الإنسان بشر يجتهد ومهما كان اجتهاده للوصول الي القرار الصحيح فإن احتمالات الخطأ واردة، والاعتراف بالخطأ لا يقدر عليه الا الكبار الذين يجعلون من حياتهم محطات يراجعون فيها انفسهم اما صغار النفوس فيبحثون عن الاعذار ليخفوا خلفها أخطاءهم، والكبار يلتمسون في الشوري الخير أما صغار النفوس فلا يفضلون الاستئناس برأي من حولهم خشية ان يظهر ذلك عدم كفاءتهم او عجزهم عن اتخاذ القرارات، والكبار يبتعدون عن الصحبة التي تمدح ولا تنصح ويتخذون بطانة تذكرهم عند النسيان وتقومهم عند الخطأ فيتعافون من التقارير الكاذبة الخادعة التي يرفعها اليهم بطانة المتملقين المستنفعين وفي الحديث »إذا أراد الله بالأمير خيراً جعل له وزير صدق ان نسي ذكره وأن ذكر أعانه«.. والكبار ينزلون الي الميدان يطلعون علي الواقع ويسارعون بالتصحيح وقد يتصور كثير من الناس أن الاعتراف بالخطأ او تقديم الاعذار من قبيل الاهانة وإضعاف الذات في حين أنه كلما ازدادت ثقة الشخص بنفسه كان اشجع علي الاعتراف بالخطأ والرجوع الي فضيلة الحق فلم يمنع مقام النبوة من أن يعتذر سيدنا سليمان عن فعل ارتكبه حين انشغل بعرض الخيل للجهاد حتي مغرب الشمس مما شغله عن ذكر الله، وعندما تردد ابو بكر الصديق رضي الله عنه في جمع القرآن اقتداء بشيء لم يفعله الرسول -صلي الله عليه وسلم - لم يمنعه مقام الخلافة من الرجوع عن هذا القرار امام تكرار طلب عمر بن الخطاب رضي الله عنه جمع القرآن خشية ضياعه وعندما أخطأ عمر رضي الله عنه في شأن مهور النساء اعترف بخطئه علي مسامع الناس حين ردته امرأة وقال: »أصابت امرأة وأخطأ عمر« كما كانت مقولة الإمام الشافعي »رأينا صواب يحتمل الخطأ ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب« ما يدل علي سعة الأفق في تقبل جميع الآراء.. اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.