اختتم سلسلة المقالات الثلاثة الأخيرة عن تلك الدروس التي يمكننا ان نستلهمها ونستفيد منها من ملحمة نصر رمضان أكتوبر 37.. علي أن أعود لسجلاتها في سياقات أخري إن شاء الله واستكمالا لمناقشة مفاهيم الإدارة بالاهداف وبإدارة التنوع وكيفية اتخاذ القرارات، أركز في هذا المقال علي مفاهيم أخري في غاية الأهمية لابد أن نضعها اليوم نصب أعيننا في فكر الإدارة الحديثة التي تخلق وتحقق الدافعية وتعمق الانتهاء. فعندما صادفت بينما كنت أبحر في شبكة المعلومات قائمة الحاصلين علي وسام نجمة سيناء وكذلك الأوسمة الأخري.. دفعني فضولي للتحقق من بعض الاسماء من ابطال حرب أكتوبر وعلي ماذا حصلوا عليه.. ففوجئت بظاهرة أكثر من رائعة تدل علي الروح الجماعية وفكر التوليف الايجابي SYMERGY واعطاء كل ذي حق حقه الصغير والكبير ويتجسد هذا في تلك الاحصائية البسيطة التي أقدمها هنا بخصوص الحاصلين علي نجمة سيناء وهي ارقي وسام عسكري مصري والتي حصل عليه طبقا للقائمة التي وجدتها 14 من العسكريين الذين قدموا بطولات وتضحيات خارقة وهي كما يلي: نجمة سيناء لرتبة المشير عدد 1 لرتبة اللواء عدد 2 لرتبة العميد عدد 5 لرتبة العقيد عدد 4 لرتبة الرائد 7، لرتبة مقدم 5 رتبة النقيب عدد 6 لرتبة الملازم 3 لرتبة الرقيب 5 لرتبة العريف 1 لرتبة مساعد فني 2. والآن لنتأمل دلالة هذه الاحصائية البسيطة وهي كما يلي. 1 أن الرتب الاصغر هي التي نالها شرف التكريم الأكبر من ناحية عدد الجوائز. وفي هذا درس مهم لزرع الانتماء واعطاء لكل ذي حق حقه بغض النظر عن منصبه أو رتبته وهذا علي النقيض من ممارسات أخري كثيرة حيث يكون التكريم للكبار أساسا حيث يتم تجسيد »جماعية الكبار« الذين يمارس البعض منهم »الاستئثار بما تحققه شركته أو مؤسسته أو الكيان الذي يمثله أيا كان.. فيكونوا بذلك مجسدين لفكر البلدوزر الحاصد لجهود الآخرين. 2 أن العمل الجماعي يتصف بوجود نظام متكامل لأنه إذا حدث ثغرة به في الأداء علي أي مستوي تأثرت كل المنظومة التفاعلية وبالتالي كان لابد أن يكون الاهتمام بكل عناصر المنظومة وليس بقيادتها فقط. 3 أن المساعد الفني والرقيب والعريف قد حصلوا علي وسام نجمة سيناء مثلهم في ذلك مثل المشير، وأن المكافأة المادية والمعنوية كانت متكافئة بلا انتقاص، وهنا لابد أن ننظر إلي هذه الفجوة البشعة التي اصبحت تتخلل العديد من ممارسات العمل الإداري اليوم في قطاعات عديدة ولعلي اضرب لكم هذا المثل والذي جعلته علي شكل عنوان في كتاب في طور الكتابة عن فجوة الإدارة في واقعنا الثقافي.. والعنوان هو »أبوثلاثة وأبو21 ألف وأبو 54 ألف«.. والقصة الطريفة المؤسفة تمثلت في الآتي حيث كان أحد المدربين يقدم تدريبا بإحدي الشركات وإذا بمتفاعلين مشاغبين يمارسون بعض الشغب التفاعلي الذي اعتاد علي التعامل معه كل المدربين من أصحاب الخبرة الطويلة وهنا يلفت المدرب نظر مدير التدريب في الاستراحة إلي ضبط »حفنة المشاغبين« وهنا يرد مدير التدريب بأن لا سلطان له عليهم وأن هناك شخصا آخر يمكنه القيام بذلك وهنا يطلب المدرب منه أن يوصله بذلك الشخص ويحدث ويستجيب بقوله انه سيكون حاضرا بعد عشر دقائق.. في تلك الاثناء يقول مدير التدريب للمدرب احسنت بما فعلته لأن هؤلاء يحتاجون إلي ضبط سلوك وضبط أداء.. ويبادر فيقول انت عارف انهم بيحصلوا علي 21 ألف جنيه شهريا وأنا الذي اخدم لسنوات وخبرتي افضل منهم احصل علي ثلاثة آلاف، فسأله المدرب وكم يحصل عليه من سيأتي »لشدهم« قال أ.فلان بيأخذ »خمسة واربعين ألفا في الشهر«.. وهذا مجرد مثال من عشرات الأمثلة المماثلة التي تثير أهمية مبدأ تحقيق العدالة المهنية والإدارية. وهو مبدأ أصبح مفتقدا ومختلا في كثير من تفاعلات واقعنا الثقافي ولعل ما أوضحته هذه القراءة في قائمة أوسمة نصر رمضان أكتوبر 3791 يفيد بتعلم الدروس من ملحمة أكتوبر والعمل علي إعادة روح العدل المهني والإداري وكل المفاهيم الأخري التي ناقشناها.. والله ولي التوفيق وهو وحده المستعان.