الحناجر الملتهبة، والوجوه الكاذبة الملونة، الخاضعة لألوان الطلاء الخادعة، والدموع المصطنعة، والولولات المفزعة من أبواق تزلزل أجواءنا الوادعة، وتقلب حياتنا المتأرجحة بين رجاء الآتي، ووعود الغد المؤكدة إذا ما هدأنا زمناً طيبا ليس دهوراً ولا أحقاباً، بل سنوات كادحة مغموسة في عرق العمل المخلص، والجباه المنحنية خشوعاً لله، والأيدي الممتدة تمسح عن عيون الأوطان عبرات اليأس القاتل، ودموع الحسرة المتساقطة اثر مشاهد الضياع التي تتوالي علي »شاشات« حياتنا المثقلة بالأحزان، وتسترسل كقطرات الدم الفاجع علي أديم الساحات الطاهرات، جل الأبواق المغرضة تحيل أعمارنا إلي مآس، وفواجع، وتستلب من شتي الصدور المسرات القليلة، والنسمات المنعشة، لتسكن مكانها الفزع والرعب ويقين الضياع»!«. ما هذا يا سادة يا أيها السادة المغرضون ويا أيتها الأقلام إياها ويا حناجر تدق طبول الفناء، لحظات من الهدوء، دعوا رأس الوطن يهدأ قليلا، دعوا صدره يتنفس بعيداً عن دخان الحرائق، وغبار الخيانات وغازات الرشاوي السامة، ويا كتاب نخبة حائط المبكي اخجلوا، ولو لايام معدودات، وكفوا عن النحيب، وصب الزيت علي النيران، فهذه البلاد الطيبة، عانت طويلاً، وتكبدت الكثير، وتجرعت سنيها العجاف أضعافاً مضاعفة وعقوداً عديدة تراكمت عليها تأكل اخضرها ويابسها، ومن حقها الآن ان تعانق سني رغدها الخضر، فاتركوها في دفء بارئها، تنعم بأمن وتطعم من جوع.