الورقة الكبيرة.. التي حملتها مجموعة من ارباب العمائم الصغيرة.. ووقفت بها امام مديرية الأوقاف بمحافظة الغربية.. لم تكن موجهة لأي مسئول في البلد.. وانما كانت موجهة للصحف والفضائيات ووكالات الأنباء.. بهدف الاطاحة بهيبة العمامة! والصورة.. كما نشرتها الصحف في صدر صفحاتها الاولي.. جاءت لمجموعة من ارباب العمائم الصغيرة.. احتشدت في دهليز ضيق.. اشبه بعربة نقل عام اصيب بعض ركابها بالشلل الرعاش.. وبين ايديها ورقة كبيرة.. وعليها عبارة يمكن قراءتها في ضوء النهار تقول: ائمة الغربية.. يطالبون السيد الوزير باقالة وكيل الوزارة! وهكذا تخلي ائمة الغربية عن الاخلاق الدينية.. وتركوا مواقع اعمالهم وامامة الصلاة.. وتوجهوا لمديرية الأوقاف.. يطالبون الوزير باقالة وكيل الوزارة.. خلافا للقاعدة التي تقول: من يسأل الناس يحرموه.. وسائل الله لا يخيب! وبالتالي انضم ارباب العمائم الصغيرة.. لزمرة العامة الذين يحرصون علي الدنيا الفانية.. وفقدت العمامة هيبتها.. وسط العديد من الممارسات التي تتأرجح بين سلوكيات »الطابور الخامس« وخيانة الوطن.. وبين المطالب الجادة.. التي تستحق الاهتمام والاستجابة. وجاء نشر صورة ارباب العمائم الصغيرة.. مع تغطية اعلامية لمجموعة من الاحتجاجات الفئوية.. مثل تظاهر العاملين بالقطاع الهندسي بالشركة الوطنية للملاحة الجوية امام مكتب وزير الطيران.. ومواصلة عدد من العاطلين اغلاق ميناء بورتوفيق بالسويس.. وقطع سائقين طرقا رئيسية احجاجا علي نقص السولار.. وتظاهر ضباط الشرطة الملتحين امام قصر عابدين وهم يهتفون: الضابط يرجع..يا اما تولع! والمقصود هو عودة رجال الشرطة الملتحين لاعمالهم.. او احراق البلد.. أي إحراق بلدنا.. وحضارتنا ومرافقنا ومستقبل اولادنا واحفادنا»!!«.. فيما اضرب المئات من ائمة المساجد لاقالة وكيل الوزارة بالغربية بسبب تحدثه بطريقة غير لائقة عنهم.. بإحدي الفضائيات. وهكذا خرج ارباب العمائم.. عن الصورة الذهنية التي يحملها عامة الناس.. لهذه الفئة التي تدعو ربها بالغداة والعشي تريد وجهه.. وانضموا لمجموعات تثار حولها شبهات »الطابور الخامس«.. التي تسعي للتخريب والتدمير.. وقطع الطرق.. وترهيب المواطنين...الخ. جماعات الطابور الخامس.. لا تكف عن قطع خطوط السكك الحديدية.. ولا تتوقف عن نهب المتاحف.. وتهديد رموز الدولة.. تارة بالاعتداء علي مبني وزارة الداخلية وتارة أخري بتجنيد العملاء الذين يطالبون باطلاق لحاهم لتمزيق صفوف رجال الأمن.. وفتح الابواب لاندساس عناصر جماعات تعمل لحساب إحدي الدول لتنتقل الينا اعاصير القلاقل.. وموضوع اللحية التي تثير الانقسام والفرقة بيننا هذه الايام والذي يهدد اصحابها بحرق البلد.. ليس جديدا.. وقد تناوله ضابط المخابرات الاسرائيلي بنيامين بيت هلاهمي في كتابه بعنوان »تحالفات قذرة« وتناول فيه بالتفصيل العمليات القذرة التي قامت بها المخابرات الاسرائيلية.. ونكاد نري قضية لحية ضباط الشرطة التي تشغل الأمن المصري وسط الازمات الامنية العاصفة.. تتكرر في كل سطر من هذا الكتاب الذي صدر سنة 1987. قضية اللحية التي يتذرع بها المئات من امناء الشرطة والاعتصام المفتوح امام مقر وزارة الداخلية للمطالبة بعودتهم للعمل في تحد سافر للنظام العام.. قضية تحتاج لمزيد من البحث في اعماق الاعماق.. التي قد تقودنا لحل العديد من الالغاز المثيرة.. والتي تقوم بها جماعات الطابور الخامس.. وربما تعد هذه القضية في يوم من الايام.. هي قضية القرن. مفهوم طبعا ان اشتراك ارباب العمائم الصغيرة في المظاهرات والاعتصامات الفئوية.. قضية تختلف عن ممارسات انشطة الطابور الخامس التي تحركها الاصابع الخارجية.. ولكننا نسوقها في هذه السطور.. لسبب بسيط يتعلق بالمكانة الرفيعة.. والهيبة.. والتحلي بالاخلاق النبوية التي تمثلها العمامة في نفوسنا.. ولا يمكن مقارنتها بقطع خطوط السكك الحديدية.. واضراب رجال الشرطة من اجل اطلاق لحاهم.. نحن نري ان العمامة رمز رفيع يصاحب الفضيلة.. والتبصر في هدي القرآن والسنة.. واداء الشعائر.. وان صاحب العمامة مكلف بأداء عمله ولا يتقاضي عليه اجراً.. ولا يتعين عليه الحصول علي مرتب. علاوة علي ان العمامة.. هي الاشارة للانتماء للازهر الشريف وتحصيل العلم باعتباره وسيلة من وسائل الآخرة.. وطريقا لرضا الله ورسوله.. الي ان شهدنا في السنوات الاخيرة سلسلة طويلة من المواقف التي تحط من شأن هذا التاج الذي يزين رءوس الدعاة.. الذين يزيد عددهم علي 350 ألف داعية.. وبدأت بدعوة من وكيل وزارة الاوقاف سالم عبدالجليل لرجال الاعمال باخراج الزكاة للائمة والدعاة.. وقال ان الدعاة والائمة يحصلون علي متوسط دخل الف جنيه بالحوافز وهو راتب لا يكفيهم للعيش.. وهو ما يجعل الدعاة يهتمون بأمور أخري تأتي لهم بدخل يمكنهم من تدبير امورهم وشئونهم المعيشية!! واستمر التدهور في قيمة ومقام العمامة عندما رأينا نزول المئات من ارباب العمائم الصغيرة.. الي الشوارع والميادين.. يهتفون امام مشيخة الازهر.. ويطالبون بالتثبيت الفوري للعمالة المؤقتة التي يبلغ عددها 70 ألف مدرس.. ويقطعون طريق صلاح سالم.. ويعطلون مصالح الناس.. وعلي رأس كل منهم عمامة! ولا يكاد يمر شهر واحد.. دون ان نري ارباب العمائم الصغيرة.. يخرجون الي الشوارع علي النحو الذي يمارسه بعض ضباط الشرطة الذين يسعون لاطلاق اللحي.. لتمزيق الامن واهدار كرامة الأمة. اننا نمر بمرحلة اختلط فيها الحابل بالنابل.. وتعددت فيها مظاهر افاعيل الطابور الخامس.. ومن ثم وجبت الدعوة للمحافظة علي مكانة العمامة.. حتي لا يأتي اليوم الذي نري فيه ارباب العمائم.. يجلسون في عربة الترحيلات!