عبدالحمىد عىسى الشيء المؤكد ان الزمن لم يتغير فاليوم مازال عدد ساعاته أربعا وعشرين ساعة والساعة مازالت ستين دقيقة والدقيقة ستين ثانية، فهل انتقلنا إلي كوكب غير الأرض جعلنا نردد دائما: ما أصعب هذا الزمان وما أغربه، فقد أصبحت السرعة هي طابعه المميز، فاليوم لم يعد يكفي سوي للاستيقاظ صباحا لنبدأ يومنا من أوله والذهاب إلي العمل والعودة للغداء والنوم لنستقبل يوما جديدا آخر. انعدم الوقت المستقطع فاختفت معه تعليمات مهمة قد تفيد في تحقيق أهداف حيوية. نزعت في عصر السرعة البركة واصبحنا نشعر ان الأيام تمر علينا بسرعة الصاروخ حتي اننا اصبحنا أيضا لا نستطيع ان نقتطع جزءاً من هذا اليوم لنحاسب فيه انفسنا. ومنذ دخول هذا العصر توارت حاسة التذوق لكنها كانت رحيمة بنا حتي لا نشعر بالتهامنا لكل ما أفرزته هذه السرعة من غذاء غير كامل النمو وأولها رغيف الخبز الذي خرج من الفرن مسرعا ليكمل نضجه في بطوننا، ثم اخبار يتلاحق بعضها وراء الآخر، وخبر سريع يتغلب علي خبر آخر غير مكتمل، اشاعة سريعة تتحول إلي خبر حقيقي سريعا. حتي ان الحكومة قد استوعبت الامر، فظهر الدكتور هشام قنديل في الفجر - ليبدأ اليوم من أوله - وهو يصافح المواطنين ربما يستطيع ان ينتهي في آخر اليوم من مصافحة شعب مصر كله. القطامية.. المحروسة أنا متأكد ان كل ما يكتب في هذه الايام لا يجد صدي من أي مسئول إلا إذا كان هذا المسئول ينظر لمصلحة المواطن، وينحي جانبا ما يحدث في مصر، واضعا نصب عينيه انها ستعود ان آجلا أو عاجلا فهي ليست كأي بلد قد يختفي ولا يعود. اقول هذا ربما تقع هذه السطور ولو بالصدفة تحت بصر أحد المسئولين فهي مشكلة عامة لا اعلم علي من تقع مسئوليتها بعد ان اصبح أول ما تنفرد به القاهرة المحروسة هو رداءة طرقها مما أصاب معظم السيارات بعاهات مستديمة، وقد كتبت منذ فترة طويلة انك اذا كنت قادما بسيارتك من خارج حدود القاهرة وبعد قيادة عدة ساعات فلا تحتاج إلي من ينبهك إلي وصولك أرض قاهرة المعز، ولا تحتاج أيضا للافتة »اهلا بك في القاهرة« ولكن سيارتك الذكية هي خير من يقوم بهذه المهمة فستتعرف علي القاهرة من خلال أول حفرة تستقبلك لتأخذ سيارتك من هذه النقطة صعودا وهبوطا حتي تصل إلي مقصدك داخل القاهرة، وانا هنا كنت اتحدث عن نهاية طريق العين السخنة - القطامية الذي ما ان ينتهي حتي تجد نفسك أمام طوفان من عشوائية واتجاهات ورداءة طرق تظهر الفرق بين ما كنت قطعته من مئات الكيلو مترات التي شيدت معظمها قواتنا المسلحة وبين كيلو متر واحد يفصل بين الحضارة والعشوائية، فلو كنت عبقريا ومررت علي هذا الكيلو عدة مرات فلابد في كل مرة ان تصاب بفقدان الذاكرة. اظهر يا سمارة لم أكن اتوقع ان العنصرية البغيضة تظهر لتتسلل الي مشتقات البترول لتوقف البترول »الاسمر« عند حده في نوع من التحدي لاختراق حظر التمييز. ففي فترة من الفترات كان الاقبال شديدا علي شراء موتور للسيارة يعمل بالسولار او شراء سيارة اصلا تعمل بهذا المشتق الاسمر نظرا لكثرته ورخص ثمنه في تلك الفترة، أما الآن فقد اشتكي المصنع واشتكت ماكينة الري والكهرباء.. ووقفت السيارات في طوابير طويلة اغلقت معظم الشوارع الرئيسية فباتت ليلتها امام محطة البنزين ولسان حالها يقول »اظهر يا سمارة يا أبو دم خفيف«.