نعم الباز بقلم : نعم الباز [email protected] بدأت علاقتي بالكاتدرائية المصرية منذ عشرين عاما، أما علاقتي بقبط مصر العظام فهي منذ الطفولة المبكرة في بلدتي ميت رومي مركز دكرنس دقهلية حيث كنا نمر في طريقنا للمدرسة الابتدائية بشجرة مريم التي يعلق فيها الناس مسلمين ومسيحيين قطعا من ملابس المريض حينما يطيرها الهواء إيمانا بأن المريض قد شفي، أما الكنيسة فكنا نمر أمامها ونحييها بانحناءة وتحية بيدينا علي الصدر وكان كاهن الكنيسة صديقا لأبي رحمة الله علي الجميع لأنه من (شلة) (الشكحة) أي البلكونة أو الفراندة وكنا نناديه بابا القسيس كما ننادي بابا المأمور وبابا ناظر المدرسة وبابا العمدة وحينما جئنا إلي القاهرة في أوائل الأربعينيات أخذنا أبي لزيارة معالم القاهرة فكان منها الكنيسة المعلقة وجامع عمرو بن العاص ومسجد الإمام الشافعي ومسجد السيدة زينب والسيدة نفيسة والحسين أطلت عليكم قرائي الأحباء ولكن لأصل لما أريد قوله لكم كان لابد من هذه المقدمة وكنا كلما ذهبنا إلي مسجد عمرو بن العاص نذهب إلي مجمع الكنائس ونوقد شمعة في كنيسة ماري جرجس أصبحت لدينا علاقة وجدانية ودينية تمس العقل والقلب بالمساجد والكنائس ولا أنسي في عصر الزعيم الجميل جمال عبدالناصر وضع حجر أساس الكاتدرائية ثم تم البناء في عصر الأنبا يوساب التاسع وعند افتتاح الكاتدرائية قرأنا عنها وعلمنا أنها أكبر كنيسة في أفريقيا وجاء هيلاسلاسي رئيس أثيوبيا ليزور الكاتدرائية التي يتبعها دينيا والكاتدرائية هي أكبر كنائس أفريقيا وبالتالي كانت من وسائل رفع رأس مصر بين الدول سواء الإسلامية أو المسيحية، كما ترتفع هامة المصريين بوجود آل البيت فكانت مصر تسعد في قلبها بالكاتدرائية المرقسية ومساجد آل البيت أي أنها احتوت في قلبها أهم معالم المسيحية وأهم معالم الإسلام، وحينما رأس الكنيسة البابا شنودة الثالث كان مثال المصري الشديد الورع الشديد الذكاء والمتعلق قلبه وعقله بمصر وذهبت لرؤيته وأحسست أن مصر بخير طالما بها هذا النمط العظيم من الباباوات الذين حرصوا علي الدور السياسي للكنيسة وأعلن أن قبط مصر لن يذهبوا إلي القدس إلا مع العرب فارتفعت به هامة مصر ثم حرصت علي المشاركة في إفطار العائلة الرمضاني والذي أصبح من طقوس المسلمين والمسيحيين في رمضان وحرصت علي حواري للبابا شنودة في التليفزيون لأوصل لأكبر عدد من البشر تلك الشخصية الفذة ثم حاورته مرة أخري في رمضان وهو علي علم غزير بالأديان وخصوصا الإسلام ورفع الرجل رأس مصر في المحافل العربية والدولية بما له من روحانية عظيمة ودراية بالمنعطفات السياسية، وحينما جاء البابا تواضروس الثاني بعد البابا شنودة الثالث وجدناه نفس النمط من رجال الدين المسيحي الذي يعلم جيدا مسئوليته عن كل ما يحدث في مصر ليست المسئولية الدينية ولكن المسئولية السياسية وفوجئنا مسلمين ومسيحيين بالحدث الشديد السفالة والخروج عن وحدة الأمة بالعدوان علي الكاتدرائية وأتعجب لهؤلاء (السفلة) الذين لا يعرفون قدر الكاتدرائية سواء دينيا أو سياسيا وأنها ما يرفع هامة مصر دينيا وسياسيا وهي تمثل تماما الوحدة الوطنية وقد حرصت علي حضور قداس العيد بل كل الأعياد، وكنت أحس وأنا في الكاتدرائية انني قد اكتملت مصريتي بزيارة الكاتدرائية العظيمة وكنت أحضر موعظة الأربعاء للبابا شنودة تلك الموعظة التي كان يحرص عليها المصريون مسلمين ومسيحيين وكانت جنازة البابا شنودة أكبر مثل علي وحدة الأمة. ولكن للأسف الشديد العدوان علي الكاتدرائية فتت الأمة وقد تبارت وسائل الإعلام العالمية في الكتابة وإعلان ما حدث في التليفزيون تلك الهبة العالمية بأحداث الكنيسة العظيمة بما يحتوي علي شماتة في الجرح العميق الذي آلم المصريين جميعا لابد ألا يمر هذا الحادث الجليل ببساطة ولابد أن يتم التحقيق وأن يشتد عقاب المجرمين الذين استطاعوا أن يضربوا مسلميها ومسيحييها في مقتل وبتعمد لتفتيت الأمة.. ولابد أن يرتفع وعي المصريين لهذا الحدث ولننادي كلنا بالتحقيق لنصل إلي الفاعل لهذا المخطط الذي ضرب مصر في مقتل