هل نحن جديرون بك؟ أم الدنيا.. أم الصابرين. عاقون نحن، واعترافنا لا يخفف من جرمنا في حقك.. يوما قالها أحد أبنائك: الزمن شاب وأنت شابة. هو رايح وأنت جاية.. الآن، الأهوال أثقلت كاهلك، وما عدت تلك الشابة التي تقاوم علي مدي آلاف السنين: الغزاة، الظلمة، المستبدين، اللصوص، المغامرين، وكل صنوف البشر ممن لا يرون فيك إلا غنيمة أو فرصة! اليوم يا أم الصابرين فاض صبرك، وانتبهت علي مفارقة الزمن الذي قاومته طويلا، يكاد يغلبك، لأن أبناءك خذلوك، وباعوك، وانفضوا من حولك، وإن زعموا أو ادعوا غير ذلك! يا أمنا، يا من كنت أما للدنيا، لا يصيبك إلا نظرات تشف أو شفقة، ممن علمتهم معني الحضارة، وأفضت عليهم من خيرك وعلمك، وكان البررة من أبنائك خير سفراء لك، فانقلب الحال، ومالت الموازين واختلت بأياد من تخلوا عنك، أو قدموا مصالحهم الأنانية علي واجبهم نحوك! اعتذر عن كل هؤلاء، وأقول لك: صباح الخير يا مولاتي. يا مصر، يا أمي وتاج رأسي وعفوك عن السفهاء ممن يدعون بنوتهم، غير أن كل تصرف يفضحهم، ونعدك ألا صبر بعد الآن في مواجهة العاقين، الغافلين، الكارهين لنهوضك، المباركين لتراجعك. كل سنة وأنت يامصر سالمة رغما عن أنف كل من لا يقدرك حق قدرك.