، ويتفنن الافتراء في اختراع الوقائع، وتبني الحقيقة علي هذا الافتراء. السيادة اليوم، أيها المفكر الكبير، هي لشجاعة الكذب والافتراء! ثلاث ظواهر في »الربيع العربي« للدراسة، ثقافيا وانتروبولوجيا: 1- انفجار »المكبوت« العربي الإسلامي، علي الصعيد الثقافي. 2- تهديم العمران، علي الصعيد المدني. 3- تفتيت المجتمعات، دينيا ومذهبيا وعرقيا، وهذا ما أدي إلي انشطار المعايير، وانعدام النظرة الموضوعية، وغياب الأخلاق والقيم. ويبدو، في هذا كله، ان مفهوم »الأمة« بات مجرد استيهام ديني، وأن مفهوم »العروبة« كان، استنادا إلي التجربة، مجرد استيهام سياسي ديني. وإلي غد.