جميلآ أن نختار يوم الجمعة الأولي من شهر أبريل كل عام ليكون يوما لتذكر هذه الفئة من أطفالنا وشبابنا الذين شاءت أقدارهم أن يحمل كل منهم صفة اليتيم والمرتبطة بفقده الأب أو الأم ليواجه حياته بلا سند حقيقي وبلا حماية ورعاية وحب يستطيع من تحت مظلتهم أن يشب إنسانا قادرا علي مواجهة تلاعب الحياة به . وما أكثر قسوتها عندما تجد الإنسان حزينا معدوما فقيرا بلا بيت يحتويه وبلا أسرة تحتضنه و لا أحد يفكر فيه ولا يد تمتد لمساعدته إذا تعثر في خطواته أو احتاج أي شيء من مطالب مسيرته اليومية فيعيش يومه بلا أمل في غد مشرق خاصة أن حياته لم تعد تهم أحدا بعد موت أبويه ويكون اليتيم أكثر تعاسة إذا كان هدم كيان أسرته نتج عن طلاق الأم وزواج الأب من غيرها وبالتالي يدفع اليتيم فاتورة هذا السقوط الأسري ليجد نفسه متشردا وضائعا بين بيوت أقاربه أو الجيران الذين أبدوا حزنهم عليه وتمسكوا به بعد أن أصبح بلا عائل وبالطبع يكون اليتيم في حالة يرثي لها خاصة عندما ينتهي به الأمر الي أن يصبح نزيلا بدار لرعاية الأيتام أو الأحداث وهنا تتغير نظرته الوردية الي الحياة تماما ويعرف أن مصيره أن يكون الانخراط في طريق ينتهي به للهروب الي الشارع ليلتحق بكثير من عصابات أطفال الشوارع الذين يقعون فرائس سهلة للمجرمين الكبار ولعل هذا النموذج الأخير من الأيتام رأينا منهم الكثير أثناء فوضي المظاهرات المضادة والذين كانوا يتلقون النقود من سماسرة الفلول مقابل إلقاء الحجارة علي المنشآت الحيوية وقوات الأمن.. كما أن هناك نوعا آخر من الأيتام أفرزتهم عشش العشوائيات وكانوا نواة لكثير من الأعمال الخطرة والتي تنتهي بهم الي الحبس أو التشرد والنوم علي الأرصفة وتحت الكباري في أسوأ مناخ صحي.. نعم هذا الجانب السييء جدا من الحياة غير الكريمة الذي يتعرض لها معظم الأيتام لأننا لا نعرف عنهم شيئا أو نحاول الاقتراب من مشاكلهم أو حلها بل نكتفي بأن ننظر لهم نظرات غاضبة حينا وحزينة أحيانا وكأننا نحملهم غدرالقدر والأيام.. وإذا كان الاحتفال غدا بيوم اليتيم فرصة ذهبية لكي نتذكر هؤلاء الصبية والفتيات فأننا يجب أن نحاول أن نبذل كل ما يمكن لإدخال الفرحة في حياتهم المفتقدة تماما للحنان والعطف الأبوي ولا نكتفي بمنحهم بعض الهدايا بل علينا أن نجلس معهم ساعات طويلة نستمع لهم ونحاول حل مشاكلهم ونهديهم الي الطريق المستقيم نعم علينا أن نذهب الي دار الأيتام ونقدم لهم ما نستطيع ونكفل لهم ومنهم القادرين علي الدراسة ونحثهم لأن يكونوا مواطنين صالحين نفتخر بهم وقد يكون من الأفضل أن نكفل الأيتام في الأسر المحتاجة من أقرابنا أو جيراننا بأن نخصص لهم كفالات مالية شهرية يعيشون بها في ظروف أفضل.. وبذا نكون عملنا بوصية الرسول صلي الله عليه وسلم: "أنا وكافل اليتيم كهذين" مشيرا الي أصبعيه السبابة والوسطي. وعلي مدار عشر سنوات من احتفال مصر بيوم اليتيم سمعنا عن مشروع أكثر من رائع يتمثل في تأسيس عش الزوجية لليتيمات الشابات من أجل أن تتمتع كل منهن بحياة جديدة تكون فيها أما صالحة تستطيع أن تقدم للمجتمع أسرة سعيدة كما أن هناك كثيرا من حفلات العرس الجماعي للأيتام شارك في تنظيمها عدد كبير من منظمات وجماعات العمل المدني والخيري في مصر وهذا نهج إنساني جميل يدخل علي هؤلاء الفرحة ويزيح عنهم كابوس وأحزان ودموع رحلتهم الطويلة مع اليتم ويعيدهم مواطنين صالحين قادرين علي العطاء والحب لأنفسهم وأولادهم ولمصر.