عبدالله بن حمد العذبة يبدو أن الاستثمارات القطرية تثير غضب "البعض" ويزعمون أن قطر ستحتل مصر؛ لأسباب لا تخفي علي متابعي السياسة في الساحة المصرية، وفي الوقت ذاته لا تثير استثمارات بعض الدول "الشقيقة" التي تدعم الفلول استياء نفس الجهات والأفراد. بيّن وزير الإعلام المصري أن حجم ما يتم صرفه علي الإعلام من أموال في مصر يصل إلي ثلاثة أضعاف ما يتم جنيه من أموال الدعاية والإعلان، وكما تعلمون.. لا توجد جمعية خيرية تقوم بتمويل آلة تعمل علي طرد المستثمرين العرب لإسقاط رئيس مصر المنتخب! وما أفهمه أنهم يخافون من تصدير الثورة، علي الرغم من أن د. محمد مرسي أكد عدة مرات علي أن مصر لن تفعل ذلك، ولكنهم لا يعون؛ مما اضطر الرئيس مرسي للتأكيد -في القمة العربية بالدوحة- علي أن مصر لا تتدخل في شأن أحد، ولن تسمح لأحد بالتدخل في شأنها، وحسناً فعل... فللصبر حدود.. وصلت إلي القاهرة جواً في أوائل الشهر الماضي، ولكن الزيارة لم تكن الأولي لمصر بعد ثورة 25 يناير المجيدة، فقد قضيت العطلة الصيفية في أغسطس من العام الماضي مع أسرتي بين المعمورة بالإسكندرية والساحل الشمالي، وشهدت انقطاع التيار الكهربائي بسبب تراكم مشاكل الطاقة التي خلفها النظام السابق، وتابعت ما يشكو منه المصريون من شح الاستثمارات.. نعود لمطار القاهرة الدولي.. كنت أنتظر حقيبتي، فسألني رجل في العقد السادس من العمر عندما رآني أرتدي الزي القطري، بعد أن بادرته بالسلام، عن سبب زيارتي لمصر، هل هي لأعمال تجارية أم سياحة..؟ فقلت له: "لا يا حج.. جاي آخد الأهرامات بعد أن استأجرتها قطر"، فضحك وقال يبدو أن إعلامنا يريد تدمير البلد.. مصر ليست لحزب الحرية والعدالة وليست لمعارضيهم، بل لكل المصريين، ونرحب بكم في بلدكم.. فسألني آخر يسمعنا: "انتوا القطريين استأجرتوها بكام"؟ فقلت له: "200 مليار دولار لمدة خمس سنين!"، فرد ضاحكاً: "لا كده كويس.. احنا غالبينكو بالسعر أهوه". تابعت برنامج الزميل باسم يوسف علي CBC ورأيته يتحدث عن "بعبع" قطر التي ستشتري قناة السويس، بحسب ادعاءات صاحب أطول عُمرة في التاريخ، بعد أن رفض الشعب انتخابه، ولم يزعجني طرح باسم عن قطر بقدر انزعاجي من تقزيم شقيقتنا العربية الكبري عربياً.. مصر العظيمة، وإظهارها بمظهر الكهل الضعيف، وهذا ما لا نقبله، تماماً كما لا نقبل مزاعمه التي أوردها في مقاله الشهر الماضي بأن السعودية -شقيقتنا الخليجية الكبري- كانت تزود طيران العدو الصهيوني بالوقود لقتل أهلنا في فلسطين، كما نرفض الاستهزاء بالسلفية الذي أورده في المقال نفسه.. والغريب أن باسم يوسف وغيره من مروجي "بعبع" قطر لم يبدوا أية مخاوف من أن فرنسا هي ثالث أكبر مستثمر أوروبي في مصر.. فهل يعلمون كم يبلغ حجم الاستثمارات الفرنسية في مصر؟ أو من هي الدولة الأوروبية الأولي والثانية وكم حجم استثماراتهما في مصر؟ وهل يعلمون أن فرنسا ستقوم بتمويل الشق الأجنبي من المرحلة الثالثة للخط الثالث لمترو الأنفاق بإجمالي 940 مليون يورو؟ وهل يعلم القارئ الكريم أن استحواذ بنك قطر الوطني علي أسهم جنرال سوستيه مصر أثار غضب بعض الجهات في مصر، ودفع البعض للتظاهر ضده، علي الرغم من أن الأسهم التي تم الاستحواذ عليها مملوكة بنسبة 75٪ لفرنسيين؟ فهل من المعقول أن الأجانب صاروا أحب إليهم من أشقائهم العرب؟.. استثمارات قطر موجودة في كل دول العالم ضمن استراتيجيتها لتنويع الاستثمارات للوصول إلي أن تكون الموازنة العامة القطرية غير معتمدة علي عائدات النفط والغاز خلال عدة سنوات، كما أنها استثمارات تحظي بترحيب كبير، ومصر تحتاج إلي وقوف أشقائها اقتصادياً معها لخلق وظائف وتوفير حياة كريمة للمواطن المصري، بعد أن وقفت معهم مصر في السابق، وهذا ما أكد عليه الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير قطر في القمة العربية بالدوحة. أما ما تردده »بعض« وسائل الإعلام المصرية و الخليجية داخل دولها، أو في المهجر اللندني وغيره، بأن دولة قطر تدعم الإخوان في مصر ب (5) مليارات دولار، وأن هذا ليس دعماً لمصر الدولة.. فهو أمر مثير للضحك؛ لأن وزير خارجية مصر أعلن عن استثمارات سعودية تبلغ 4 مليارات دولار، فهل يستطيعون زعم أنها للإخوان وليست لمصر؟! ومن كان يري أن الدعم القطري للاقتصاد المصري هو دعم نفعي أو لفصيل معين فليتفضل مشكوراً وليقدم دعماً أكبر لمصر، فمصر تستحق، ولكن هل سيرسل هذا الدعم لفصيل معين بطريقة غير قانونية أم للنظام الشرعي القائم كما فعلت الدوحة؟ أخيراً وليس آخراً، ستعود مصر قوية.. وستشرق شمس العروبة مرة أخري بفضل الله، ثم بفضل وعي المواطن المصري الذكي، ثم بدعم أشقائها العرب وعلي رأسهم قطر في الخليج العربي، وليبيا وآخرين.